باختصار شديد... ماذا حدث في عام 2016 في الاقليم؟

Kurd24

في عام 2016 أصبح الانطباع العام لكثير من المواطنين في إقليم كوردستان أكثر تشاؤميا، حيث لم يسمع الا صوت الازمة المالية التي عصفت بإقليم كوردستان ورواتب الموظفين وصعوبة الحياة ولهيب ارتفاع الاسعار قياسا بتلك الرواتب وعدم شفافية عقود النفط... وباختصار شديد كانت سنة سيئة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم ذلك احتفل الكوردستانيون بالسنة الميلادية الجديدة دون ان يفكروا بأنهم واجهوا صعوبات كبيرة لتجاوزها وينتظرهم الكثير اذا لم يفهموا قواعد اللعبة الجديدة واللعب على اصولها، و قبل الولوج الى داخلها علينا ان نعلم كيف نوحد صفوفنا ونكون صوتا وموقفا واحدا والتعلم من دروس الماضي.. .والمشاهد التي رافقت عام 2016وهي:

- تفشي ظاهرة السباب والشتائم والتلاعب بالألفاظ أصبحت الميزة الوحيدة التي تفوق فيها معظم الساسة وعن جدارة حتى بعض الأحزاب الإسلامية السياسية لم تنج منها فيما كان منطق العيب وذكر أعراض الناس من الامور التي نهانا عنها الاسلام وعدها التجني على الغير... والسؤال هو اين ذهبت الصفات والخصال الحميدة للبشر والتراحم والتآلف ونزاهة اللسان؟!!  حتى بات انتهاك اعراض الناس ورمي المحصنات وتزوير الحقائق تتداول في البرامج الحوارية وشبكات التواصل الاجتماعي  بشكل اعتيادي ودون اي تقييد وكأنهم يستعرضون عضلاتهم ، ماذا حدث للارث الثقافي والاخلاق السامية ؟ توقف التفكير والتقيد بالتقاليد الموروثة والمبادئ الإنسانية الحميدة وحل محله التكفير وفي كل المجالات ....بالموجز الفصيح من يخالفهم الرأي هو اقبح بشر على وجه الارض!!!

- الوسائل الإعلامية دخلت هي الاخرى حياة كل اسرة ولفقت اتهامات باطلة للغير دون صدور اي أحكام من القضاء وتأجيج الفتن وحاولت خلق فجوة بين الأطراف السياسية وأعطت معلومات عسكرية دقيقة للعدو دون ان يكون هناك رادع ، حتى الحوارات بين الطرفين  يتمسك بزمامها المذيع ويوجهها الى حيث ما يشاء والى المسارات التي يريدها هو وليس عامة الناس.

- الأطراف والأحزاب السياسية عاشت خلال عام 2016 (حالة كلام) وليس (حالة حوار)، ومشاريع سياسية أعدها كل طرف الهدف من ورائها الضرب تحت الحزام (يقول صاحب الكتاب- الوافي في الكلام الوقافي- للشيخ ابو سفيان العاصي: اشترى احدهم سمكة ولفها بجريدة وفي الطريق ترطبت الجريدة فسقطت السمكة فغضب وأخذ يسب الجريدة قائلا: لعنة الله عليك ايتها الجريدة الوقحة كيف تحملين مئات الكيلوات من الكذب الضار، ولا تحملين كيلوا من السمك النافع).

- التخبط بالتصريحات لكل مشهد وحوار بين الاطراف السياسية ، أي كما قلت  حالة التلاعب بالألفاظ وتوجيه اتهامات للغير وطبعا من خلال الاستعانة بوسائل الاعلام لتمرير مواقفهم وعلى مبدأ (الاستعانة بصديق )، دون اي مسعى لإيجاد حلول واقعية وعملية للمشكلات لذلك لا يمكن الوصول إلى أي نتيجة أو حتى الارتقاء إلى حالة من حالات الحوار الصحي البناء،  فالحوار العقلاني الصحيح النابع من القلب وبما يعود بالنفع العام للشعب وقبول الرأي الآخر بكل رحابة صدر لابد في نهاية المطاف من أن يصل كل طرف من اطراف النقاش إلى نقطة التقاء يتفقون عليها، أيها السادة، لا تحولوا اختلافكم إلى خلاف ليمتد الى العنف، ومن ثم  الى تدمير حياتنا ومكتسباتنا التي هي ثمرة نضال شاق وطويل فقدنا الكثير من الأحبة والأعزاء على قلوبنا وما زال امامنا الكثير لانجازه، ومن هذا المنطلق على رؤساء الأحزاب إدراك ذلك ومنع إصدار أي تصريح إذا لم يكن صادرا من المكتب الإعلامي لأي حزب ومن أعلى المستويات خوفا من أن لا يفسد خلافهم للود قضية، والدليل على ذلك إدلاء بعض الساسة بتصريحات ضد طرف آخر فيما فند حزبه تلك التصريحات بحجة انها تمثل رأيه الشخصي وليس الحزبي!!!

- ولعل الجميع متفق معي على وجود وجوه ثابتة على الساحة السياسية منذ القرن الماضي والحالي دون الاعتماد على الوجوه الجديدة وكأن الإقليم لم ينجب غيرهم وهو أحد الأسباب الجوهرية في إفشال الحوارات السياسية في الحقب المختلفة.

- اللجنة الاقتصادية العليا في مجلس الوزراء لم تكن موفقة في تجاوز الأزمة المالية بل عقدتها أكثر، من خلال إصدار تعليمات أثقلت كاهل المواطن في شتى المجالات في فرض ضرائب ورسومات عديدة دون إعادة النظر بأسعار السلع والأدوية لتتناسب مع رواتب الموظفين مع تراجع الخدمات الأساسية من الكهرباء وشح مياه الشرب وغيرها... ويبقى الحال كما هو عليه إذا لم يتم تغيير اللجنة والاستعانة بباحثين ومختصين في الدوائر والمؤسسات الحكومية  والجامعات والمعاهد  وكما يقول المثل (أهل مكة ادرى بشعابها)، والتأريخ خير شاهد على ما نقول حيث قامت دول كبرى وأعظم منا بمراجعات شفافة للسياساتها دون خوف أو خجل أو تردد.

- البرلمان لم يتم تفعيله هذا العام.. والكلام بيني وبينكم اذا تم تفعيله ام لا فلا يزيد ولا ينقص من الأمر شيئا.. المهم انهم تسلموا رواتبهم ومستحقاتهم المالية طيلة العام الماضي ويقولون ان هناك فسادا ماليا واداريا !!! وبعضهم حولوا جلسات البرلمان إلى وسائل الإعلام للنيل من بعضهم البعض.

- الأمر الوحيد الذي تم انجازه وهو الانتصارات التي حققتها قوات البيشمركة الابطال الذين ضحوا بأرواحهم من اجل حماية اقليم كوردستان واعادة جميع الاراضي التي استولى عليها  تنظيم داعش الإرهابي وأصبحت كلمة البيشمركة على لسان جميع أحرار العالم ومثالا يحتذى به كل جيوش العالم حيث قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته الى الإقليم يوم 2/1/2017: لم يكن من الممكن مواجهة داعش من دون بسالة وصمود قوات البيشمركة، اضافة الى الأمن والاستقرار الذي يشهده اقليم كوردستان واصبح محل فخر المواطنين من الكورد والعرب والتركمان والمكونات الاخرى مع وجود اكثر من مليون و(800) ألف لاجئ ... وهنا لابد ان نقف اجلالا واكراما لشهدائنا البيشمركة والبالغ عددهم اكثر من الف و(600 ) شهيد، داعين المولى العلي القدير ان يسكنهم فسيح جناته ويلهم اهلهم الصبر والسلوان والشفاء العاجل للجرحى ونقول لهم: ستبقون خالدين في قلوبنا وذاكرتنا (وكنت اتمنى عدم الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة مراعاة لشهداءنا الابرار وعوائلهم).... فيما كانت العلاقات الدبلوماسية مع العالم قد بلغت ذروتها ولاقت نجاحات باهرة مقارنة بالعام الماضي... ونحن اذ نستقبل عام 2017  فأننا بحاجة ماسة إلى مراجعة ذاتية وفي جميع المجالات وإيجاد حلول علمية مدروسة لها دون أي تجميل وأي محاولات القصد منها التهرب من المسؤوليات... الحلم رائع وعظيم  لكن الوصول اليه لابد من العمل الجاد من خلال مراعاة المصلحة العامة للشعب وليس المصلحة الحزبية والشخصية الضيقة والانشغال بالرد على هذا وذاك ، نحن بشر وكل البشر خطاءون وكذلك التجارب السياسية تتحمل هي الأخرى الصواب والخطأ، المهم علينا مراجعة فورية لتلك السياسات المتبعة وبنية صادقة وشحذ الهمم قبل أن نتقدم خطوة واحدة جديدة في أي اتجاه مقبل!!!!

 

هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر كوردستان24.