مجلس الأمن يدعو لمزيد من المساعدات إلى غزة في ظل وضع إنساني كارثي

أربيل (كوردستان24)- تواصل القصف والعمليات البرية للجيش الإسرائيلي الجمعة في غزة، حيث صار الوضع الإنساني كارثيا، فيما طالب مجلس الأمن الدولي بإيصال المساعدات الإنسانية "على نطاق واسع" إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.

صدر قرار المجلس إثر مفاوضات شاقة، وبعد عدة تأجيلات للتصويت لتجنب فيتو أميركي جديد، وهو يدعو "كل الأطراف الى إتاحة وتسهيل الإيصال الفوري والآمن ومن دون عوائق لمساعدة إنسانية واسعة النطاق" إلى غزة.

ويطالب النص باتخاذ إجراءات "عاجلة" بهذا الصدد و"تهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال القتالية". ولتجنب فيتو أميركي، لم يدع إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية" كما ورد في المسودة الأولى التي أدخلت عليها تغييرات عدة.

وعلّق وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين على القرار عبر منصة إكس قائلا إن بلاده "ستواصل لأسباب أمنية فحص كافة المساعدات في جميع المساعدات الإنسانية المقدمة لغزة".

واعتبرت حركة حماس أن قرار مجلس الأمن "خطوة غير كافية، ولا تلبّي متطلبات الحالة الكارثية التي صنعتها آلة الإرهاب العسكري الصهونية في قطاع غزة".

أما السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور فوصف القرار بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكنه كرر دعوته لوقف فوري لإطلاق النار، تماما مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وأكد غوتيريش أن الطريقة التي تنفذ بها إسرائيل "هجومها" أوجدت "عقبات كبرى" أمام توزيع المساعدات، مشددا على أن وقف إطلاق النار وحده هو "السبيل الوحيد لتلبية الاحتياجات الماسة للسكان في غزة ووضع حد لكابوسهم المستمر".

 

مساعدات غير كافية

تعهدت إسرائيل تدمير حماس التي تصنفها هي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، وذلك ردا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة في 7 تشرين الأول/أكتوبر على أراضيها، وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى الحصيلة الإسرائيلية.

كما احتجز مقاتلو حماس وفصائل أخرى نحو 250 رهينة، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، بحسب إسرائيل.

وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى الآن 20057 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 50 ألف جريح، وفق أحدث حصيلة صادرة عن السلطات في القطاع الذي تحكمه حماس.

على الصعيد الإنساني، تتدفق المساعدات إلى القطاع الساحلي الضيق والمحاصر والذي صار قسم كبير منه مدمرا.

وقال السائق سعيد عبد الحميد في معبر كرم أبو سالم بين الدولة العبرية وقطاع غزة، "أنا فخور بتقديم المساعدة لإخواني الفلسطينيين".

وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس الجمعة "أنا لست خائفا من توصيل المساعدات إلى غزة. إذا سمحوا لي بالعودة، فسأعود إلى الشمال (في قطاع غزة). نحن ننتظر هنا منذ ساعات".

وتحذر منظمات غير حكومية ووكالات الأمم المتحدة أن المساعدات المتدفقة عبر معبري كرم أبو سالم ورفح غير كافية إلى حد كبير.

 

قتال شوارع

ميدانيا، أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل أكثر من 410 فلسطينيين خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، من بينهم 16 الجمعة في قصف أصاب منزلا في جباليا (شمال) وخمسة بينهم أربعة أفراد من عائلة واحدة في هجوم على سيارة في رفح (جنوب). 

وبالإضافة إلى القصف الجوي، أطلق الجيش الإسرائيلي في 27 تشرين الأول/أكتوبر هجوما بريا في شمال القطاع، وسّعه لاحقا نحو الجنوب، وأعلن السيطرة على عدة مناطق، لكنه فقد أيضا 139 عنصرا.

في أحياء مدينة غزة، بما فيها الشجاعية، تدور معارك بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي الفصائل الفلسطينية من شارع إلى آخر، وفي كثير من الأحيان من مبنى إلى آخر.

وتعلن إسرائيل بانتظام تدمير أنفاق وبنى تحتية ومصادرة أسلحة، بينما تعلن حماس وبقية الفصائل تدمير دبابات وآليات وقنص جنود إسرائيليين واستدراجهم إلى كمائن، فضلا عن إطلاق صواريخ نحو مناطق متفرقة في الدولة العبرية.

وتحذّر وكالات الأمم المتحدة منذ أسابيع من الوضع الكارثي للمدنيين في القطاع الفقير والمكتظ، حيث دمر القصف الإسرائيلي أحياء بأكملها وشرد 1,9 مليون غزّي، أي 85% من السكان بحسب الأمم المتحدة.

 

تعبنا

أصدر الجيش الإسرائيلي الجمعة أمر إخلاء لسكان مخيم البريج للاجئين (وسط) والأحياء المحيطة به. وقال في الأمر "من أجل سلامتكم عليكم الانتقال بشكل فوري إلى المآوي في دير البلح" وسط القطاع.

وقالت النازحة الفلسطينية-المصرية ولاء المديني "رسالتي للعالم أن ينظروا إلينا. يروا كيف الشعب. متنا نحن. ماذا ينتظرون. تعبنا. أنا من الناس التي تعبت. أنا لا أنام. لم أنم منذ أربعين يوما".

وأضافت "كنا عايشين في الشجاعية، فجأة وقع قصف، استشهدت ابنتي في حضني، بعد ساعات أخرجوني من تحت الركام أنا وابني".

ويواجه نصف مليون شخص، أي قرابة ربع السكان، خطر الجوع بحسب تقرير صادر عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم. وفي الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، أنفسهم في الوضع نفسه.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تسعة فقط من مستشفيات غزة البالغ عددها 36 لا تزال تعمل جزئيا، وفق منظمة الصحة العالمية.

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس مساء الجمعة عبر منصة إكس "الجوع موجود، والمجاعة تقترب في غزة. السكان يتضورون جوعا ويبيعون أغراضهم مقابل الغذاء"، مضيفا "الآباء يحرمون أنفسهم حتى يتمكن أطفالهم من تناول الطعام، وهو أمر كارثي على الحالة الصحية للسكان في جميع أنحاء قطاع غزة".

 

تعنّت

وتتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى هدنة ثانية. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعا في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر قد أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 أسيرا فلسطينيا وإدخال المزيد من المساعدات للقطاع.

لكن طرفي النزاع يبديان تعنتا: فحماس تطالب بوقف العمليات العسكرية قبل إجراء أية مفاوضات بشأن الرهائن. وإسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل "القضاء" على حماس.

ويؤجج النزاع أيضا التوترات في المنطقة، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة مقتل أحد جنوده وإصابة آخر بجروح خطيرة بنيران من لبنان المجاور.

وقال الجيش في بيان إن الجنديين تعرضا للاستهداف خلال "نشاط عملياتي" في منطقة شتولا قرب الحدود اللبنانية، في حين أن تبادل القصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني يكاد يكون يوميا.