بالإستفتاء ندخل التاريخ

Kurd24

التاريخ يعني سجل الأحداث والمواقف التي مر عليها الزمن, أي أنه وقع في الماضي سواء القريب منه أو البعيد, وإنه يشكل إرثراً للأمم تفتخر بها الأجيال، وتأخذ منها الدروس والعبر، وتجعل منها مواد ومواضيع للدراسة، والابحاث والتحقيقات، وإن الأهم منه هو كتابته أو توثيقه بمعناه الواسع لأن التوثيق أشمل من الكتابة، فان التاريخ يمكن أن يوثق بالأثار، والاختام، والهياكل، والكتابة ايضاً, وان الشيء الذي يربط الماضي بالحاضر لكل الامم والحضارات على وجه البسيطة هو التوثيق، فلولاها لما عرفنا من التاريخ إلا اليسير، وإن مابقي من الحضارات القديمة من الاثار، والمخطوطات، والكتابات المختلفة، تدلنا بوضوح إلى طبيعة حياتهم، وكيفية ادارة شؤونهم ومستوى تعليمهم وعاداتهم وطرق التفاهم فيما بينهم في السلم والحرب .

ومن المبادئ المعمول بها في الحياة ولأهمية التوثيق ينص على ان الحدث غير المكتوب (الموثق) كأنه لم يكن، واستناداً الى ذلك، فان الامم والدول تولي توثيق احداث اليوم اهمية قصوى، لانه سيكون تاريخا يفتخر به  قادم الاجيال, وان الاهتمام بالمتاحف، والمناطق الاثرية يأتي في هذا السياق فعلى سبيل المثال ان امريكا دونت اسماء جميع جنودها الذين قتلوا في حربها في فيتنام على نصب تذكاري وسط حديقة عامة, وكذلك أسست متحفاً خاصاً لبقايا احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ونجد ان جميع الدول تهتم بتاريجها وتراثها.

نحن الكوردستانيين، ونتيجة للظروف السياسية، والعسكرية التي مرت بها المنطقة، وأطماع الدول العظمى في أرضنا، ومياهنا، وموقعنا الجغرافي، لم تسنح الفرصة لنا ان نوثق تاريخنا ونكتبه بل كتبه الغرباء والمحتلون اعتماداً على ضمائرهم سواء بالحقد، والكراهية أم بالحب والعاطفة، وقليلاً منهم على حياد ودونوا الاحداث كما هي دون زيادة، أو نقصان.

وهذا مايدفعنا الى تأنيب من سبقونا إلا بعدد اصابع اليد من كتبوا التاريخ وحملوا لواء الصدق والاخلاص في نقل الاحداث.

اليوم علينا واجب توثيق تاريخنا، وقد اتخذت خطوات كبيرة في هذا المجال، ولكننا مطالبون بالمزيد من الجهد و التنقيب، لنكون محل أعجاب الاحفاد ولا يشعرون بالنقص أمام غيرهم .

اننا كشعب كوردستان، امام حدث تاريخي غير مسبوق ولا مدون في بطون كتب التاريخ، ألا وهو القرار الجريء والحكيم الذي اتخذه القيادة السياسية في الاقليم المتمثلة بالسيد (مسعود بارزاني/ رئيس الاقليم) والاحزاب والقوى السياسية المتعددة في ايديولوجياتها، وتوجهاتها، وقومياتها، باجراء الاستفتاء في 25/9/2017 ويقرر الشعب الكوردستاني مصيره بمحض ارادته، وبحرية تامة يختار الشكل الذي يناسبه في ادارة حياته ونمط عيشه, هذا القرار الذي ضحى من اجله الالاف وسالت انهاراً من الدماء والدموع في سبيله، فلا زالت اصوات المدافع، وسرف الدبابات، وبكاء الاطفال، وصراخ الامهات تملئ الآذان، والوديان، ولكن الشعب بقي صامداً شامخاً كالجبال، ولم تسطتع الانظمة الحاكمة من ان تحيده عن طريقه في المطالبة بحقوقه قيد أنملة قد اتت تلك الشجرة التي اصلها ثابت، وفروعها تعانق الغيوم بثمارها, وفتحت الابواب على مصارعيها لنقول كلمتنا بكل اخلاص ونودع صفحات المآسي والآهات ونسجل التاريخ بأيدينا وكيفما نريد وحسب ما نشتهيه على أساس التعايش السلمي، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية وحقوق الانسان، ونكون نبراساً في العالم، رغم تعالي الاصوات ومعارضتهم بعدم المشاركة في الاستفتاء او الطلب بتأجيلها وانها لاتزيدنا الا الحماسة وانتظار ذلك اليوم الذي نقول فيها من اعماق القلب نعم للاستقلال والدولة الكوردستانية وندخل التاريخ من أوسع ابوابها لانه حدث قلما يتكرر في حياة الانسان وان الظروف السياسية والأمنية والقانونية مناسبة مما يجعل التأجيل امراً صعباً ويطرح الاسئلة الكثيرة ويعاتبنا الاجيال القادمة وان الاحداث تغير مجرى التاريخ فلنسجلها بحروف من الذهب، أو نتحمل  ما يكتبه التاريخ علينا.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.