معارك دامية في غزة وواشنطن تسقط مشروع وقف النار في مجلس الأمن

أربيل (كوردستان24)- أسقطت الولايات المتحدة من خلال الفيتو، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار فورا في قطاع غزة، بينما تتواصل الحرب بين إسرائيل وحماس وسط دعوات أممية لإنهاء "إزهاق أرواح الفلسطينيين".

وعقد مجلس الأمن الجمعة جلسة طارئة بدفع من غوتيريش، وتمّ التصويت على مشروع قرار يدعو إلى وقف "إطلاق نار إنساني فوري" في قطاع غزة.

وصوّتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار الذي طرحته الإمارات وحظي بدعم عشرات الدول غير المنضوية في مجلس الأمن، ومنظمات دولية وإنسانية.

في المقابل، امتنعت المملكة المتحدة عن التصويت، بينما عارضت الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، المشروع واستخدمت الفيتو، ما أدى إلى إسقاطه.

واعتبر نائب المندوبة الأميركية روبرت وود أن المشروع "منفصل عن الواقع" و"لن يؤدي إلى دفع الأمور قدما على الأرض".

ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية "إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار" بسبب استخدام الولايات المتحدة الفيتو بأنه "وصمة عار ورخصة جديدة لدولة الاحتلال لمواصلة التقتيل والتدمير والتهجير".

وقال أشتية إن "استخدام الفيتو يكشف أكذوبة الحرص على أرواح المدنيين" معتبرا ما جرى "إهانة لأحرار العالم وانتهاك لقيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان".

من جهته قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق "ندين بشدة استخدام واشنطن الفيتو... ونعدّه موقفا لا أخلاقي ولا إنساني"، مضيفا "عرقلة أميركا صدور قرار بوقف النار هي  مشاركة مباشرة للاحتلال في قتل أبناء شعبنا وارتكاب مزيد من المجازر والتطهير العرقي".

واندلعت الحرب ردا على هجوم دامٍ وغير مسبوق شنّته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر في إسرائيل، أوقع 1200 قتيل معظمهم مدنيون حسب السلطات الإسرائيلية، واتخذت خلاله الحركة 240 رهينة.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 17487 قتيلا، نحو 70% منهم نساء وأطفال.

يعاني القطاع نقصا في الغذاء والماء والوقود والأدوية في وقت نزح 1,9 مليون شخص أي 85% من سكانه وسط دمار وأضرار طالت نصف مساكنه. وتقول الأمم المتحدة إن هؤلاء يواجهون أيضا تهديدا متزايدا لانتشار الأمراض.

 

عقاب جماعي

وسبق التصويت تحذير منظمات غير حكومية دولية، بينها "أنقذوا الأطفال"، من أن "أولئك الذين نجوا من القصف أصبحوا معرضين الآن لخطر الموت الوشيك بسبب الجوع والمرض".

كما دعا المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة.

وأتى موقف لازاريني قبل ساعات من بدء جلسة مجلس الأمن. وفي بدايتها، قال غوتيريش إن "وحشية" حماس لا يمكنها تبرير "العقاب الجماعي" للفلسطينيين.

وأضاف "أدين بلا تحفظ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر"، معتبرا أن "لا مبرر لقتل نحو 1200 شخص عمدا، بينهم 33 طفلا، وإصابة آلاف آخرين، واحتجاز مئات الرهائن"، مضيفا "في الوقت نفسه فإن الوحشية التي مارستها حماس لا يمكنها تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".

وكان غوتيريش وجّه الأربعاء رسالة إلى مجلس الأمن استخدم فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر"، في أول تفعيل لها منذ عقود.

وكانت واشنطن أكدت حتى قبل التصويت، معارضتها وقف النار.

وقال وود "في حين تدعم الولايات المتحدة بشدة السلام المستدام الذي يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمن وسلام، لا ندعم الدعوات إلى وقف فوري للنار" لأن ذلك "لن يؤدي سوى إلى زرع بذار الحرب المقبلة".

وسبق لمجلس الأمن أن رفض في الأسابيع التي تلت اندلاع الحرب أربعة مشاريع قرارات في ظل انقسام الدول الكبرى.

وتتالت الدعوات الجمعة لحضّ المجلس على تبنّي قرار لوقف النار.

فقد دعا وفد يضم وزراء خارجية دول عربية وتركيا زار الولايات المتحدة الجمعة إلى وقف فوري للأعمال القتالية في غزة. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان باسم هؤلاء "نعتقد أن من الضروري وضع حد للمعارك في شكل فوري".

من جهتها، اعتبرت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة أن عدم تحرك مجلس الأمن يجعله "شريكا في المجزرة" بغزة.

وخرج المجلس عن صمته أخيرا في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر باعتماده قرارا دعا إلى "هدنات وممرات إنسانية" في قطاع غزة، وليس إلى "وقف للنار".

 

محاولة فاشلة لإنقاذ رهائن

وبعدما ركّز الجيش هجومه البرّي في مرحلة أولى في شمال غزة، وسع عملياته هذا الأسبوع إلى الجنوب حيث يحتشد زهاء مليوني شخص باتوا محاصرين في بقعة تضيق مساحتها تدريجا.

وتواصلت المواجهات الجمعة في مدينة غزة وخانيونس ودير البلح والنصيرات، بما يشمل عمليات برّية وقصف جوي وبحري نفّذها الجيش الإسرائيلي.

وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة إن القتال احتدم خصوصا في قطاع خانيونس، واصفا إياه بأنه "معقل مهم لمنظمة حماس الإرهابية".

وقال العميد دان جولدفوس، قائد الفرقة 98 في الجيش في مقطع فيديو "تمركزنا وسط المدينة"، مؤكدا "نواصل العمل بشكل منهجي ودقيق، والانتقال من نفق إلى نفق، ومن منزل إلى منزل، وضرب الإرهابيين بأكبر قدر ممكن من الدقة".

منذ اندلاع الحرب، لم تتوقف المعارك سوى سبعة أيام تخللها تبادل رهائن ومعتقلين، والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

والجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جنديين "بجروح خطرة" خلال عملية فاشلة هدفت إلى تحرير رهائن ليلا في غزة، فيما أعلنت حماس مقتل محتجز خلال العملية.

وقال الجيش في بيان إن جنديين "أصيبا بجروح خطرة خلال عملية لإنقاذ رهائن تحتجزهم حماس". أضاف "خلال العملية، قُتل كثير من الإرهابيين الذين شاركوا في خطف الرهائن واحتجازهم"، مؤكدا "عدم إنقاذ أي رهائن".

من جهتها، قالت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، في وقت سابق إن مقاتليها أحبطوا "محاولة صهيونية للوصول إلى أحد الأسرى الصهاينة فجر اليوم".

ونشرت مقطع فيديو يظهر ما قالت إنها جثة المحتجز. ولم تتمكن فرانس برس من التأكد من صحته في شكل مستقل.

وحضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على فتح معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة لإيصال المساعدات. وذكرت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون تحدث مع نتانياهو عن "ضرورة حماية المدنيين في غزة وشدد على أهمية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".

وكررت الولايات المتحدة موقفها إزاء تزايد عدد القتلى المدنيين. وشدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على "وجوب أن تجعل إسرائيل حماية المدنيين أولوية"، مشيرا إلى وجود تفاوت بين النية المعلنة و"النتائج".

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال مع نتانياهو الخميس "الحاجة الماسة" لحماية المدنيين مع احتدام القتال، داعيا إلى إنشاء ممرات إنسانية "لفصل السكان المدنيين عن حماس".

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في دبي إن "الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه".

وتستمر أعمال العنف أيضا في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين خلال توغل في مخيّم الفارعة للاجئين الجمعة، حسب وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية.

ومنذ بدء الحرب، قُتل أكثر من 260  فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وتثير الحرب مخاوف من تحول النزاع حربا إقليمية. ومنذ اندلاع الحرب في غزة، تشهد المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، باستثناء هدنة الأيام السبعة في غزة.

وأصيب ثلاثة جنود لبنانيين الجمعة بجروح طفيفة جراء نيران إسرائيلية في جنوب لبنان حسب مصادر طبية. من جهته تحدث الجيش اللبناني عن هجوم إسرائيلي ضد مركز طبي عسكري، دون وقوع ضحايا. وأعلن حزب الله مقتل ثلاثة من عناصره الجمعة.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أسفرت أعمال العنف الحدودية عما لا يقل عن 120 قتيلا في لبنان، غالبيتهم من مقاتلي حزب الله، فضلا عن 16 مدنيا بينهم ثلاثة صحافيين.