بعد هجمات ايران.. هل يتسع نطاق العنف في الشرق الاوسط؟

تشير تقديرات مسؤولين ومحللين إلى أن إيران ترغب في تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكنها تعتزم استخدام وكلائها

أربيل (كوردستان24)- شنت ايران في الايام القليلة الماضية هجمات صاروخية على العراق "أربيل" وسوريا وباكستان، فيما واصلت الميليشيات التابعة لايران استهداف القواعد الامريكية في العراق وسوريا وتستهدف السفن التجارية في البحر الاحمر، مما يؤجج مخاوف من أن يعصف الصراع بمنطقة الشرق الاوسط ويمتد الى مناطق أخرى.

وتعرضت مدينة أربيل، في وقتٍ متأخر من ليلة الاثنين 15 كانون الثاني يناير 2024، إلى قصفٍ بالصواريخ الباليستية، تبناه الحرس الثوري الإيراني، أسفر عن استشهاد خمسة مواطنين مدنيين وإصابة ستة آخرين.

وذكر بيان صادر عن مجلس أمن إقليم كوردستان أن "الحرس الثوري أعلن أن القصف طال مواقع تابعة للمعارضة الإيرانية"، لافتاً إلى أن "هذه ذريعةٌ لا أساس لها ونحن نرفضها"، مشيراً الى أن "أربيل باعتبارها منطقة مستقرة لم تكن أبداً مصدر تهديدٍ لأي طرف"، مؤكداً أن الاستهداف "يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة إقليم كوردستان والعراق".

بدوره دعا رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، مساء يوم الاثنين، الحكومة الاتحادية إلى اتخاذ موقف صارم إزاء الانتهاك الذي طال سيادة العراق وإقليم كوردستان.

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قصف أربيل عملاً عدوانياً يقوض العلاقة بين بغداد وطهران.

وقالت إيران إنها أطلقت صواريخ على مسلحي تنظيم داعش في سوريا ردا على تفجير أودى بحياة العشرات خلال إحياء ذكرى مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بوسط إيران في الثالث من يناير كانون الثاني. وكان سليماني يشرف على شبكة من الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في المنطقة وقُتل في هجوم بطائرة مسيرة في 2020.

وفي باكستان، قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن طهران دمرت قاعدتين لمسلحين بلوخ من جيش العدل المتمركز في باكستان والذي أعلن في ديسمبر كانون الأول مسؤوليته عن هجوم أودى بحياة أفراد من قوات الأمن الإيرانية. وشنت باكستان هجمات على مسلحين انفصاليين داخل إيران يوم الخميس ردا على هجمات إيران.

 

أين تنشط إيران ووكلاؤها؟

تحت إشراف سليماني، أنشأت إيران شبكة من الفصائل المسلحة الحليفة في عدة دول عربية وقويت شوكة تلك الفصائل خلال السنوات التي تلت الغزو الأمريكي للعراق في 2003 وتتزايد منذئذ.

وتنفي إيران أنها توجه عن كثب الهجمات التي يشنها وكلاؤها، قائلة إنهم يتصرفون من تلقاء أنفسهم. وتعبر عن دعمها على نطاق واسع لتحركاتهم المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.

العراق: دعمت طهران مسلحين شيعة في العراق خلال الاحتلال الأمريكي ولا تزال تحافظ على هذه الروابط.

وتهيمن جماعات مدججة بالسلاح ومتمرسة على القتال موالية لطهران وتربطها صلات وثيقة بالحرس الثوري على قوات الحشد الشعبي التي يبلغ قوامها 150 ألف فرد، وهي قوات عراقية شبه عسكرية تعمل تحت مظلة الدولة.

وقصفت قوات الحشد الشعبي قواعد أمريكية بالصواريخ في عشرات الهجمات في العراق وسوريا. وردت واشنطن بغارات جوية منها واحدة أسفرت عن مقتل أحد القادة في بغداد.

سوريا: تمثل سوريا طريقا رئيسيا لعبور الفصائل المتحالفة مع إيران بين العراق ولبنان. وبعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011، تدخلت طهران لدعم الرئيس بشار الأسد بإرسال مستشارين من الحرس الثوري ومقاتلين من العراق وباكستان وأفغانستان. وقاتل حزب الله بجانب هذه الجماعات لدعم الأسد. وما زالت هذه الجماعات منتشرة في أنحاء سوريا.

لبنان: حزب الله هو أكثر حلفاء طهران المسلحين ولاء، وتشكل حزب الله في ثمانينيات القرن الماضي لقتال القوات الإسرائيلية في لبنان، ويمتلك ترسانة تتألف من عشرات الآلاف من الصواريخ ويضم مقاتلين مدربين جيدا خاضوا قتالا مع مسلحين من السُنَّة لسنوات في سوريا. ويشن حزب الله هجمات يومية على القوات الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل.

اليمن: تسيطر جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على مساحات كبيرة من اليمن منذ 2014 وخاضت قتالا ضد تحالف مدعوم من السعودية من أجل بسط النفوذ في البلد الذي مزقته الحرب. وكانت طهران من بين أوائل من دعموا الحوثيين في قتالهم أمام الرياض خصمها اللدود. وتطلق جماعة الحوثي، أو أنصار الله بحسب الاسم الرسمي لها، صواريخ في الوقت الحالي على إسرائيل وعلى سفن تجارية وناقلات نفط في البحر الأحمر. وتهاجم الولايات المتحدة أهدافا للحوثيين في اليمن.

 

هل الهجمات لها علاقة بحرب اسرائيل وغزة؟

يقول "محور المقاومة" المدعوم من إيران إن تحركاته المنسقة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول رد على قصف إسرائيل لغزة واجتياحها البري للقطاع.

وأشار الحوثيون وحزب الله وجماعات أخرى إلى أنهم سيوقفون هجماتهم بمجرد أن توقف إسرائيل هجومها على الفلسطينيين.

وتتشارك إيران ووكلاؤها هدف وقف القصف الإسرائيلي على غزة وطرد القوات الأمريكية من المنطقة نهائيا.

لكن بخلاف ذلك، فإن لديهم مصالحهم المحلية الخاصة.

حزب الله هو أكبر الجماعات نفوذا في لبنان ويسعى إلى تجنب تصعيد الصراع أو العمليات العسكرية المكثفة من جانب إسرائيل، وهو ما قد يهدد مكانته في لبنان.

ويقول محللون إن الحوثيين يسعون إلى استعادة السيطرة في اليمن ويستغلون الحرب الجارية لتأكيد قوتهم العسكرية وأهميتهم الإقليمية. لكن المدى الدقيق لتحكم إيران في تحركات الحوثيين محل جدل.

فيما حققت قوات الحشد الشعبي ثراء من خلال الهيمنة على أجزاء كبيرة من الدولة والاقتصاد. وتتبع الجماعات الأكثر ولاء لإيران أوامر طهران، لكن ثمة جماعات أخرى تسعى إلى المال والنفوذ وتعتقد أن الاضطراب في المنطقة قد يضر بهيمنتها في العراق، حسبما يقول بعض المسؤولين.

 

هل سيتأزم الوضع أكثر؟

تشير تقديرات مسؤولين ومحللين غربيين وإقليميين إلى أن إيران ترغب في تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكنها تعتزم استخدام وكلائها لإبقاء جيشي عدويها في المنطقة في حالة انشغال.

ويكمن الخطر الأكبر للتصعيد في أي هجوم غير محسوب بدقة تنفذه إيران ووكلاؤها من جهة أو الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة أخرى، على سبيل المثال قتل جنود أمريكيين.