نعم مسرور بارزاني لایساوم علی حقوق شعب کوردستان

Kurd24

بعد أن توصّلت حكومة إقليم كوردستان مع الحكومة الاتحادية إلى اتفاق بشأن ملف رواتب موظفي الإقليم، شاهدنا کیف خرست أبواق التملق والنفاق والأحادية السياسية، وتجمدت أحبار الأقلام المخنثة وتقهقر الإعلام الخشبي للذين يدعون بأنهم قوی معارضة لحکومة إقلیم كوردستان، بعد أن فقدوا القدرة على إعادة أسطوانة التضخيم المشروخة، فلم يتمکنوا أن يحجبوا بقشتهم الأخيرة قوة وإرادة الشمس التي استعصت على حجبهم فظلت تسطع في سماء كوردستان.

لقد تمکن مسرور بارزاني، رئیس حکومة إقلیم كوردستان، الذي يفضل أن یسمی بـ"البيشمرگة" الخادم لقضية شعب كوردستان، بحنکته السياسية و إستراتیجیته العميقة ودبلوماسيته الذکية إبطال إدعاءاتهم الزائفة والهادفة لتطبيق أجندات أطراف داخلية عميلة وخطط إقلیمية فاسدة تسعی للنیل من قدرة الإقلیم و مكانته و شرعیته الداخلية والدولية، بعد مرور ثلاثة وثلاثين عاماً علی القرار رقم (688) المهم والتاريخي الصادر من مجلس الأمن الدولي والذي مهّد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية ناجحة، نتج عنها تشكيل حكومة إقليم كوردستان.

إنه القيادي اللامع في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ذلك الحزب الذي أسسه القائد الخالد مصطفی بارزاني، الرمز التأريخي الناصع للعدالة والصمود والنضال والكفاح. لذا تحول هذا الحزب العريق إلی مؤسسة سياسية جامعة، هدفها الحفاظ على ثقة جماهير کوردستان، والنضال بصدق وإخلاص من أجل تحقيق سائر طموحات شعب کوردستان وأهدافه المشروعة.

لقد واجه مسرور بارزاني ببسالة وشجاعة فائقة كافة الصعوبات والعراقيل، التي وضعت أمام حکومتە، ووقف کجبل شامخ أمام الانتهاکات المتکررة للدستور والقرارات التعسفية من قبل المحکـمة الاتحادية ضد الإقلیم وسعی بجدية و إخلاص إلی الوصول لحلول جذرية للمشاکل العالقة بين الحکومة الاتحادية والإقلیم بغية ضمان حقوق ومستحقات شعب إقلیم كوردستان والحفاظ علی وحدة البیت الكوردستاني وتعزيز الثقل الدستوري للإقلیم وإبقاء احترام مبدأ التعددية السياسية وتقدير للاختلافات والتعايش والعمل المشترك.

فهو المؤمن بفکرة إنشاء دولة مدنية قائمة علی مبادئ المساواة ورعاية الحقوق إنطلاقاً من قيم أخلاقية في الحكم والسيادة.

فالدولة في نظر مسرور بارزاني هي إرادة المجتمع ومدنيتها، يجب أن تنبع من إجماع المواطنين ومن إرادتهم المشتركة في إرساء مبادئ العدل وعدم خضوع الأفراد إلی انتهاكات لحقوقهم من قبل أطراف أخری أو سلطة عليا، المتمثلة بالدولة، التي عليها تأسيس أجهزة سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوى والنزعات الفردية أو المذهبية لتطبيق القانون والبنود الدستورية.

فالدولة التي لا تؤسس علی نظام مدني ولاتقوم أساساً علی السلام والتعايش السلمي وقبول الآخر المختلف والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة في التعاقد والتبادل، لا يمكن أن توصف بالدولة المدنية.

الحزب الديمقراطي الکوردستاني يری في ممارسة سياسة ضبط النفس والتهدئة والعمل علی تعزيز أواصر الصداقة بين مکونات الشعب العراقي وتثبيت أسس الشراكة الوطنية بروح المساواة من أجل إفشال المخططات التي ترید النیل من شعب إقلیم كوردستان وحسم المواضیع العالقة بين الإقلیم والحکومة الاتحادية من دون مزيدٍ من التأخيرْ ضمان للسلم في العراق و من أولويات العمل السياسي في هذه المرحلة.

إن غزو الحقل السياسي والتحكم بالقرارات، کما فعلتها المحکمة الاتحادية، تزرع النزعات الطائفية والقومية وتروّج لسياسة الاحتراب والاقتتال و الإنفراد وتكون في النهاية ضربة مدمرة للمشروع الفدرالي في العراق، الذي لا يمكن أن يُدار إلا بالشراكة الحقيقية.

في السنوات الماضية شاهدنا في العراق سعي حثيث من قبل أطراف داخل الإطار التنسيقي مدعومة من الخارج نحو تحديد صور التبادل، قائم علی الفوضی والعنف، كأسلوب ووسيلة لتحقيق الأهداف الطوباوية والایدیولوجیات الشمولية والمشاريع المستحيلة والقيم المبنية علی إستراتيجية الرفض والإقصاء للمختلف، بإتهامه و نبذه أو استبعاده و إلغائه، بعیداً عن إقامة النظام والسلام والعيش المشترك والقيم الإنسانية العامة، ناهيك عن العمل في سبيل الحقوق المهضومة لشعب كوردستان.

المعروف هو أن الشعب العراقي عانی الكثير من الظلم و الاستبداد من جراء العسكرة والحروب، التي شكلت حالة من الكبت النفسي لديه‌ وطوقته بأسوار متعددة ابتداءً من مرحلة التنصت السري والمتابعة الظلية وانتهاءً بالقتل الجماعي والأنفلة، لذا نرفض ومعنا کل القوی الديمقراطية المؤمنة بالفدرالية والتعددية في العراق نظرية عسكرة المجتمع وتفعيل دور المیلیشیات الخارجة عن القانون جملةً و تفصيلاً.

علیه عزل  وإبعاد أصحاب هذه النظرية من علی السلطة ومراكز القرار بأسلوب مدني متحضر. فأصحاب الهويات المغلقة والعقول المفخخة يستنكفون من ممارسة التقی والتواضع، وذلك بالثورة علی الذات للتخفيف من أمراضهم النرجسية ومركزيتهم الإصفائية و استبداديتهم، فهم يهدفون دوماً إلی محو الفدرالية و تخريب العمران ویحولون أزماتهم الداخلية نحو إقليم كوردستان.

نعم مسرور بارزاني الذي ناضل إلی جانب شعبه من أجل حقوقە الدستورية لایقبل المساومة علی تلك الحقوق المشروعة. إن شعب كوردستان اليوم على أهبة الاستعداد للدفاع عن مكتسباته‌ المدونة في الدستور والتي تحققت بدماء الشهداء.

ولكي لا تبقی دولة العراق علی الهامش أو في مؤخرة الركب العالمي علی الجهات الفاعڵة في العراق العمل علی إيقاف محاولات خرق الدستور من قبل رئيس المحکمة الاتحادية وعلی رئیس الحکومة الفدرالية، الذي شکرە مسرور بارزاني لمساندته ودعمه لتجاوز العقبات والمعوقات المفتعلة، دفع مخاطر التفرد ومنع عودة الدكتاتورية، التي تخنق الشراكة الوطنية.

لا يمكن البحث عن حلول جذرية للمشاكل القائمة بين الإقليم والحكومة الاتحادية عند دول إقلیمیة لم تنجح هي علی أرضها في تحسين شروط العيش لمواطنيها وإحراز التقدم والازدهار.

الدول المتقدمة أثبتت بأن الولاء للدولة لا يمكن أن يأتي بالتسلح والعنف ونشر الخوف والرعب واستخدام الميلیشیات والحشود المسلحة في الصراع السياسي والحملات الشوفينية وقطع رواتب الموظفين وتجسيد إرادة الشطب والإلغاء وبناء مصانع سلطوية لا تنفك عن انتاج التفاوت والتفاضل أو الانتهاكات و الارتكابات المضادة للقوانين والحقوق، بل بنشر الأمن والأمان والاستقرار، كما الحال في إقليم كوردستان. فشؤون البلاد يجب أن تدار بالدستور والقانون، لأنهما المظلة التي يستظل بها كل مواطن سواء في العراق الاتحادي أو في الإقلیم.

وختاماً: يقول المفكر الأمريكي جورج هربرت ميد (1863-1931)، صاحب نظرية التفاعل الرمزي، "لا يمكن أن نطور وعي الذات بدون الاعتراف بالآخر"، فالمكابرة والغطرسة والاستكبار هي التي تولد العنف وتنتج الفتن والحروب الأهلية والاعتراف المتبادل يعزز ويبلور قيم التقی والتواضع أو التبادل والتضامن.