رئيسي يشيد من دمشق بـ"الانتصار" الذي حققته سوريا رغم "التهديدات والعقوبات"

أربيل (كوردستان24)- أشاد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بـ"انتصار" سوريا رغم العقوبات، في تصريح له خلال لقائه نظيره السوري بشار الأسد في دمشق الأربعاء.

وتستمر الزيارة، الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاما، يومين ويرافقه فيها وفد وزاري سياسي واقتصادي رفيع، حيث من المرتقب أن يجري الرئيسان "مباحثات سياسية واقتصادية موسعة، يليها توقيع عدد من الاتفاقيات"، وفق الرئاسة السورية.

وزيارة رئيسي إلى سوريا هي الأولى لمسؤول إيراني في هذا المنصب إلى الدولة الحليفة التي قدمت طهران لحكومتها دعما كبيرا على مستويات عدة منذ اندلاع النزاع في العام 2011.

ووفق الرئاسة السورية ووكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) قال رئيسي للأسد، خلال محادثات موسعة جمعت الطرفين في القصر الرئاسي، إن "سوريا حكومة وشعباً اجتازت مصاعب كبيرة".

وتابع: "اليوم نستطيع القول بأنكم قد عبرتم واجتزتم كل هذه المشاكل وحققتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم".

ووصل رئيسي صباح الأربعاء إلى دمشق على رأس وفد وزاري سياسي واقتصادي رفيع في زيارة تستمر يومين، ويجري خلالها الرئيسان، وفق الرئاسة السورية، "مباحثات سياسية واقتصادية موسّعة، يليها توقيع عدد من الاتفاقيات".

من جهته قال الأسد إن العلاقات السورية الإيرانية "كانت خلال الفترات العصيبة علاقة مستقرّة وثابتة بالرغم من العواصف الشديدة السياسية والأمنية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط".

ويرافق رئيسي وفد متكون من كل من وزراء الخارجية، والطرق وبناء المدن، والدفاع، والنفط والاتصالات.

وتأتي زيارة رئيسي، وفق تصريحات أدلى بها الأخير لدى مغادرته طهران، في سياق "تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية"، معتبراً أنه "بات واضحاً للجميع اليوم أن سوريا وحكومتها الشرعية يجب أن تمارس السيادة على كامل الأراضي السورية".

وكان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي قال في طهران الثلاثاء إن الزيارة تأتي تلبية لدعوة من الأسد وترتدي "أهمية استراتيجية" للبلدين وأن هدفها "اقتصادي".

وتشهد دمشق إجراءات مشددة وانتشارا كثيفا للقوى الأمنية. ورُفعت الأعلام الإيرانية على أعمدة الإضاءة على طريق المطار وآخر يؤدي إلى منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة. كما عُلقت صور للرئيسين الإيراني والسوري كتب عليها "أهلاً وسهلا" باللغتين العربية والفارسية.

وأزيلت قبل أيام حواجز حديدية واسمنتية ضخمة أقيمت حول السفارة الإيرانية في دمشق منذ سنوات النزاع الأولى.

وتأتي زيارة رئيسي في خضم تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في آذار/مارس استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة على خلفية ملفات عدة بينها النزاع السوري، بينما يسجّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ العام 2011.

وإلى جانب لقاءاته السياسية وتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات عدّة، يعتزم رئيسي زيارة مقامات دينية في ضواحي دمشق.

وهدأت الجبهات في سوريا نسبيا منذ 2019، وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حاليا على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في طهران الإثنين إنّ "سوريا دخلت مرحلة إعادة الإعمار، والجمهورية الإسلامية في إيران (...) جاهزة لتكون مع الحكومة السورية في هذه المرحلة أيضاً"، كما كانت إلى جانبها "في القتال ضد الإرهاب" والذي اعتبره "مثالاً ناجحاً على التعاون بين الدولتين".

ومنذ سنوات النزاع الأولى، أرسلت طهران مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات الجهادية والمعارضة، التي تصنّفها دمشق "إرهابية"، بينما تقاتل مجموعات من جنسيات أخرى موالية لإيران على رأسها حزب الله اللبناني إلى جانب القوات الحكومية.

وتُستهدف المجموعات الموالية لطهران غالباً بضربات إسرائيلية منذ سنوات، فيما تكرّر إسرائيل، العدوّ اللدود لإيران، أنّها لن تسمح للأخيرة بترسيخ وجودها على مقربة منها.

    من السياسة إلى الاقتصاد

وقالت صحيفة الوطن إن الزيارة ستتضمن "توقيع عدد كبير من اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تشمل مختلف أوجه التعاون، لا سيّما في مجالات الطاقة والكهرباء".

وتابعت أنه ستجري على هامش الزيارة "مفاوضات حول خط ائتماني إيراني جديد لسوريا، يتمّ استثماره في قطاع الكهرباء" المتداعي، إذ تتجاوز ساعات التقنين الكهربائي في سوريا عشرين ساعة يوميا.

ويذكر أنه منذ العام الأول للنزاع، فتحت طهران خطا ائتمانيا لتأمين احتياجات سوريا من النفط خصوصا. ووقع البلدان اتفاقات ثنائية في مجالات عدة خلال السنوات الماضية.

ويقول المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة إن "الجانب الإيراني طرح نفسه بقوة كمساهم في مرحلة إعادة الاعمار"، مرجّحاً أن "تحقّق الزيارة نتائج اقتصادية مهمة، وقد يتمّ التركيز على استراتيجيات اقتصادية بعيدة المدى".

وتخضع سوريا بسبب مواجهتها الاحتجاجات ضد السلطة في بداية النزاع، وإيران بسبب برنامجها النووي، لعقوبات دولية قاسية تجعل كلّ التعاملات المالية والتحويلات المصرفية أمرا شبه مستحيل بالنسبة إلى حكومتيهما.

  مصالحات

إضافة إلى الاتفاق السعودي-الإيراني، تأتي الزيارة على وقع وساطة روسية لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة التي دعمت من جهتها المعارضة السورية خلال سنوات النزاع، كما تأتي بعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين سوريين وأتراكا.

ويعتبر دنورة أن الزيارة "أصبحت أكثر ملاءمة بعد المصالحة السعودية-الإيرانية" التي اعتبر أنّها "تنعكس على كل بؤر التوتر التي لا تزال موجودة" في المنطقة، مرجّحاً أن يتمّ التطرق خلالها أيضاً الى ملفّ المصالحة السورية-التركية "والدفع به قدماً".

وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في شباط/فبراير 2019 والثانية في أيار/مايو 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.

وكان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 أيلول/سبتمبر 2010، قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب بنزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.