الانضمام القسري.. مرور 98 عاماً على انضمام جنوب كوردستان إلى العراق

Kurd24

‏تمر في السادس عشر من كانون الأول هذا العام الذكرى 98 ‏من انضمام جنوب كوردستان (ولاية الموصل) إلى العراق بموجب قرار صدر من قبل عصبة الأمم آنذاك، والذي كان قد استند إلى الرأي النهائي للجنة تقصي الحقائق، كانت العصبة قد شكلتها في الواحد من تشرين الأول 1924 بعد اصرار كل من العراق وتركيا على أحقيته في امتلاك جنوب كردستان!.

القرار الذي أصدره مجلس عصبة الأمم كان قد ضمن مادة فيما يتعلق بالكورد، فقد أوصت بريطانيا بصفتها الدولة المنتدبة للعراق في أن تبسط التدابير التي سوف تتخذ لتأمين "الضمانات المقطوعة للأكراد" فيما يتعلق بالإدارة المحلية التي أوصت بها لجنة التحقيق في استنتاجتها النهائية.

وكانت لجنة تقصي الحقائق قد وصلت إلى مدينة الموصل في الـ 29 من كانون الثاني 1925 وأجرت مقابلات وزيارات في المدينة وأقضيتها ذات الأغلبية الكوردية، ثم زارت مدينة السليمانية كركوك وعادت إلى الموصل في الثامن من آذار 1925، ‏وقد طرحت اللجنة عندما مقابلتها الكورد ومندوبي القرى سؤالا محدداً كان: هل تريد الانضمام إلى العراق أم إلى تركيا؟ ويبدو أن أغلبهم كان مع الانضمام إلى العراق وذلك لأسباب، منها أنهم تبشروا خيراً إن هذه الدولة الحديثة التي كانت تجامل الكورد وتسمى منطقتهم بـ "بلاد الكرد" و"جنوب كوردستان"، والذي أثر فيهم أكثر أن هذه المملكة يحكمها الملك "فيصل بن الحسين" والذي يعتبر نفسه من سلالة النبي، فظنوا أنه سيكون عادلاً معهم، أضف أن توقيت زيارة اللجنة جاء تزامناً مع قضاء الكماليين بأبشع الطرق والوسائل على انتفاضة حركة الشيخ سعيد بيران في كوردستان تركيا ما قد قضى على أيّ تعاطف لوريثة الدولة العثمانية "تركيا".

بالعودة إلى التاريخ والوقائع هل كانت هذه الدولة التي اختار الكورد مرغمين الانضمام إليها يتمنون، خاصة فيما يتعلق بحقوقهم في إدراة مناطقهم واستخدامهم للغتهم الكوردية في المدارس والدوائر الحكومية وفق قرار عصبة الأمم؟ الجواب طبعاً لم تكن كذلك!.

بالعكس تماماً فبعد أن أيقنت مملكة العراق بأن جنوب كوردستان أصبح جزءاً منها، حاولت بشتى الطرق أن تحكم هذه المنطقة بمركزية شديدة، فهي بينما كانت تستعد لتحصل على استقلالها الشكلي من بريطانيا وفق معاهدة 1930 بين الحكومة العراقية والجانب البريطاني، والتي رسمت ملامح هذه الدولة المستقلة، فوجىء الكورد بأنها (المعاهدة) لم تتضمن أي إشارة إلى حقوق القومية لهم، فحاولوا أن يعترضوا عليها بمظاهرات في مدينة السليمانية، شارك فيها أكثر من ألفي شخص في أيلول 1930، إلا أنها جبهت باستخدام القوة العسكرية في السادس من أيلول والذي أدى إلى استشهاد 12 متظاهر وجرح عدد منهم.

لم تقف الحكومة العراقية هنا بل وجهت بوصلتها نحو منطقة بارزان بعد عام تحديداً في (1931-1932). هذه المنطقة الوحيدة التي لم يصل إليها حكم بغداد، فأرادت أن تبسط السيطرة عليها باستخدام القوة العسكرية بحجة إقامة الإدارة المدنية فيها، حيث بدأت ببناء المخافر ومراكز الشرطة والجيش بالرغم من تسأولات أهالي المنطقة من جدوى بناء هذه المخافر وعدم بناء المستشفيات والمدارس!.

وفعلاً اتضحت نية الحكومة العراقية فيما بعد، حيث تم تجربة قدرات الجيش العراقي الذي أسسه البريطانيون لأول مرة من هذه المنطقة، فقد تم استقدام ‏هذه التجارب، وأيقن الكورد أن حملهم للسلاح هو الذي سيحميهم من محاولات بغداد لانصهارهم، لاحقاً أصبحوا يرددون "ليس هناك أحلى من الموت في سبيلك يا كوردستان". هذا سلاح استطاع أن يرجع لهم في عام 1970 الضمانات التي كانت عصبة الأمم قد أوصت أن تعطي لهم عند انضمام بلادهم في عام 1925، أي "الحكم الذاتي" هذا الحق الذي قال عنه الكاتب الكوردستاني الكبير جرجيس فتح الله (1920-2006) بأنه "حق استرجعناه بعد 45 عاماً من الكفاح"!.

هذه سنوات الـ 98 التي مرت، لم تستطيع الدولة العراقية خلالها بكافة أنظمتها من الملكية للجمهورية، و نظام الحزب الواحد، إلى سقوطه في عام 2003، وتشكيل نظام جمهوري فيدرالي في عام 2005 إلى الآن ونحن في عام 2023، ‏لم تستطع أن تُشعر الكوردستاني بأنه جزء من هذه الدولة! كذلك لم يستطع الكورد أن يتخلوا عن السلاح الذي أصبح رفيقهم وضمان وجودهم، هذه السنوات تقترب من قرن من الزمن ونحن في كوردستان لم نشعر بأن بغداد عاصمتنا!.