قوة الانسان في قوة منافسيه

Kurd24

إن الانسان هذا الجهاز العجيب والغريب في اطواره وأفعاله وكينونته يملك من الاسرار ما لا يحصى ولا يعد ومهما تطور العلم يبقى هناك زوايا مظلمة فيه، وذلك لأن كل انسان عالم مستقل بذاته عن غيره، وإن كانت هناك نقاطا مشتركة بين بني البشر .

هذا الكائن يملك من القوة والقدرة على مصارعة الحياة بآلامها وآهاتها وصعابها ما لا يملكه غيره من المخلوقات فالإرادة القوية والموقف الصامد سمات يومية وشعارات منصوبة في طريقه نحو الاهداف .

إن هذا المخلوق الذي كرمه الله عز وجل وحمله في البر والبحر وفضله على كثير ممن خلق، يستمد قوته الجسميه والعقلية من ذاته، ولكنه في احيانٍ يأخذ هذه القوة من محيطه وخاصة من منافسيه، فمعلوم أن الصراع الازلي بين قوى الخير والشر مستمرة وتبقى الى الابد قائمه مع الاختلاف في الوسائل والأساليب وقرب وبعد اهدافهما وحجمهما.

فإذا تصورنا – رغم استحالته – وجود انسان يعيش في حياة آمنة دون خوف وهدف، فان اغلب قواه ستندثر وتذهب سدى وطاقاته ستبقى مطمورة وأفكاره مقيدة خلف قضبان عقله الباطن، لأن الانسان الذي يشعر بوجود المنافسة والصراع هو الذي سيحزم اربطته ويستعد لدخول الحلبة والتغلب على غريمه الذي حل بالحلبة لاعباً ومتصدياً.

وما يقال عن الانسان يمكنه القول على الدول وجميع المؤسسات باختلاف مسمياتها واهدافها .

فان قوة امريكا كدولة عظمى تأتي من قوة منافسيها وان ما حققته من تطور في جميع المجالات وما بناه من حضارة كانت بسبب الصراع الخفي والعلني مع الدول الاخرى ومن هذا المنطلق فانها دائماً ماتبحث عن المنافسين لها وتصورها لشعوبها لكي تستيقظ القوى الخفية وتبدأ عملها في الابداع والعمل المستمر للنهوض، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق كغريم قوي مهدد لمصالحها وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي جعلت من الارهاب والجماعات المتطرفة منافساً لها وتهدد وجودها وما ان بدأت هذا الجماعات بالتقوض حولت انظار شعبها الى الصين وقوتها الاقتصادية كعملاق مارد يجتاح الاسواق العالمية وذلك لخلق روح التنافس لدى ابناء شعبها وهكذا فان المسلسل لا ينتهي .

وعلى صعيد المؤسسات العسكرية والسياسية والأمنية والرياضية والاقتصادية فان قوة منافسيها تدفعها الى رص صفوفها وتمتين اواصرها وتقوية تحصينها فعلى سبيل المثال ان المخابرات المصرية كانت قوية ويشهد لها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي نتيجة لقوة غريمها (الموساد الاسرائيلي) فقد وصلت المنافسة الى أوجها ولكن بعد اتفاقية كامب ديفيد بدأت الروح القتالية تنصهر لتدخل الى مرحلة شبه سبات تجاه بعضهم البعض.

فقوة الاجهزة الامنية تأتي من قوة الاجهزة والجهات المنافسة لها ومصادر التهديد على أمنها، وهكذا الحال في الاقتصاد والرياضة، فالمنافسة الشديدة بين شريكتي بيبسي وكوكا كولا تدفعانها الى الاستمرارية والإنتاج الجيد.

وان بقاء الشعب الكوردي وصموده امام كل المحاولات التي جرت لتجريده من تاريخه وأرضه وثقافته كانت نتيجة حتمية لأن قوة هذا الشعب نابع من قوة اعداءه ودرجة تأمرهم ومحاولاتهم البائسة من اجل القضاء عليه وتبديد أحلامه بالحصول على حقوقه المشروعة وان كانت قد اثرت تلك المحاولات والمؤامرات بشكل ملحوظ ولكنه بقي صامداً .

فالبيشمركة الابطال مثلاً ذاع صيته وبات نجماً لامعاً على مستوى العالم في معاركه في السنوات الاخيرة  لقوة وشراسة عدوه وعدو الانسانية تنظيم داعش الارهابي، وإن كان قبل ذلك مدافعاً أميناً عن حقوق الشعب الكوردستانى وقدم أروع الامثلة في التضحية والفداء.

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.