الموصل في ذكرى "لغز السقوط".. 8 سنوات بلا محاسبة وسط "أنقاض الخوف"

يقول جنود عراقيون فروا من الموصل باتجاه إقليم كوردستان وقتذاك إن سقوط المدينة يتحمله قادتهم
مسجد النوري الكبير بين الأنقاض - تصوير: أحمد الربيعي/ فرانس برس
مسجد النوري الكبير بين الأنقاض - تصوير: أحمد الربيعي/ فرانس برس

أربيل (كوردستان 24)- استعاد العراقيون ذكرى السقوط المدوي لمدينة الموصل على أيدي مسلحي تنظيم داعش في مثل هذا اليوم قبل ثمانية أعوام.

واستولى مسلحو داعش على مدينة الموصل في 10 من حزيران يونيو 2014 بعد انحساب مفاجئ لقوات الجيش والشرطة الاتحادية. وبعد شهرين احتل داعش مناطق تسكنها المكونات الدينية الأخرى، ولا سيما المسيحيين في سهل نينوى والايزيديين في سنجار.

وبعدها بسويعات قليلة تقدم المسلحون ليبسطوا سيطرتهم على ثلثي مناطق العراق، مما أدخل البلاد في أزمة وتحديات جمة تصدرتها أزمة مالية وتصاعد الخلافات بسبب الصراع المزمن والمتكرر حول تشكيل الحكومة الجديدة وتفجر أزمة نزوح لم تشهدها البلاد من قبل.



وتحمل إقليم كوردستان العبء الأكبر بعد فتح أبوابه للنازحين.

وقال نائب محافظ نينوى حسن العلاف في بيان "سأذّكر أهلي جميعاً بالشكر الجزيل لشعب كوردستان وقيادته التي احتضنت الكثير من الهاربين من بطش داعش على أراضيها".

وتابع "لن أنسى عندما اغرورقت عيني السيد الرئيس مسعود بارزاني عندما قال: العرب أهلي وهم ضيوفي ولا نسمح بأذية أي شخص منهم".

وأشار العلاف إلى أن "موقف كوردستان قيادة وشعباً كان موقفاً كبيراً وتاريخياً لأهلنا في نينوى عموماً ولأهل الموصل خصوصاً".

"لغز السقوط"

يصف كثير من العراقيين ما حصل للموصل بأنه لغز خاصة مع انسحاب جميع الوحدات العراقية أمام أعداد قليلة من المسلحين المتطرفين.

ولم تتم محاسبة المتسببين بسقوط الموصل لغاية الآن، فيما لا يزال مصير الكثير من سكانها مجولاً وخاصة عندما ظلت المدينة تحت سيطرة المتطرفين لثلاث سنوات عجاف.

وسقط الجانب الأيمن من الموصل أولاً، ثم بعد ذلك تداعى سائر المدينة فيما بررت الحكومة العراقية ما حصل بوجود خيانات أدّت إلى انسحاب الجيش.

وسبق أن قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن سقوط مدينة الموصل حصل بسبب "الفساد وسوء الإدارة" وطريقة التعامل مع السكان المحليين.

ولم يبسط داعش سيطرته على المدينة فحسب، بل سيطر على المنشآت الحيوية ومنها مبنى محافظة نينوى والمطار وقنوات تلفزيونية والمصارف وغيرها.

ويقول جنود عراقيون فروا من الموصل باتجاه إقليم كوردستان وقتذاك إن سقوط المدينة يتحمله قادتهم لعدم تمتعهم بالكفاءة والمهنية.

وكان إقليم كوردستان قد حذر الحكومة الاتحادية مراراً من أن المسلحين المتطرفين يعدون العدة لمهاجمة الموصل، إلا أن بغداد لم تصغ لذلك، كما يقول مسؤولون كورد.

معركة تحرير الموصل

بعد نحو ثلاث سنوات من احتلال داعش الموصل، أطلق العراق حملته العسكرية الواسعة لاستعادة السيطرة المدينة من قبضة المتطرفين. وأطلق إقليم كوردستان شرارة المعركة بعدما شرع أبوابه لتقدم القوات العراقية من أراضيه صوب المدينة انطلاقاً من ضواحيها الشرقية.

وفي 10 تموز 2017، أعلن العراق تحرير الموصل بعد حرب مدمرة حولت الكثير من معالم المدينة إلى ركام وأطلال لا تزال حاضرة لغاية الآن.

وكتب مستخدمون على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي مستذكرين لحظات السقوط وفقدان الأحبة وعمليات التهجير، وقالوا إنهم ما زالوا يشعرون بالخوف من المستقبل.

لا إعمار

لا يزال الكثيرون يتساءلون عن الأموال التي خصصت لإعمار الموصل لكنهم لم يلمسوا شيئاً على أرض الواقع ووسط الأنقاض، ومنهم الصحفي محمود الجماس.

وقال الجماس على صفحته في فيسبوك "كل شيء يعاني من الأزمات حتى عند الموت ستجد من يحتار في طريقة نقلك وإدخالك الى المقبرة بسبب الإجراءات وقطع الطرق".

ولم يعد كثير من النازحين إلى ديارهم بعد إذ ما زالوا يعيشون في مخيمات النزوح المنتشرة في أنحاء البلاد أو سوريا أو تركيا.

وتعد الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وهي مركز محافظة نينوى شمال غربى العراق وتحيط بالمدينة الأشورية القديمة في نينوى.

وكانت المدينة واحدة من المدن المستنيرة في الشرق الأوسط التي تستضيف واحدة من أكبر المراكز التعليمية والبحثية في العراق والمنطقة، كما تضم مبانٍ قديمة يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر مثل المسجد الكبير والعديد من الكنائس والتي تضررت بعد عام 2014.