هل هي كركوك كوردستان ام تورا بورا افغانستان؟

Kurd24

يمكن النظر من زوايا مختلفة لما قام به عناصر مسلحة من حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني في سيطرتهم على محطة ضخ نفطية في مدينة كركوك، فلا احد ينكر حق سكان أهل هذه المدينة في الحصول على مستحقاتهم من النفط المستخرج من اراضي مدينتهم، واية خطوة بهذا الاتجاه هي خطوة مباركة لا يمكن انتقادها خاصة ان كانت باتجاه اجبار حكومة بغداد للايفاء بتعهداتها حول هذه المستحقات.. غير أن للموضوع أوجها وزوايا عديدة. فقبل الإقدام على مثل خطوة كهذه يجب دراسة النتائج والتداعيات التي من المحتمل ان تسفر عنها، سلبية كانت أم ايجابية. فإن كان الإخوة في الاتحاد الوطني الكوردستاني قد رأوا الموضوع من زواياه الايجابية فقد اغفلوا عن جوانبه السلبية، في كيفية وميكانيكية القيام بها وتوقيتها... وسنحاول فيما يلي الاشارة  الى بعض الجوانب السلبية حسب رؤيتنا:-

- من حق اي طرف سياسي القيام بإجراءات لكسب المزيد من المؤيدين له، خاصة ونحن على أبواب انتخابات جديدة يحاول الاتحاد الوطني فيه معالجة الصدمة التي أصيب بها في الانتخابات السابقة في انه وجد نفسه قد تحول بين ليلة وضحاها من ثاني حزب في كوردستان إلى ثالث حزب، إلا أن هكذا محاولات لا يجب أن تكون في القضايا المصيرية للشعب الكوردي، ولا في مدينة لها حساسيتها وخصوصيتها كمدينة كركوك في خطوة غير محسوبة تجاه هذه المدينة قد تؤدي إلى نتائج وخيمة تطيح بكل محاولات ضمها إلى كوردستان.

- تناسى حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بأنه في إقليم له حكومة ومؤسسات رسمية وهو يشارك بفعالية في هذه المؤسسات ويحتل الكثير من المواقع المهمة فيها، وان مثل هكذا خطوة هي من صميم صلاحيات حكومة إقليم كوردستان وليس الأحزاب الكوردية. فحكومة إقليم كوردستان (التي يشارك فيها الاتحاد الوطني) هي من تضع الخطوط العريضة لتوجهات الإقليم ومدنه ازاء حكومة بغداد . وعليه فان ما قام به الاتحاد يعتبر استهانة بحكومة إقليم كوردستان وعدم اعتراف بها.

- يجب الاعتراف بجراءة الخطوة التي قام بها الاتحاد الوطني، لكنها جرأة سلبية وليست ايجابية، أرجعت اقليم كوردستان عشرين عاما الى الوراء، الى حيث التكتلات الحزبية المناطقية، وحولت كوردستان من اقليم تقوده حكومة الى حكومة تقودها احزاب، وهذا بالضد من المصالح القومية الكوردية بالمطلق.

- لقد سن الاتحاد الوطني بهذه الخطوة سنة سيئة يفترض ان اقليم كوردستان قد تجاوزها وتخطاها خلال تجربة ادارية تقارب الثلاثين سنة، وهو مفهوم الكانتونات التي لا يمكن القبول به في اقليم كوردستان.

- لقد ظل الاتحاد الوطني الكوردستاني سنوات عديدة يرفع شعار كركوك قدس كوردستان الا ان ما اقدم عليه يؤكد بان الاتحاد قد استبدل شعاره القديم بشعار كركوك قدس الاتحاد الوطني، وهو امر مرفوض من قبل كل كوردستاني، فلا يحق لاي حزب سواء كان الاتحاد الوطني الكوردستاني او الحزب الديمقراطي الكوردستاني الادعاء بعائدية اي مدينة كوردستانية اليه، وحتى مجرد التفكير بذلك.

- هذه الخطوة الانفرادية لا تشير الى استهتار الاتحاد الوطني بحكومة الاقليم وحسب، بل وتؤكد عدم اعترافه حتى بالحكومة المحلية لمدينة كركوك ولا بمؤسساتها، والا كان الاولى ان تقوم حكومة كركوك المحلية ومؤسساتها بهذه الخطوة.

-  إن هذه الخطوة زعزعت المحاولات التي دابت عليها حكومة كوردستان منذ 2003 ولغاية يومنا هذا في ضم المدينة الى كوردستان ورسخت لمفهوم علاقة جديدة بين كركوك وكوردستان كانت جهات كثيرة معادية لكوردستان تحاول ترسيخها وهي تحويل كركوك إلى إقليم مستقل، وأعطت بالمقابل مجالا واسعا لحكومة بغداد للتعامل مع كركوك على هذا الأساس.

- أظهرت هذه الخطوة بان الاتحاد الوطني لا يزال يعيش زمن الثورة الكوردية وفكرها من خلال الأساليب التي يتبناها في ادائه السياسي، وبأنه قد فشل في التأقلم فكريا مع الواقع الكوردستاني الذي مضى عليه ما يقارب الثلاثين سنة والذي تحول فيه النضال الكوردي من مرحلة الثورة الى مرحلة بناء اقليم يتطلع لان يكون دولة، فالفوضوية الثورية ما تزال تسود كل تحركات او اكثر تحركات الاتحاد الوطني الكوردستاني.

- ان فوضوية التصرف هذه وعدم دراسة الخطوات التي يقوم بها الاتحاد تقلل من ثقة الشارع الكوردستاني به، فالمجازفة باتخاذ هكذا قرار ارتجالي قد تؤدي مستقبلا (ان كانت الظروف مواتية لبغداد) في ان تدعو الى حماية مصالحها الاقتصادية في كركوك ومحاولة ضمها بالقوة (ان استطاعت) الى سلطاتها مرة اخرى.

على هذا الاساس ومثلما جاء في بيان حكومة اقليم كوردستان نتمنى ان لا تتكرر هذه التصرفات من اخواننا في الاتحاد الوطني الكوردستاني الذين لهم  مسيرة طويلة في النضال الكوردستاني، تلك المسيرة التي يفترض ان تكون رادعة للوقوع في اخطاء قد تكون مبررة بالنسبة لاحزاب صغيرة مغمورة، ولكن ليس لحزب له عراقة حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني وتجربته السياسية .

 

هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.