إذا تجاوزت درجات الحرارة مستويات قياسية.. ماذا يحدث للبشر؟

أربيل (كوردستان24)- في الوقت الذي يجري فيه الحديث بشكل مستمر عن التأثيرات المتصاعدة للتغيرات المناخية على كوكب الأرض، برزت بقوة التهديدات التي يشكلها الارتفاع المستمر في درجات الحرارة على صحة البشر.

ومنذ بداية الثورة الصناعية، عندما بدأ البشر في حرق الوقود في الآلات والمصانع، ارتفعت درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم بنحو درجة واحدة مئوية. وفي عام 2015، وقّعت 196 دولة على اتفاقية باريس التي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وحذر فريق من العلماء من أميركا وفرنسا، أعدوا بحثاً متعدد التخصصات حول التأثيرات المتوقعة للتغيرات المناخية، من أنه إذا زادت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية واحدة أو أكثر من المستويات الحالية، فسيتعرض مليارات الأشخاص كل عام للحرارة والرطوبة الشديدتين لدرجة أنهم لن يتمكنوا من تبريد أنفسهم بشكل طبيعي.

وأشار الباحثون، في دراستهم المنشورة في العدد الأخير من دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة"، في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة سيكون مدمراً بشكل كبير لصحة الإنسان في جميع أنحاء الكوكب.

ووفق العلماء، لا يستطيع البشر تحمل سوى مجموعات معينة من الحرارة والرطوبة قبل أن تبدأ أجسادهم في المرور بمشكلات صحية مرتبطة بالحرارة، مثل ضربة الشمس أو النوبة القلبية. وبينما يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، يمكن دفع مليارات الأشخاص إلى ما هو أبعد من هذه الحدود.السيناريو الأسوأ

وقام فريق الباحثين بوضع نموذج لزيادات درجات الحرارة العالمية تتراوح بين 1.5 درجة مئوية و4 درجات مئوية، وهو السيناريو الأسوأ، حيث يبدأ الاحترار في التسارع، بهدف تحديد مناطق الكوكب التي قد يؤدي فيها الاحترار إلى مستويات حرارة ورطوبة تتجاوز الحدود البشرية للتحمل. وقال الباحث المشارك في الدراسة، دبليو. لاري كيني، أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم الحركة في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية "لفهم مدى تعقيد مشكلة مثل تغير المناخ وتأثيراتها في صحة الإنسان، فإنك بحاجة إلى خبراء متخصصين في الصحة العامة وتغير المناخ معاً"، مضيفاً "أن التعاون بين العلماء في تخصصات متعددة هو الطريقة الوحيدة لفهم تأثيرات البيئة على حياة الناس، والبدء في تطوير حلول للمشكلات التي يجب علينا جميعاً مواجهتها معاً".

وتشير نتائج الدراسة إلى أنه إذا زادت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن سكان باكستان ووادي نهر السند البالغ عددهم 2.2 مليار نسمة، ومليار شخص يعيشون في شرق الصين، و800 مليون نسمة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، سيتضررون بشدة، وسيعيشون ساعات طويلة من الحرارة التي تتجاوز قدرة الإنسان على التحمل.

وستشهد هذه المناطق في المقام الأول موجات حر عالية الرطوبة. ويمكن أن تكون موجات الحر ذات الرطوبة العالية أكثر خطورة؛ لأن الهواء لا يستطيع امتصاص الرطوبة الزائدة؛ ما يحد من تبخر العرق من الأجسام البشرية والرطوبة من بعض البنى التحتية.

وقال الباحثون إن ما يثير القلق هو أن هذه المناطق تقع أيضاً في دول ذات دخل منخفض إلى متوسط؛ لذلك قد لا يتمكن الكثير من الأشخاص المتضررين من الوصول إلى تكييف الهواء أو أي وسيلة فعالة للتخفيف من الآثار الصحية السلبية للحرارة.

وخلص الباحثون إلى أنه إذا استمر ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 3 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن مستويات الحرارة والرطوبة التي تتجاوز قدرة الإنسان على التحمل ستبدأ في التأثير على الساحل الشرقي ووسط الولايات المتحدة، من فلوريدا إلى نيويورك، ومن هيوستن إلى شيكاغو، وستشهد أميركا الجنوبية وأستراليا أيضاً حرارة شديدة عند هذا المستوى من الاحترار.

ومع ذلك، حذر الباحثون من أن هذه الأنواع من النماذج لا تأخذ في الاعتبار في كثير من الأحيان أسوأ الأحداث الجوية وأكثرها غرابة.

ووفق الباحثين، فإنه إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع فسوف نعيش في عالم تتدهور فيه المحاصيل، ويحاول الملايين أو المليارات من الناس الهجرة؛ لأن مناطقهم الأصلية غير صالحة للسكن.