تغريدة الصدر لكوردستان تفضح معاناتها الازلية مع بغداد

Kurd24

نشر السيد مقتدى الصدر على صفحته في تويتر رسالة الى (الاكراد) وساساتهم، ابدى فيها رغبت(هم) في أن يعيش (الاكراد) معهم دون انفصال واصفا تلك الرغبة بانها اعلى معاني الحب , واضاف ان(هم) يريدون الكورد موحدين اقوياء لا يظلمون ولا يظلمون (بضم الظاء)، واكد ب(انهم) لن يسمحوا لاحد بالاعتداء عليهم... كما دعاهم الى ترك المحاصصة وابعاد الفاسدين وتجديد العهد بوجوه جديدة وفي الاخير دعا الى ان تكون كركوك مثالا للتعايش السلمي لكل الطوائف والاعراق.

في الحقيقة لم اعرف ماذا يعني السيد مقتدى بضمير الجمع الذي استخدمه في جمل تغريدته، لكن اغلب الظن انه استخدمه من باب تعظيم الذات الذي دأبت عليه الصياغات اللغوية للخطابات السياسة او الدينية، وإلا فلا اتصور ان السيد مقتدى يقصد جمع نفسه مع الباقين في العملية السياسية الذين ينتقدهم دائما بمناسبة وبدونها.

بداية ارى انه من الضروري لفت نظر السيد الصدر ومن خلاله بقية ساسة العراق غير الكورد، الى أن من المعيب استخدام كلمة (الاكراد) في خطابهم السياسي خاصة اذا كان الغرض منه هو التقرب للكورد ومغازلتهم، فكلمة (الاكراد) تماثل تماما كلمة (الاعراب)  حسب قواعد الصرف في اللغة العربية والتي لا يرغب الاخوة العرب بوصفهم بها، وبما ان السيد الصدر هو رجل دين قبل ان يكون رجل سياسية فيفترض به الالمام الكامل بقواعد لغته الام ومعرفة الفرق بين كلمة الكورد وكلمة الاكراد.

بدا السيد مقتدى تغريدته بتوجيه ما اسماه اعلى معاني الحب للكورد في انهم ارادوا أن يعيش الكورد معهم ولا ينفصلوا عن العراق، وهنا يقع السيد مقتدى في العقدة نفسها التي يعاني منها جميع ساسة العراق منذ تاسيس العراق ولحد يومنا هذا , وهي مبدا الوصاية والتعامل مع الشعب الكوردي على اساس الاخ الاكبر، بفرض رؤيته القسرية عليه. فكيف يمكن للسيد مقتدى ان يخاطب الكورد برغبته هذه بعد ان استفتى 93 % من هذا الشعب على الانفصال عن العراق.. اي نوع من الحب يكمن في حنايا روح السيد الصدر تجاه الكورد , هل هو ذلك النوع الذي يقال عنه ( ومن الحب ما قتل)؟

لقد رأينا هذا الحب العارم من خلال الحصار الذي فرضته حكومة بغداد على كوردستان بعد الاستفتاء واغلاق مطاراتها , وقطع رواتب موظفي كوردستان لأكثر من ثلاث سنوات قبل الاستفتاء. هذا الحب العذري تلمسه الكورد في امتناع بغداد عن تطبيق البنود الدستورية الخاصة بالمناطق المتنازع عليها , وتقليص حصة الاقليم من الموازنة لسنوات عديدة , والامتناع عن ارسال حصة البيشمركة منها وعن رفد البيشمركة بقطعة سلاح واحدة طوال فترة القتال مع داعش، وحل المشاكل السياسية مع كوردستان من خلال القوة العسكرية واحتلالهم لكركوك ...هذه كلها مظاهر الحب الذي يتكلم عنها السيد مقتدى , في الوقت لم نسمع من السيد اي تصريح او تغريدة تشير الى رفضه لهذه الاعمال  الشنيعة سواء في عهد المالكي او العبادي ... فيا لهذا الحب الذي يقتل ويميت.

وفي ما يتعلق بكركوك فان السيد مقتدى لمح في تغريدته بشكل ضمني الى عدم نية  الحكومة القادمة حل مشكلة هذه المدينة التي ظلت عالقة من الالفين وخمسة والتي كان من المفترض ان تحل في فترة وجيزة من خلال المراحل التي نص عليها الدستور , فتركيزه على ان تبقى كركوك مدينة التاخي والتعايش لجميع مكونات العراق تشير بمعنى اخر ان تبقى مدينة عراقية وليست كوردستانية والا فلا توجد مدينة في كوردستان او في عموم العراق لا تحوي على مكونات عدة , فلماذا التركيز على كركوك فقط , ومتى كانت كركوك ليست لكل المكونات عندما كانت تسيطر عليها كوردستان ؟. ان السيد مقتدى يريد ان يقول للكورد باننا منعناكم من الانفصال (حبا بكم) ولكي نؤكد لكم هذا الحب فاننا سوف نبقي موضوع كركوك معلقا دون حل، ولن نطبق المواد الدستورية المتعلقة بها، وعليكم مع ذلك المشاركة في الحكومة العراقية القادمة وانقاذ العراق من الفساد والمحاصصة حسب وصفه.

اما ما يخص موضوع المحاصصة الذي اشار اله السيد مقتدى، فان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة اظهرت حصول الديمقراطي الكوردستاني على اعلى عدد من الاصوات في عموم العراق , مما يعطيه الحق في ان يكون الطرف الذي يبحث عن تشكيل الكتلة الاكبر ومن ثم الحكومة . لكن ما جرى العرف عليه  في العملية السياسية هو ان تكون رئاسة الوزراء للشيعة , ورئاسة البرلمان للسنة ورئاسة الجمهورية للكورد , وهذه من الاسس الرئيسة التي مشت عليها المحاصصة في العملية السياسي.

لذلك فان الطرف الذي يحرص على المحاصصة هي الاحزاب الشيعية، التي تتكتل مع بعضها بعد كل انتخاب (رغم التناقضات التي بينها)  لقطع الطريق امام اي كتلة او حزب غير شيعي لتسلم منصب رئاسة الوزراء .

ما يجب على الاخوة في بغداد فهمه هو ان حصول الكورد على مناصب معينة في حكومات بغداد لا يندرج ضمن موضوع المحاصصة، بل هو تمثيل لكوردستان (كإقليم) وليس لمكون، بدليل ان منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي في هذه الدورة كان من حصة المكون التركماني في كوردستان، اذا هي ليست محاصصة بقدر ما هو تمثيل لهذا الاقليم طالما انه بقى ضمن العراق.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.