قلق متزايد على مدنيي غزة وحصيلة القتلى نحو 30 ألفا رغم مساعي الهدنة

أربيل (كوردستان24)- تزايد الأربعاء القلق الدولي بسبب الظروف التي يعيشها أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة رغم الآمال بالتوصل الى هدنة محتملة تعمل عليها الدوحة والقاهرة وواشنطن بعد نحو خمسة أشهر من اندلاع الحرب المدمّرة بين إسرائيل وحماس.

وقصف الجيش الإسرائيلي مجددا قطاع غزة حيث خلّفت الحرب نحو 30 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، وتهدّد السكان بالمجاعة، وفق الأمم المتحدة. وتأمل الدول الوسيطة بالتوصل إلى هدنة قبل شهر رمضان.

وحذّرت الأمم المتحدة من "مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريبا" تهدد 2,2 مليون شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني المحاصر، لا سيما في الشمال حيث يحول الدمار الواسع والمعارك والنهب دون إيصال المساعدات الإنسانية.

وسبق للمنظمات الدولية أن حذّرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة جدا ولا تكفي حاجات السكان.

وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو أمام مجلس الأمن الدولي "ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة".

 

خطوة واحدة من المجاعة

وتحدّث راميش راجاسينغهام باسم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، عن تفشٍّ للمجاعة "لا يمكن تجنّبه تقريباً".

وقال "نحن في نهاية شهر شباط/فبراير، ويوجد ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة. ويعاني واحد من كلّ ستة أطفال تحت سنّ الثانية في شمال غزة من سوء التغذية الحاد والهزال".

وأضاف "عمليا، يعتمد جميع سكان غزة تقريبا على المساعدات الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة"، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.

وكرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارا أن اجتياح رفح لا مفرّ منه لتحقيق "نصر كامل" على حماس، مشيرا الى خطة لإجلاء المدنيين من المنطقة.

بلغ عدد الضحايا في غزة حتى الآن 29954 قتيلا، غالبيتهم العظمى مدنيّون، منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفق وزارة الصحة في القطاع.

في ذلك اليوم، نفّذت حماس هجوما على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.

كما احتُجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا في غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم قُتلوا.

وليل الأربعاء، قتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات دارت في بلدة بيت فوريك الواقعة شرق نابلس في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

وقالت "وفا" إنّه خلال تنفيذ الجيش الإسرائيلية عملية عسكرية في البلدة دارت مواجهات أصيب خلالها بشار حنني (25 عاماً) برصاصة في البطن نُقل على إثرها إلى أحد مستشفيات نابلس حيث ما لبث أن فارق الحياة.

كما نفّذ الجيش الإسرائيلي ليل الأربعاء عمليات في أنحاء متفرقة من الضفة ولا سيما قرب جنين والخليل وطولكرم وقلقيلية، وفقاً لوفا.

 

محيط من الحاجات

من جهته، قال رئيس المجلس النروجي للاجئين يان إيغلاند إنه لم يسبق له أن رأى "مكانا يتعرّض لهذا القدر من القصف على مدى هذه الفترة الطويلة مع سكان محاصرين الى هذا الحد دون أي منفذ".

وشدد في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" من رفح على أنّ المنظمات الإغاثية "غارقة في هذا المحيط من الحاجات".

ورفح هي النقطة الأساسية لدخول المساعدات التي تفتشها إسرائيل ولا تصل سوى بكميات محدودة جدا من مصر.

ولم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 كانون الثاني/يناير، بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية.

في الأثناء، تواصل قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) سعيا لهدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 آذار/مارس، تتيح الافراج عن رهائن المحتجزين داخل القطاع وإدخال مزيد من المساعدات الانسانية.

ويجري الحديث عن هدنة مدتها ستة أسابيع تطلق خلالها حماس سراح 42 إسرائيليا من النساء والأطفال دون سن 18 عاما إلى جانب المرضى والمسنين، بمعدل رهينة واحدة في اليوم مقابل إطلاق سراح عشرة معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وتطالب حركة حماس بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار خلال مقابلة في برنامج على شبكة "إن بي سي"، إلى أنّ شهر "رمضان يقترب وهناك موافقة من الإسرائيليين على وقف العمليات خلال رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن".

ورغم المحادثات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "إننا نبذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن. وأعتقد أن الضغط العسكري سيعيد المزيد من الرهائن".

يأتي ذلك فيما طالب نحو 150 إسرائيليا بإبرام اتفاق يتيح الإفراج عن الرهائن، وبدأوا في مسيرة تستمر أربعة أيام من بلدة رعيم في جنوب إسرائيل إلى القدس.

 

إبادة

وفي إطار الحراك الدبلوماسي، زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فرنسا حيث التقى الرئيس إيمانويل ماكرون، وشدّدا على ضرورة التوصّل إلى "وقف لإطلاق النار بسرعة كبيرة".

ودعا أمير قطر إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وقال إن العالم "يشهد إبادة جماعية للشعب الفلسطيني باستخدام التجويع والتهجير القسري" و"القصف الوحشي".

بدوره، اعتبر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الأربعاء أن نتانياهو "ينفذ إبادة ضد النساء والأطفال" في القطاع الفلسطيني المحاصر،وأنّ "الحكومة الإسرائيلية تريد عمليا إزالة الفلسطينيين" من القطاع.

في ما يتعلق بتغطية الحرب، بعث 55 صحافيا في المملكة المتحدة رسالة مفتوحة إلى السفارتين الإسرائيلية والمصرية للمطالبة بالسماح بدخول وسائل الإعلام الأجنبية "بحرية ومن دون قيود" إلى غزة.

ومع اقتراب رمضان الذي يحل في آذار/مارس، حثّت الولايات المتحدة إسرائيل على السماح للمصلّين من الضفة الغربية المحتلة بالوصول إلى المسجد الأقصى في القدس، بعد أن دعا الوزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى منعهم من ذلك خلال شهر رمضان.

من جهتها، دعت حركة حماس إلى تحرك جماهيري في الأقصى مع بداية شهر رمضان.

وقال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في خطاب متلفز الأربعاء "نداء إلى أهلنا في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل بأن يشدوا الرحال إلى الأقصى منذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك زرافاتٍ ووحداناً، للصلاة فيه والاعتكاف والقيام، وأن يكسروا الحصار عنه".

ودعت الولايات المتّحدة إسرائيل إلى فتح مزيد من المعابر لإيصال المساعدات لقطاع غزة.

وقالت سامنثا باور خلال زيارة إلى معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل والقطاع الفلسطيني "إننا نتحدّث مع المسؤولين الإسرائيليين حول ضرورة فتح مزيد من المعابر ومزيد من الممرّات إلى غزة حتى تتسنّى زيادة المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها بشكل كبير. هذه مسألة حياة أو موت".

وفي جنوب لبنان، قُتل ليل الأربعاء شخصان في قصف إسرائيلي أتى بعد ساعات من إعلان حماس أنها أطلقت عشرات الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه شمال الدولة العبرية.

كما قصفت إسرائيل مناطق قرب دمشق الأربعاء، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع السورية وسط تصاعد التوترات الإقليمية منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الغارات استهدفت "مواقع تتمركز ضمنها ميليشيات إيرانية وحزب الله اللبناني في ريف دمشق... وأسفرت عن مقتل عنصرين مواليين لحزب الله من الجنسية السورية".

وفي موسكو تبدأ وفود تمثيل معظم الفصائل الفلسطينية الخميس اجتماعاً بدعوة من الحكومة الروسية يهدف إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وقال مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، من موسكو لتلفزيون قطر الرسمي، إنّ "الهدف المركزي الأول هو طبعاً كيفية توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات الراهنة".

وأضاف أنّ "إحدى النقاط الأساسية التي سوف تناقش بالتأكيد هي موضوع حكومة وفاق وطني أو وحدة وطنية يمكن أن تشكّل لسدّ الطريق على مؤامرات نتانياهو في فرض تصوراته الخاصة بتكريس احتلال قطاع غزة أو إيجاد حفنة من العملاء ليعملوا تحت إشراف احتلاله".

وانضمّت نيوزيلندا الخميس إلى الدول الغربية التي تصنّف حماس بأكملها "كياناً إرهابياً"، معتبرة أنّ الهجمات التي شنّتها الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر قضت على أيّ إمكانية للتفريق بين جناحي الحركة السياسي والعسكري.

وقالت الحكومة النيوزيلندية إنّ "المنظمة بأسرها تتحمّل مسؤولية تلك الهجمات الإرهابية المروّعة"، معتبرة بذلك الذراعين العسكرية والسياسية كياناً إرهابياً، في خطوة تعني عملياً تجميد أصول الحركة في نيوزيلندا وحظر تقديم أي "دعم مادي" لها.