العشق المسموح: لماذا نكتب باللغة العربية؟

Kurd24

الكتابة عشق الكاتب في طرح أفكاره ورؤيته لمعالجة الواقع الذي نعيشه بأطيافه المتنوعة ولغاتهم المختلفة التي تعكس نمو ثقافاتهم وحضاراتهم التي رسمت على مر الاجيال؛ فخلقت واقع ثقافي متنوع تعطي للمثقف دورا بارزا في بناء المجتمع، فأصبح يبحث عن تعلم لغات أخرى لخلق جسورٍ من التواصل مع الآخرين عبر تعلم لغتهم.

فالمثقف ليس بما يمتلكه من ثقافة مجتمعه، وانما بما يمتلكه من ثقافات المجتمعات الأخرى من خلال تعلم لغتهم التي تعد الاساس القوي لفهم الشعوب وادراك ما يحملونه من ارث إنساني واجتماعي وتاريخي.

وأنا أكتب مقالي هذا، راودتني فكرة الكتابة باللغة العربية، في حين أنني في مجتمع كوردستاني بحت؛ أي غالبيته من الكورد ومن أجل البحث عن الأواصر والعادات والقيم المشتركة بيننا التي تساعدنا كلانا لبناء مجتمعٍ متكامل، ونحن نحمل كلانا الإرث الإسلامي والتاريخي المشترك بيننا.

لهذا أطلب من القارئ أن يقرأ ما أكتب، لا من أجلي؛ بل من أجل ما يحتويه مضمون المقال، في الكتابة لا أرحم نفسي، ولكن عندما  أجد نفسي في محل خاطئ وفي كثير من الأحيان موضوع المقال ذاتي، التقط في جعبتي  سهم من سهام أقلامي لرسم خارطة جديدة من خلال النقد الذاتي.

لا أكتب من أجل إجبار الآخر للتعاطف معي، فأنا نادم على تلك الأيام التي مضت ولم استغلها في كتابة ما كنت أحس وأشعر به من طاقات داخلية تحرك شرايين الإبداع، فضلا عن ما تحمله من تجارب وحكم ومواعظ تساعد القارئ والآخر في فهم الواقع، حتى ولو كنت أنت الكاتب كبش فداء استمد الأفكار منكم وأكتب ماعندكم في دفتر مفتوح ( الفيسبوك) ومن بعده في كتاب.

إن لم يدركوا بأنهم في كثير من الأحيان على خطأ، فلن يستطيعوا الوصول إلى المراد، كل كاتب يحمل اطنان من الأحزان، وهمُّ البلاد لا يهمهم، الزاد بقدر ما يهمهم هو العلم والعلى للبلاد، ولهذا لا يجوز القبول بمزايدة هذا وذاك، بل كل الجهد من أجل يوم مشرق ومشمس ساطع للبلاد.

نحن لا نكتب من أجل عطف الآخرين وعلى الأولاد من بعدنا، لا أبداً، والأولاد كبروا الآن وكل واحد منهم انصرف إلى أمره في العمل وتوفير قوته.

نحن نكتب لأننا خلقنا للقلم والفكر لا في مزادٍ، بل في تثبيت الواقع بالمسميات بقدر الأماكن والعمل في رصد الأخطاء وتصحيح المسارات في مقال شبه يومي، وبلغةِ أهل الضاد؛ لا كرهاً بلغتنا الجميلة الكوردية التي صارت الآن محل المزايدات من قبل البعض.

يعتقد البعض إن من كتب بلغة غيره هو خارج أمر الوطنية وحب البلاد، لا أبداً نحن نكتب باللغتين الأولى محدودة التداول ومحصورة في زاوية ضيقة، إن كتبت بلهجتك والآخر من سلالة لغتك لا يفهم والعكس صحيح، المهم أن نكتب بلغتنا وضروري أن تتوفر المصادر بلغة الأم المنقسمة على أمرها في البلاد، هنا يكتبون بلهجة وهناك بلهجة أخرى، ولهجتان منذ زمان لم نجد لها مكان على الأقل عندنا نحن في هذه الخارطة الموجودة في هذا الجزء من العراق المعقد.

يعجبني جداً لفيف من الشباب والكتاب وهم في لهفة يكتبون بلغة الأم الكوردية في كل مكان، لكن أتأسف عندما ننتقل للكتابة باللغة العربية وسبق أن كتبنا الكثير باللغة الكوردية، وصار تحوّلنا للعربية خروجاً عن الوطنية والانتماء القومي.

وأنا من دعاة أن نكتب بلغة العرب من أجل أن يفهموا قضيتي أكثر ويعدلوا عن أفكارهم في العداء وأخذ الأمر إخوة والعمل بجوار البعض، نحن بحاجة للكتابة حتى تكون الرسالة واضحة،  بأي لغة كانت لا يهم، المهم ألا تخرج عن الوطنية، وليتنا نجيد الكتابة باللغتين التركية والفارسية على حد سواء، لأن عمقنا ومشكلتنا ووجودنا بين هذا المثلث المتساوي في الأفكار ضدنا والمختلف في الأضلاع مساحة وسكان.

نحن بحاجة إلى ثورة من الأقلام تكتب بلغتهم من أجل كسب أممهم، لأن الكثير من الأمم ضغطوا على أهل السلطة وأجيروهم على الجلوس على طاولة الحوار.

المعذرة فأنا لا أجبر أحداً على قراءة مقالاتنا وممكن مجرد أن ترى الإسم وأن تعبر من خلالها ولا تقرأ، المهم أنا مقتنع بأن أمرنا في نجاح ينبعث في أن نترك التطرف في اللغة وحتى القومية، مثل أبناء دول الحوار،  والآن هم محل سهامنا من النقد البناء نعم نحن في رسالة مفتوحة لكل من يعلم بلغة غير لغة الأم الكوردية.

إن الكتابة بلغتهم عبارة عن رسائل موجهة إليهم ومن خلالها ستجدون الأبواب تنفتح علينا.

واجبٌ علينا نحن أهل القلم، تخطي الحدود واجتياز البلاد وفتح صفحات جديدة رغم عدم وجود الآفاق المطلوبة لتنفيذ ما نحمله من قناعات وأفكار.

بقدر ما نحن بحاجة إلى الدول، لكن تبقى دول الجوار محل القرار النهائي وفق مصالحهم ومع ذلك توزيع أمر البلاد والخرائط الجديدة تأتي من الدول البعيدة والقريبة من هنا، والدول الكبرى تحكمها المصالح، إن كنا يقظين أكثر، ربما المصلحة تأخذنا في ألا نترك الاستمرار في المصالحة مع الذات الداخلي وهو مصدر القوة والبلاد.

نحن بحاجة إلى الداخل قبل الخارج ومن دول الجوار منبعاً في الضغط عليهم بالقبول، مالهم  للآخرين حق تقرير المصير وهذه المطالبة تأخذ من الوقت كثيراً، ولكن نحن الكُتاب ممكن أن نستمر ونستمر،، ليس فقط عبر الكتابة، بل في إعلام مرئي وبلغتهم ولا سيما لغة دول الجوار وبل كل لغات العالم.