بارزاني وبابا الفاتيكان: دلالات ورسائل مشفرة

Kurd24

عقب اجراء الاستفتاء في اقليم كوردستان يوم 25 من شهر ايلول من العام المنصرم فرضت الحكومة العراقية اجراءات تعسفية صارمة على مواطني اقليم كوردستان كإغلاق حركة الملاحة الجوية في كوردستان وفرض تدابير غير قانونية على كركوك والاستيلاء على ثروتها البترولية بالقوة اضافة الى ايجاد حالة من الفوضى في المناطق الكوردستانية أو التي تعرف بالمناطق المتنازع عليها وتعرض سكان هذه المناطق الى التهجير القسري نتيجة وجود خطة طائفية منظمة من قبل الحكومة العراقية وبالذات من قبل الحشد الشعبي لحرق بيوت الاكراد في مناطق طوزخورماتو والمناطق المحيطة بها وممارسة الخوف والابادة الجماعية تجاه الوجود الكوردي في تلك المناطق وذلك بشهادة المنظمات الدولية المستقلة كمنظمة العفو الدولية و هيومان رايتس ووتش و تقارير الامم المتحدة وشهادات سكان هذه المناطق المنكوبة.

ولم تكتف حكومة بغداد بهذه التجاوزات بل عمدت الى قطع رواتب موظفي اقليم كوردستان قبل اجراء الاستفتاء واستخدام القوة المفرطة تجاه اقليم كوردستان سعيا منهم لانهاء تجربة وحكومة الاقليم وذلك عن طريق تكثيف الضغوطات السياسية والاقتصادية والمالية والدبلوماسية تجاه حكومة الاقليم ومنع البعثات الدبلوماسية من زيارة الاقليم كما حدث مؤخرا من منع قيام وزير الدفاع البلجيكي من زيارة أربيل وسبق أن حدث ذلك مع وفد الحكومة الالمانية.

هذه اللاءات العراقية غير المبررة أعقبها استياء دولي واممي خاصة ان حكومة الاقليم وعلى لسان رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني أكدت ولمرات عديدة تمسك اقليم كوردستان بمبدأ الحوار  والتفاهم المشترك مع بغداد على أساس بنود الدستور العراقي في وقت تمارس بغداد سياسة الصدق الكاذب... تدعي الاستعداد للتفاوض دون اجراء المفاوضات تقول انها مستعدة لارسال رواتب موظفي اقليم كوردستان لكنها لم ترسل قرشا أحمر تماطل وتتماطل لكي تزيد معاناة المواطنين في الاقليم.

وبما أن حكومة الاقليم وعلى رأسها رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني وبحكم خبرته وحنكته وتمرسه الطويل في العمل السياسي والدبلوماسي فهو يحاول اخراج اقليم كوردستان من عبث بغداد ومن هذه الدوامة الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والمعاناة التي فرضتها حكومة حيدر العبادي على كوردستان وذلك من خلال قيام بارزاني بفتح القنوات الدبلوماسية لكوردستان وايصال هموم شعب كوردستان ومعاناته الى ألاروقة الدولية وكان ذلك من خلال استقباله في قصر الاليزيه من قبل الرئيس الفرنسي وبشكل رسمي وعلى أعلى المستويات ونتجت عن الزيارة مطالبة فرنسا حكام بغداد بوقف الانتهاكات تجاه الاقليم واعطاء ميزانية الاقليم ورفع الحصار على مطاري أربيل والسليمانية وحسم الخلافات عن طريق الدستور.

لكن يبدو أن بغداد لا تصغي لمطالب المجتمع الدولي وحتى صندوق النقد الدولي طالب بغداد بإرسال مستحقات كوردستان لكن دون آذان صاغية من قبل العبادي.

هذا الغرور العراقي وهذه الغطرسة اللا محدودة تجاه حكومة الاقليم من قبل العبادي ستنذر بعواقب وخيمة ... وبما أن كوردستان تعتبر ملاذا أمنا لكل الديانات والمذاهب والطوائف والقوميات بحيث يمارس الكل طقوسه الدينية والاثنية بكامل حريته الى درجة أنك لا تستطيع أن تميز في كوردستان بين مسلم ومسيحي بين ايزيدي وصابئي وباقي الاديان والقوميات وبما أن هذا الواقع المطمئن خلق لكوردستان احتراما مهيبا و ونظرة اعتبار لهذه المكتسبات في المحافل الدولية والاوساط الدينية بحيث استقبل السيد نيجيرفان بارزاني بصفته الرسمية الرفيعة كرئيس للوزراء يوم 2018-1-12 من قبل البابا فرانسيس بابا الفاتيكان وفي اجتماع ثنائي قدم قداسة البابا شكره للزيارة وعبر عن ارتياحه للاجتماع مع نيجيرفان بارزاني مرة ثانية، كما وشكر حكومة وشعب اقليم كوردستان لاستضافتهم النازحين بشكل عام والمسيحيين على وجه الخصوص الذين تشردوا الى كوردستان نتيجة حرب ارهابيي داعش.

كما عبر البابا عن امله في ان تستمر حالة التعايش والسلم والوئام الموجودة في اقليم كوردستان للأبد متمنيا الاستقرار والسلام لشعوب المنطقة ولكوردستان وكافة مكوناتها قائلا نبتهل لكم من الرب لكي تنجحوا وتستمروا في التعايش والوئام.

ومن جانبه عبر رئيس حكومة الاقليم عن ارتياحه لزيارة ولقاء قداسة البابا فرنسيس وقدم مختصرا حول الوضع الراهن للمنطقة والمستجدات السياسية والاقتصادية في اقليم كوردستان منذ لقائهم الاول بقداسته، من الانتصار على داعش والمشاكل العالقة مع بغداد الى الاحداث الاخيرة التي ادت الى اعادة تشرد اعداد غفيرة من المواطنين الى كوردستان.

كما عبر رئيس الوزراء عن امله في ان يلعب قداسته دوره ومن خلال موقعه ومكانته لحلحلة المشاكل العالقة بين اربيل وبغداد، كما واوضح ان حكومة اقليم كوردستان وعلى الرغم من اوضاعها الصعبة الا ان قلبها وابوابها كانت مفتوحة على مصراعيها لاستقبال النازحين وبذلت الجهود الجدية من اجل عودة الاخوات والاخوة المسيحيين الى مناطقهم وحاولت جاهدة بالتنسيق مع كنائس اقليم كوردستان الا يرحل المجتمع المسيحي عن بلدهم.

كما واكد على ان حكومة اقليم كوردستان ستستمر في الحفاظ على هذا التعايش والوئام بين المكونات وهو جزء مهم من تراث وثقافة اقليم كوردستان...

ان أبعاد هذه الزيارة المهمة والدلالات العميقة لهذا اللقاء تؤكد حرص الفاتيكان والدوائر الدولية على مدى تقديرهم وتبجيلهم لشعب كوردستان وحرصهم على استمرار العلاقات الثنائية من جهة ومن جهة أخرى ارسال رسالة مشفرة لبغداد مفادها ان الاستمرار في هذا النهج العدواني تجاه الاقليم والتلكؤ في بدء الحوار والتنصل من الحقوق المشروعة لمواطني الاقليم لا يخدم بأي شكل من الاشكال الوضع الراهن وعلى بغداد العودة الى منطق العقل ولغة التفاهم وعدم الحديث اكثر من ذلك عن استخدام القوة وفتح القنوات الدبلوماسية مع كوردستان وبعكس ذلك واستمرار بغداد في هذه المراوغة القذرة يعني أن صبرنا بدأ ينفد فقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل ولم يبق في قوس الصبر منزع!

 

ملحوظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.