الاتفاق النفطي, مزايا ومواقف

Kurd24

ليست كل ايام العراق حزينة, فيوم الثلاثاء الرابع من نيسان 2023 ‏ يعد يوما غامرا بالفرح وباعثا للتفاؤل لكل العراقيين المخلصين لهذه البلاد. ففي هذا اليوم تم توقيع اتفاق استئناف تصدير نفط الاقليم بين بغداد وأربيل برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني. تضمن الاتفاق وضع أليات لتصدير قرابة نصف مليون برميل من النفط يومياً من إقليم كوردستان وبعض من نفط كركوك, وادارة عوائدها (تودع في حساب بنكي خاص) يخضع للرقابة المالية الاتحادية, وتشكيل لجنة مشتركة تشرف على مبيعات نفط إقليم كردستان في الأسواق العالمية.

هذا الاتفاق يعتبر خطوة جادة ونقطة تحول نحو حل شامل لملف تعذر حله على الحكومات السابقة لسنوات خلت.

والأتفاق النفطي يحمل عدة دلالات أهمها وجود ارادة سياسية جادة وصادقة لدى الحكومة الاتحادية برئاسة السيد محمد السوداني وحكومة الاقليم برئاسة مسرور بارزاني, وكذلك التعامل بحرفية وديناميكية لافتة عجلت الوصول إلى الاتفاق النفطي.

 

‏مزايا الاتفاق النفطي

- سينهي هذا الاتفاق خلافا قانونيا أستغرق تسع سنوات في أروقة المحاكم ختمها قرار المحكمة التجارية في باريس أواخر شهر مارس الماضي واستنزف مبالغ طائلة في مواجهات قضائية عكرت قبل حسمها صفو العلاقات بين بغداد وأربيل حول هذا الملف. والاتفاق سيكون حافزا قويا لتشريعات تملأ الفراغ القانوني المستمر منذ عام 2005 جراء عدم وجود قانون نافذ للنفط والغاز في العراق.

‏- ورد في كلمة السيد السوداني والسيد البارزاني أن هذا الاتفاق سيمثل أساسا جيدا لتمرير قانون الموازنة الاتحادية وكذلك قانون النفط والغاز الذي يعكف خبراء قانونيون على وضع اللمسات الأخيرة لمسودته لترسل بعدها الى مجلس الوزراء العراقي وبعدها للبرلمان للتدارس ثم المصادقة. ومن المؤمل أن يضع قانون النفط, بعد اقراره, خاتمة لكل الخلافات السابقة وسيحول دون ظهور أية خلافات مستقبلية في ادارة صناعة النفط والغاز في العراق.

- ان الأتفاق المبرم سيوقف الهدر المستمر بسبب جراء توقف تصدير قرابة حوالي 400,000 برميل يوميا من نفط الاقليم وحوالي 80000  برميل من نفط كركوك, تبلغ قيمها مجتمعة نحو 36 مليون دولار يوميا  وهو مبلغ ليس باليسير في ظل موازنة قدمت للبرلمان وتتضمن عجزا يقارب الخمسين مليار دولار.

- ‏الاتفاق سيوحد ادارة كل الصادرات النفطية في مؤسسة واحدة وهي شركة سومو, وبذلك ستصبح خطط التسويق وبرامجها أكثر توافقا مع قرارات منظمة الأوبك وتحالف الاوبك بلس, وأية التزامات دولية للعراق في الشأن النفطي.

‏- ان كسر الجمود والتوصل الى حلول جذرية لأدارة قطاع النفط والغاز وفق أسسس دستورية وتلتزم البرنامج الحكومي لكابينة السيد السوداني, سينشيء جسورا جديدة للثقة بين المركز والإقليم وسينعكس ايجابيا على معالجة الملفات الأخرى المعلقة منذ سنوات بشأن مناطق المادة 140 من الدستور وتخصيصات البيشمركة (حرس الأقليم) وغيرها.

 

‏مواقف و ردود أفعال

 احتلت أنباء الأتفاق النفطي بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان موقع الصدرارة في العديد من وكالات ألأخبار والقنوات الأعلامية المحلية والعربية والعالمية, كان معظمها يثني على الجهود الحكومية ومثابرة فرق التفاوض في اتمام هذا الاتفاق. ومن دواعي هذا الأهتمام المفرط هو التاثير المتوقع لأستمرار امدادات الطاقة في استقرار الأسواق التي بدأت تشهد ارتفاعات ملحوظة في أسعار النفط. حيث يأمل المستهكون الكبار في أوربا وأميركا أن تعمل التدفقات الجديدة للنفط في تهدأة الأسواق وخفض أسعار الطاقة بما يضمن استمرارالنشاط الصناعي والانفتاح الاقتصادي الذي تراجع كثيرا قبل سنتين ابان تفشي جائحة الكوفيد.

ذكر مراقبون أن ردور الأفعال في الداخل العراقي كانت باهتة وأقل حماسة من مثيلاتها الخارجية في تلقي أخبار الاتفاق. وبخلاف التوقعات, لم ترد في وسائل الإعلام المحلية الكثير من رسائل التهنئة والتقدير من الشخصيات والأطراف السياسية بشان النجاح الذي حققته حكومة السيد محمد شياع السوداني وحكومة الاقليم برئاسة مسرور بارزاني في التوصل لأتفاق لم يكن متوقعا من أي مراقب متفائل في السنوات السابقة .

هذه المواقف قد تفسر بأن بعض الأطراف السياسية في بغداد قد تكون منشغلة بجدالات قانون الانتخابات وقانون الموازنة,  وربما لا ترحب بانجاز جديد تحققه حكومة السوداني في عمرها القصير الذي لا يتجاوز ستة أشهر, ولاتتمنى لهذه الحكومة النجاح في معالجة ملفات تعثرت بها سابقاتها. كما أن هناك أحزاب أخرى في الإقليم, في الحكومة أو في المعارضة, لا تبدو مبتهجة حيال الأتفاق النفطي, ربما لكونها لم تشارك في صناعة هذا الاتفاق-الإنجاز الذي سيضيف بلا شك نقطة بل نقاط لمنجزيه. وبصرف النظرعن كل ما تقدم, فالاتفاق والتوافق في الشأن النفطي وفي أي شأن آخر بين الشركاء في الوطن يحتسب إنجازا لجميع العراقيين المخلصين و لن يكون حكرا لحزب أوفصيل معين .

‏يساورنا اعتقاد أن هذا الاتفاق السار هو أحد بركات هذا الشهر الفضيل التي حلت على العراق وشعبه الطيب, ونتأمل أن يكون فاتحة لبركات أخرى ومسرات أخرى تعم بلادنا في شهر رمضان المبارك وما تليه من شهور.