عسل كوردستان.. ذهبٌ طبيعي يبحث عن أسواق أوسع

أربيل (كوردستان 24)- من أعالي جبال حاجي عُمران وحتى أسواق شقلاوة، يواصل نحّالو كوردستان الحفاظ على واحدة من أقدم المهن وأكثرها أصالة في المنطقة، مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، الذي بات علامة مميزة للإقليم في المحافل الدولية، لكنه يواجه تحديات عديدة تتراوح بين الأمراض وصعوبة التسويق وتراجع الاستهلاك المحلي.
خبرة متراكمة وإنتاج نادر
يقول النحّال نبز كاكه، الذي يمارس هذه المهنة منذ 25 عاماً، إن الطبيعة الجبلية والغذاء الطبيعي في قرية آلانه وفّرا الظروف المثالية لإنتاج عسل نادر.
مشيراً إلى أن عسل كوردستان حصد مراتب متقدمة في المهرجانات العالمية بفضل نقاء المياه والتربة وجودة المراعي.

أمراض النحل.. تحدٍّ مستمر
رئيس اتحاد نحّالي كوردستان عارف شيرواني يؤكد أن الأمراض تمثل إحدى أكبر المشكلات التي تواجه النحّالين، وأن علاجها مكلف ومعروف لدى المربين.
ويلفت إلى أن بعض المنتجين يلجؤون لإضافة السكر إلى العسل، مما يضرّ بجودته وسمعته في الأسواق العالمية.
في المقابل، يسعى باحثون من جامعة ميشيغان الأمريكية إلى إيجاد حلول مبتكرة، حيث قاموا بتدريب كلاب خاصة على كشف الخلايا المصابة من خلال الرائحة، وهو ما يسهل عملية الفحص ويختصر وقتاً طويلاً يستغرقه الإنسان. وتقول الباحثة ميغان ميلبرات إن النتائج الأولية كانت مشجعة للغاية.
فتح باب التصدير ودعم محلي
ويشير كامران حسين، المدير العام للزراعة في سوران، إلى أن حكومة الإقليم سمحت بتصدير العسل الكوردي إلى دول مثل الإمارات وقطر والسعودية وبريطانيا وألمانيا، كما منعت دخول المنتجات الصناعية إلى الأسواق المحلية ونظمت دورات تدريبية للنحّالين.
السوق والأسعار
في سوق شقلاوة، يوضح البائع سلام محمد أن الطلب على العسل ما زال قائماً رغم تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وأن الزبائن يأتون من مختلف مدن العراق والإقليم. لكنه أشار إلى أن الأسعار انخفضت مؤخراً بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

أرقام وإحصاءات
بحسب اتحاد نحّالي كوردستان:
• يوجد في الإقليم نحو 15 ألف نحّال يملكون قرابة 800 ألف خلية نحل.
• في أفضل الأعوام وصل الإنتاج السنوي إلى 1000 طن.
• أربيل وسوران تحتلان الصدارة بـ 4200 نحّال يملكون 350 ألف خلية.
• في عام 2023 بلغ الإنتاج 350 طناً، لكنه تراجع في عام 2024 إلى 60 طناً فقط بسبب الظروف المناخية.
أنواع العسل ومكانته
كوردستان تضم سلالات متنوعة من النحل، بينها النوع المحلي إلى جانب الكرنيولي الصربي، الكارنيكا الألماني، القوقازي الروسي، الإيطالي، والباكفاست البريطاني.
كما توجد معملان كبيران لتعبئة العسل وأكثر من 10 آلاف معمل صغير للتصفية والتعبئة.
رغم أن كوردستان تنتج واحداً من أفضل أنواع العسل عالمياً، فإن استهلاكه محلياً ضعيف، إذ لا يتجاوز 10% من السكان.
بينما تتصدر اليمن قائمة الشعوب الأكثر استهلاكاً للعسل بنسبة 58%، تليها السعودية بـ 50% والكويت بـ 42%.
بين العلم والدين
العسل لم يكن فقط موضوعاً للبحوث العلمية الحديثة، بل جاء ذكره في القرآن الكريم في سورة تحمل اسم "النحل"، مؤكداً مكانته كغذاء نافع للإنسان وهدية من الطبيعة.
عسل كوردستان، الذي حجز لنفسه مكانة بين أجود منتجات العالم، ما زال يبحث عن أسواق أوسع ودعم أكبر، فيما يبقى الاستهلاك المحلي متواضعاً رغم وفرة الإنتاج وجودته.

تقرير : تيفور محمد - كوردستان24 - سوران