نوروز الكورد المقدس.. شعلةٌ تتقد لتعلن ولادة عامِ جديد

أربيل (كوردستان24)- يحتفل الكورد في الـ 21 من مارس/آذار بيوم ولادة جديدة دحرت الظلم، لذا فإن هذا التأريخ هو اليوم الأول من السنة الكوردية الجديدة، وهو مقدس عندهم حتى يومنا هذا.

ويحتفل إقليم كوردستان العراق والكورد في أجزاء كوردستان الأربعة، ومختلف أرجاء العالم بعيد النوروز، العيد الأشهر لدى أبناء القومية الكوردية وهو أيضا يوم الاعتدال الربيعي وعيد رأس السنة.

وتشهد مدن كوردستان العراق احتفالات واسعة، حيث يحتشد الكورد في مناطق متعددة على أنغام أغاني الفلكلور الكوردي والدبكات الشعبية، مرتدين الأزياء التقليدية التي عادة ما تشترى أو تفصل لدى خياطين متخصصين لهذه المناسبة.

وعيد النوروز، أهم الأعياد لدى أبناء القومية الكوردية، ويوم رأس السنة، التي وصلت إلى عام 2634، ويمثل "الحد الفاصل بين الشتاء والربيع، و"نوروز" اسم مركب يتكون من كلمتي "نوى" و"روز" ويعني يوما جديدا.

ولا تخلو أي مناسبة قومية من جذور نشأتها وأسبابها، وإن اختلفت الآراء بشأن ذلك بين المؤرخين، وعيد النوروز في 21 مارس/آذار واحد من تلك المناسبات.

وعن أصل النشأة يرى باحثون كورد أن المناسبة تعود إلى قرابة 700 عام قبل الميلاد، وترتبط بقصة البطل الكوردي كاوه الحداد الذي انتصر على ملك شرير وظالم يدعى زهاك ويعرف بالعربية بالتنين.

وتحكي الروايات أن زهاك كان يملك أفعى تتغذى على أدمغة الأطفال، وحينئذ سلب 15 طفلا من أطفال الحداد، ولم يبق لديه سوى طفلة صغيرة فقرر أن يفديها بروحه فتوجه إلى قصر زهاك بمطرقته واستطاع التغلب عليه، ثم أوقد النيران فوق القصر وحمل شعلة بيده؛ فعرف الأهالي أنه قد انتصر، وأن هذه النيران هي مشعل الحرية وأن 21 مارس/آذار يوم ولادة جديدة دحرت الظلم، لذا فإن هذا التأريخ هو اليوم الأول من السنة الكوردية الجديدة، وهو مقدس عندهم حتى يومنا هذا.

وكانت النار توقد قديما على أسطح المنازل في إشارة إلى حتمية انتصار النور على الظلام، وهي دليل على فرحة التحرر وانتزاع الحرية كما يعتقد.

ويرى باحثون آخرون أن السومريين الذين حكموا المنطقة من الأقوام الأوائل الذين اختاروا هذا التاريخ واحتفلوا به، وجعلوه بداية التقويم لديهم، وتشير الدلالات التاريخية إلى تنصيب السومريين ملوكهم وحكامهم في هذا التوقيت.

ومن الحكايات الأخرى أن النوروز هو يوم هبوط النبي آدم عليه السلام على سطح الأرض.

كشف مؤرخ كوردي، يعمل على إحياء التاريخ الكوردي منذ 30 عاما، استنادا إلى العديد من الأدلة، أن نوروز عيد كوردي ولا علاقة له تاريخياً بالفرس أو أي أمة أخرى.

المؤرخ سوران حمرش، والباحث في تاريخ الكورد منذ 30 عاماً، يوضح ما يلي:

ولد الاحتفال بنوروز، عند أقدم حضارة في تاريخ البشرية، وهي الحضارية السومرية، كان الاحتفال على هذا النحو: "احتفلوا في الربيع، وأوقدوا النيران، ليقوموا بحرق (إله الشرر)، وكان لهم عيد آخر في  الخريف حيث  قاموا بتلوين البيض، والرسم عليه، بما يشير إلى الأمل في ولادة جديدة، ولا يزال هذا الاحتفال الثقافي والتاريخي قائماً بين الإيزيديين واليارسان.

وفي التاريخ المعاصر، أشار الكورد أيضا إلى نوروز باسم "نوروژ"، وهو ما يعني "جديد" في اللغة الكوردية القديمة، والآن تستخدم بعض المناطق كلمة "جديد" بنفس اللفظ، ولكن تحت تأثير الدول المعادية للكورد، تم تغيير اسم نوروژ إلى نوروز، وحول الصراع التاريخي على نوروز بين الكورد والفرس، قال المؤرخ الكوردي سوران حمرش: " لا توجد شراكة بين الكورد والفرس فيما يتعلق بنوروز، تاريخياً".

وقال المؤرخ الكوردي، استنادا إلى دراسات وأدلة تاريخية: "كانت أسطورة "كاوا و زوحاک" مرتبطة بالصراعات بين الجبهتين الكورديتين، فجزء من الكورد الذين عاشوا في الجبال كانوا من أتباع الآلهة "ئەژدەهاک بیورئەسپ"  التي لا علاقة لها بالتنانين الميدية، والسومريون الذين عاشوا في السهول عبدوا إلها آخر".

كاوه والضحاك، أسطورتان دينيتان في التاريخ الكوردي، ولاتتعلقان بعبادة جبهتين من الكورد،  وكانوا يعبدون إلهين مختلفين". هكذا قيل عن الأسطورة قبل 1،500 سنة.

ويشير هذا المؤرخ الكوردي إلى قصيدة رجل يارسان ويعتبر نفسه من نسل كاوا ويقول:

ئەسڵمەن جە کورد، ئەسڵمەن جە کورد

بابۆم کوردەنان، ئەسڵمەن جە کورد

من ئەو شێرەنان چەنی دەستەی گورد

سلسلەی سپای زەحاک کەردم ھورد

وتعني: بَصمتي كوردية، أبائي وأجدادي كورد، أنا ذلك الأسد الذي كسر سلاسل الـ " زوحاک" مع جندي بطل.

وأضاف، أن الشاعر أحمد خاني، قبل أكثر من 300 عام، أشار إلى نوروز في ملحمة "مم و زين"، ووصف فرحة الكورد باستقباله، بهذه الأبيات:

دەورا فەلەکی ژ بەختێ فەیروز

دیسان کو نوما ژ نوڤە نەوروز

مەبنی ل وێ عادەتێ موبارەک

شەھری یو سوپاسی یان ب جارە

سەرسالی و باکیر و روالان

سەد سالی و جوان و پیر و کالان

سەرسال ل رەسم و راھێ مەعھوود

گیرا ل جیە و مەقامێ مەحموود

حتى قبل نحو  100 سنة خلت، عندما تم الاحتفال بعيد النوروز في منطقة موكريان ، أقيم حفل رمزي لانتخاب الأمير السومري.

قبل الشاعر بيرميرد، لم يكن نوروز سياسيا، لكنه كان احتفالا ثقافيا، ولكن مع صعود الحركة السياسية الكوردية، صنع بيرمرد بقصيدته الشهيرة غطاءً سياسيا لنوروز.