الوحدة في الأزمات

Kurd24

إن الكيان السياسي الكردستانى والكيان العربى العراقي متشابكون إلى حد بعيد، لأن كلا منهما يأتي من رحم معاهدة سايكس بيكو. إن الانكليز والفرنسيين لا يجهلان على الإطلاق هذه المؤامرة. وكانت النتيجة أن الشقيق يعذب شقيقه، وإذا نجوا من جهد لهدم الآخر، عاشوا معا في خلاف أبدي طوال حياتهم المريرة.

بعد عام 2003، كان أمل العراقيين في إقامة بلد ديمقراطي جديد يحظى بدعم نسيج المجتمع العراقي. لقد اجتمعوا لكتابة دستور جديد لجلب البلاد معا مرة أخرى وإلى الأبد. وقد لعبت القيادات الكردية دورا هاما في كتابة الدستور الجديد. لقد صوت شعب كردستان بصوت ساحق على الدستور الجديد ولكن تنفيذ الدستور الجديد هو قصة أخرى، بعد أن أصبحت الحكومة المركزية قوية، فإنها بدأت الابتعاد عن روح الدستور ببطء. وكان هذا واضحا جدا عندما أخفق بتنفيذ المادة 140 في الدستور العراقي المتعلقة بالمنطقة المتنازع عليها. هذه المادة في الدستور هي المفتاح لحل جميع الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان. كان على الشعب الكردستان أن يعرف بعد ذلك أن تقاسم السلطة لم ينجح، وينبغي أن ينسحب من البرلمان العراقي والحكومة آنذاك، لكنهم ارتكبوا خطأ كبيرا بالبقاء فيها. وقد اختفى تقاسم السلطة تقريبا بحلول عام 2014، قبل هجوم  داعش العراق.

مع ذلك انضمت قوات البيشمركة إلى القوات العراقية والحلفاء الدوليين لمحاربة داعش في العراق وسوريا. وقد حققوا معا انتصارات كبيرة ضد داعش حتى أيلول / سبتمبر 2017. وخلال هجمات داعش في عام 2014، فرت القوات العراقية من معظم المناطق في الشمال. وقد دخلت قوات البيشمركة في معظم هذه المناطق وخاصة محافظة كركوك وأغلب المناطق المتنازع عليها وفقا للدستور العراقي. وقامت قوات البشمركة بمحاربة داعش والدفاع عن جميع أجزاء العراق والعراقيين من الإرهاب وحمايتهم بأرواحهم.

وقد أصبح واضحا للقيادة في إقليم كردستان، وكذلك القيادة في الحكومة العراقية، أنهم على طريق متقاطع - ليس فقط من حيث السيطرة على المناطق المتنازع عليها - ولكن الأهم من ذلك، الاختلافات الواضحة التي ظهرت في العقلية من القادة في بغداد تجاه شعب إقليم كردستان. هذا الاختلاف في عقلية قاد قيادة إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء الدستوري في 25 سبتمبر 2017 لتحديد مستقبل الأراضي المتنازع عليها، أجرى شعب كردستان استفتاء في كل إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها، 72.3٪ من مجموع السكان قد صوتوا، إجمالى من صوتوا بنعم للاستقلال كان 92.7٪ . وبعد أحداث 16 تشرين الأول / أكتوبر، ثبت أنهم على حق في الدعوة إلى إجراء الاستفتاء بما يقومون به تجاه الشعب الكوردستانى بعد السيطرة الحكومة والحشد الشعبى على المناطق المتنازع عليها. وسيكون التا ريخ هو الحكم على دعوتهم للاستفتاء.

بعد هزيمة داعش في المنطقة الأخيرة في الشمال (الحويجة) من قبل الجيش العراقي و الحشد الشعبي، واصلوا هجومهم بأستخدام أسلحتهم الأمريكية ضد شعب كوردستان تحت أعين الحلفاء. في 16 أكتوبر / تشرين الأول، نفذوا هجوما كبيرا على قوات البيشمركة بمساعدة داخلية لسوء الحظ، تمكنوا تقريبا من السيطرة على جميع المناطق التي كانت تحت سيطرة البيشمركة بعد عام 2014.

بعد 16 أكتوبر / تشرين الأول، يواجه إقليم كردستان أزمتان داخلية وخارجية يجب أن يعمل على الفور للخروج من هذه الفوضى متحدين. لقد مدد البرلمان الكردستاني فترة البرلمان والحكومة لمدة ثمانية أشهر أخرى حتى الانتخابات المقبلة لتحقيق الوحدة بين الجميع في هذه الفترة بعيدا عن توجيه الاتهامات بعضهم للبعض الاخر، وتتطلع إلى مستقبل أفضل لشعب كردستان، ولتحقيق هذه الوحدة يجب أن تعالج الأمور التالية فيما يتعلق بهيئة رئاسة إقليم كوردستان والفروع التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة كخارطة طريق للخروج من هذه الازمة:

 هيئة رئاسة إقليم كردستان:

في 29 أكتوبر / تشرين الأول 2017، طلب رئيس إقليم كردستان من برلمان كردستان العراق توزيع صلاحياته بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية. وطلب الرئيس بارزاني من البرلمان عدم التلاعب بقانون الرئاسة حتى الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها في عام 2018 (ثمانية أشهر). والسؤال الذي يتعين النظر فيه هو: هل ينبغي أن يظل قانون هيئة رئاسة الأقليم ساري المفعول أم أن يلغيه البرلمان. وإذا ألغي القانون، ستتوقف المناقشة. وإذا لم يلغ القانون، فستكون المناقشة حول تحديد سلطات رئيس إقليم كردستان. وإذا وافق البرلمان على سلطات الرئيس، ومن ضمنها أن رئيس الاقليم سوف يكون مسؤولا أمام البرلمان مباشرة ، وستركز المناقشة بعد ذلك على ما إذا كان ينبغي انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب أو انتخابه من قبل البرلمان. وينبغي ألا يكون موقف الرئاسة صوريا، كما هو الحال في مكتب الرئاسة في العراق. 

 

 2 - الفصل والإصلاحات في الفروع التنفيذية (القضائية والتشريعية والتنفيذية) على النحو التالي:

 أ- السلطة القضائية:

ومن أجل بناء الثقة بين شعب كردستان والحكومة، يجب أن يجدد النظام القضائي بالكامل لكي يصبح مستقلا تماما. ولا ينبغي أن يكون لأي شخص سلطة على السلطات القضائية. وما لم تتخذ هذه الخطوة الهامة على الفور وبصدق، فإن مواطني كردستان لهم الحق في الاعتقاد بأن حقوقهم غير آمنة. وسيشعرون بأن حقوقهم الإنسانية والمدنية ستظل تنتهك. وهذا الوضع سيعيدنا إلى "مربع الاول"، وهو حالة من انعدام الثقة والشك بين الشعب والسلطة القضائية

ب - السلطة التشريعية:

انتخبوا من قبل شعب كردستان، يجب أن يكون الشعب قادرا على أن يثق في البرلمان بأن يكون محايدا لأنه يفرض العملية الديمقراطية وكذلك سيادة القانون. ويجب على البرلمان أن يعمل كهيئة واحدة لوضع الإطار القانوني اللازم لضمان إجراء انتخابات نزيهة. وإذا كان الشعب لا يؤيد البرلمان ولا يثق بهذه الهيئة للإشراف على عملية انتخابية عادلة ونزيهة، فلن نتحد بوصفنا شعبا، وسيواصل مجتمعنا الكتابة والجدل فى هذا الموضوع. وفي هذا الصدد، لا يمكن المبالغة في تقدير أهمية قدرة البرلمان على التصرف بمسؤولية وأمانة وكفاءة، لأنه يكسب ثقة الجمهور ككل. وغني عن البيان أن جميع الأحزاب السياسية يجب أن تكون متحدة وأن تقف خلف البرلمان لأنها تتخذ قرارات جريئة للتحضير للتحديات التي ستواجهها خلال الأشهر الثمانية القادمة.

 ج - السلطة التنفيذية:

بعضهم يدعو إلى "حكومة انتقالية" للمساعدة في حل الأزمات السياسية والاقتصادية الحالية لحكومة إقليم كردستان. وسيكون من الصعب تحقيق ذلك خلال فترة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي. ولإصلاح هذه الحكومة، يجب علينا جميعا أن نعمل معا لدعم الحكومة في هذه الفترة الانتقالية. ويكمن التحدي الأكبر الذي تنتظره الحكومة في انتخاب لجنة جديدة تقودنا خلال الأشهر الثمانية القادمة، فضلا عن تمثيل مواطني إقليم كردستان في مفاوضاتها مع الحكومة المركزية فيما يتعلق بجميع النزاعات بينهما. ولتحقيق هذه الأهداف يجب على الحكومة أن تقوم بما يلي كخريطة طريق للخروج من هذه الأزمة:

  1. تكوين لجنة جديدة من المثقفين والأكاديميين للعمل كمستشارين من خارج الحكومة والأحزاب السياسية ويجب أن يتضمن هذه اللجنه فقهاء فى الدستور. وستساعد هذه الهيئة الاستشارية الحكومة والبرلمان في هذه المرحلة الحرجة. لان المستشارون الحاليون مسئولين عن فشلنا في العديد من القطاعات داخل وخارج إقليم كوردستان. وينبغي أبعادهم بحيث يتمكن المستشارين الجدد الغير ملتزمين بالأنماط القديمة من مساعدة الحكومة والقادة البرلمانيين على تمرير مرحلة جديدة من المسئولية للمساءلة والشفافية.
  2. يجب على الحكومة والبرلمان إنشاء لجنة جديدة مع مسئوليات للقيادة خلال هذه الفترة الحالية من الأزمة. وينظم القانون مسئوليات وسلطات اللجنة حتى الانتخابات القادمة، ستسمى لجنة الأزمات والسلام أو أي اسم آخر يتفقون عليه.
  3. وسيتولى اللجنة الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء ونائبه، مهمة المشاركة في جميع المفاوضات بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. وستشارك أيضا في جميع المناقشات الإقليمية والدولية المتعلقة بجميع جوانب الحكومة وحقوق شعب كردستان. وستكون هذه مهام اللجنة سارية المفعول لمدة 8 أشهر حتى الانتخابات القادمة.
  4. ويجب على الحكومة أن تعمل بشكل وثيق مع البرلمان لتنفيذ أي قوانين جديدة.

  5. 5 - وكما ذكر آنفا، يجب على الحكومة أن تعمل بجد لإصلاح النظام القضائي لكسب تأييد الشعب. إن وجود نظام قضائي مستقل قادرعلى تنفيذ قانون بحرية يمكن الحكومة من السير على الطريق الصحيح نحو بناء دولة ديمقراطية متينة تكفل المساواة للجميع في ظل سيادة القانون. وسيتيح لنا هذا الإصلاح الأساسي للبدء في عملية بناء الأمة التي ستؤدي إلى نظام حكم ديمقراطي لا يكون فيه أحدا فوق القانون.

  6. 6 - وأهم عنصر أساسي لتمكين بناء الثقة بين الحكومة والشعب هو تحقيق الشفافية الكاملة والمساءلة والمسئولية. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على الحكومة أن تنشر الواردات والمصروفات الدقيقة، حتى يتمكن الناس من رؤية ما تقوم به الحكومة للمرة الأولى بكل الأموال التي تأتي إلى خزائنهم. وبهذه الطريقة ستبدأ الحكومة ببطء في بناء ثقة بين الشعب والجكومة مرة أخرى. ويجب مراجعة هذه التقارير والموافقة عليها من قبل هيئة رقابة دولية لمراجعة الحسابات وكذلك من قبل البرلمان. وينبغي أن يعاقب بشدة حسب القانون الفاسدين والذين يسيئون التصرف بأموال الدولة بدون قيد أو شرط.

  7. إن تحديث قوات البشمركة وإضفاء الطابع المهني عليها أمر لا بد منه. تحت إشراف المستشارين والفنيين العسكريين من أمريكا وفرنسا وألمانيا، سيتم تثبيت الاحتراف وإزالة الحزبية. ويجب توحيد القوات العسكرية وإزالتها من سيطرة أحزابها وولائها أو ملكيتها. وفي الوقت الذي يصبح فيه الجيش مهنيا وحديثا، ينبغي أن يتقاعد الضباط الغير مؤهلين أو يعاد تأهيل الضباط الأخرين بغض النظر عن رتبهم العسكرية أو ولائهم لأي حزب سياسي. ويجب اعتماد الحياد كأخلاق حاكم إذا أريد للمؤسسة العسكرية أن تحترم وأن يعهد إليها بحماية الشعب.

  8. العلاقات الخارجية: على الصعيد الدولي، ينبغي إعادة النظر في ممثليات حكومة الإقليم في الخارج، كما ينبغي تعيين الأشخاص المؤهلين لتمثيل حكومة الإقليم وفقا لاختصاصاتهم وليس على أساس المحسوبية والمنسوبيه أو الولاء الحزبي. وذلك لتشكيل لوبي قوي يمكن أن يبني علاقات قوية مع الدول التي يعملون فيها والاستفادة من خبرات المثقفين الكورد في هذه البلدان أيضا.

  9. تكليف لجنة مستقلة بإجراء تحقيق شامل في آثار الاستفتاء وأحداث 16 أكتوبر من أجل معرفة وتحديد طبيعة وأسباب الاستفتاء وعواقبه ووسائل التعامل معها وسبل التخلص من الآثارها ، ودراستها بالتفصيل للخروج برؤية تحليلية واقعية للأزمة، بعوامل داخلية وخارجية. وتقديم تقرير مفصل إلى الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية الكردية لدراستها لتجنب تكرارها في المستقبل.

  10. مجلس القيادات السياسية

  11. وقد حل هذا المجلس محل لجنة الاستفتاء، دون وجود سلطة قانونية حتى الآن لأنه لم ينظم بقانون أو سلطة. ولا أحد يعرف ما هي سلطة المجلس، أو ما يمثله. غير أن هذا المجلس يمكن أن يكون محفلا هاما للأحزاب السياسية لمناقشة القضايا الوطنية المتعلقة بمستقبل شعب كردستان. ويمكن للمجلس أن يعمل كهيئة استشارية أخرى للحكومة في هذه المرحلة. وأهمية هذا المجلس هي دعم البرلمان والحكومة من خلال إسهاماتهما في المسائل المصيرية لشعب كوردستان.

  12. المفاوضات مع الحكومة العراقية

  13. يجب أن تجري المفاوضات مع الحكومة العراقية فقط بحضور هيئة محايدة مثل الأمم المتحدة أو أمريكا أو فرنسا أو ألمانيا. لأن هناك خلافات جذرية في تفسير الدستور بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.

 هناك شيء مؤكد: إن أملنا في الاستقلال لن يموت أبد

 

هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان24 بأي شكل من الأشكال.