الحكومة العراقية تثق بداعش أكثر من حكومة إقليم كوردستان

Kurd24

العلاقة بين الحكومة الفيدرالية العراقية وحكومة إقليم كوردستان معقدة وتتأثر بالعوامل السياسية والاقتصادية والإقليمية. ويوماً بعد يوم تضعف هذه العلاقة بسبب التدخلات الكبيرة من المحكمة العليا ودول المنطقة بناءً على مصلحتها وبعيداً عن روح الدستور العراقي. ولنتناول هذه العلاقات:

1. الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم كوردستان: تاريخياً، اتسمت العلاقة بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة إقليم كوردستان بالتوترات حول قضايا مثل السيطرة على الموارد الطبيعية والأراضي وتقاسم السلطة. وكانت الخلافات حول عائدات النفط والمناطق المتنازع عليها مثل كركوك ومسائل الحكم الذاتي هي نقاط الخلاف الرئيسية. ولم تلتزم الحكومة الفدرالية بالدستور العراقي مما زاد من حدة التوترات بينهم.

2. داعش والعراق: تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) هو منظمة إرهابية ظهرت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. سعى داعش إلى إقامة خلافة إسلامية ونفذ العديد من أعمال العنف، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي في العراق. وقد حاربت الحكومة العراقية، إلى جانب التحالفات الدولية، بقوة ضد تنظيم داعش لمواجهة نفوذه واستعادة السيطرة على الأراضي التي استولت عليها.

3. داعش والإقليم: لقد سعى داعش للسيطرة على مدينة أربيل عاصمة الإقليم ولكن قوات البيشمركة حاربتهم بكل قوة وأوقفت تمددها للسيطرة على المحافظات فى الإقليم ومن ضمنها مدينة كركوك بدعم من التحالفات الدولية.

تخشى الحكومة العراقية حكومة إقليم كوردستان أكثر من خوفها من داعش. في الوقت نفسه كانت حكومة إقليم كوردستان تحارب داعش أيضاً للدفاع عن سيادة العراق، وأثرت ديناميكيات القوة الإقليمية والقضية الكوردية الأوسع على العلاقات بين الجانبين. وفي بعض الحالات، كانت هناك مناورات تكتيكية وتركيز على أولويات مختلفة.

وبالعودة إلى عام 2014، عندما سيطر داعش على ثلث العراق، خاصة مناطق مثل الموصل وصلاح الدين والأنبار، لم توقف الحكومة الاتحادية رواتب الموظفين في هذه المحافظات ولو لشهر واحد. لكن في الوقت نفسه، خلال الحرب ضد داعش، أوقفت الحكومة الاتحادية رواتب موظفي حكومة إقليم كوردستان. واعتمدت الحكومة الاتحادية على إرسال هذه الرواتب إلى داعش لتمريرها إلى موظفي الحكومة. إلا أنهم لم يرسلوا رواتب موظفي حكومة إقليم كوردستان، مما اضطر حكومة إقليم كوردستان إلى دفع رواتب الموظفين، مما اضطر حكومة الإقليم إلى استخراج وتصدير النفط لدفع رواتب الموظفين.

وبعد إقرار الموازنة الثلاثية (2023، 2024، 2025)، بلغت حصة حكومة إقليم كوردستان في الموازنة الثلاثية أكثر من 16 تريليون دينار عراقي سنوياً. لكن الحكومة العراقية لم ترسل هذه الحصة تحت مختلف الحجج القانونية وبدعم من المحكمة الاتحادية. يتم إرسال القروض المعتمدة فقط. وهناك مشروع تعديل للموازنة سيعرضه السيد السوداني على مجلس الوزراء يوم الثلاثاء للموافقة عليه. وينص هذا التعديل على فصل رواتب الموظفين عن النفقات التشغيلية وربطها بالنفقات الإدارية أسوة بالمحافظات العراقية الأخرى. وإذا وافق عليه مجلس الوزراء، فسيتم إرساله إلى البرلمان للموافقة عليه. كما سيطلب السيد السوداني قرضًا آخر للإقليم لدفع رواتب الموظفين في أكتوبر 2023.

وبعد استلام التعديل من قبل مجلس النواب، ستحيله رئاسة البرلمان إلى اللجنة المالية لدراسته. وهنا ستضع اللجنة المالية شرط دفع رواتب موظفي الإقليم عن طريق الكي كارد أسوة بالموظفين في عموم العراق. وهذا الإجراء مخالف للدستور، بحسب المادة 121. ويعكس هذا الإجراء عدم ثقة البرلمان بحكومة إقليمية دستورية، الأمر الذي سيؤثر على سيادة الإقليم والعلاقات المستقبلية بين الحكومة الاتحادية وحكومات الإقليم. والسؤال هو: لماذا لا تثق الحكومة الاتحادية بسيادة حكومة إقليم كوردستان المنصوص عليها في الدستور العراقي؟ وفي الوقت الذي كانت الحكومة ترسل رواتب الموظفين عبر تنظيم داعش، إلا أنها لا تثق بقيام حكومة الإقليم بتوزيع رواتب موظفيها.

إن هذا الموقف الجائر من قبل الحكومة الاتحادية والمحكمة العليا سيدفع حكومة إقليم كوردستان إلى اتخاذ خطوة جذرية لحماية حقوقها وحقوق شعبها على أساس الدستور.

ولذا يجب على الجميع العمل على بناء الثقة بين كافة الأطراف العراقية والرئاسات الثلاث لبناء عراق جديد يحترم الدستور ويعمل على تنفيذه كخريطة طريق لمستقبل الأجيال القادمة. وإلا فإن العراق سوف يدخل في دوامة من عدم الاستقرار تضر بمصالح العراقيين ككل.