بوتين يعتبر تمرد بريغوجين "طعنة في الظهر" ومقاتلو فاغنر يزحفون نحو موسكو

وحاول الكرملين طمأنة الروس، مؤكّداً أنّ الرئيس بوتين يواصل العمل من مكتبه في العاصمة، نافياً بذلك معلومات أفادت بأنّ بوتين غادر موسكو بسبّب التمرّد.
دبابة قتالية تابعة لـ "مجموعة فاغنر" في روستوف | أ ف ب
دبابة قتالية تابعة لـ "مجموعة فاغنر" في روستوف | أ ف ب

أربيل (كوردستان 24)- حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب إلى الأمة السبت من "التهديد القاتل" وخطر اندلاع "حرب أهلية" اللذين يمثّلهما قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين بعد تمرّده على القيادة الروسية وبدء قوّاته الزحف باتّجاه موسكو.

وعصر السبت، أعلنت سلطات منطقة ليبيتسك أنّ مقاتلين من مجموعة فاغنر دخلوا هذه المنطقة الواقعة على بُعد حوالي 400 كيلومتر جنوب موسكو، لتؤكّد بذلك تقدمّ هؤلاء المتمرّدين نحو العاصمة الروسية.

وقال حاكم المنطقة إيغور أرتامونوف على تطبيق تلغرام إنّ عناصر فاغنر "يتحرّكون على أراضي منطقة ليبيتسك".

عملية لمكافحة الإرهاب

وحاول الكرملين طمأنة الروس، مؤكّداً أنّ الرئيس بوتين يواصل العمل من مكتبه في العاصمة، نافياً بذلك معلومات أفادت بأنّ بوتين غادر موسكو بسبّب التمرّد.

وعزّزت السلطات الإجراءات الأمنية في موسكو حيث فُرض "نظام عملية لمكافحة الإرهاب".

وأظهرت صور على الشبكات الاجتماعية ومواقع إخبارية لم تستطع وكالة فرانس برس التحقق من صحّتها، مركبات عسكرية تسير في موسكو قرب وزارة الدفاع وأخرى متوقفة أمام مجلس النواب، على مسافة عشرات الأمتار من الكرملين.

وتوالت الأحداث بسرعة فائقة في روسيا اعتباراً من مساء الجمعة حين أعلن قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين أنّ قواته انسحبت من جبهات القتال في أوكرانيا وبدأت الزحف نحو موسكو، مؤكّداً أنّ مقاتليه سيطروا على مقرّ الجيش الروسي في مدينة روستوف (جنوب) "من دون إطلاق رصاصة واحدة".

وأقرّ بوتين في خطابه إلى الأمّة بأنّ الوضع في روستوف "صعب".

بالمقابل، أعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، حليف الرئيس بوتين، أنّه أرسل وحدات من قواته إلى "مناطق التوتر" في روسيا لمساعدة الكرملين في قمع التمرّد.

بدوره، قال حاكم منطقة فورونيج الواقعة في جنوب روسيا إنّ الجيش الروسي يتّخذ الإجراءات اللازمة من أجل التصدّي لمحاولة مجموعة فاغنر الإطاحة بالقيادة العسكرية في العاصمة.

كذلك، فرضت منطقة كالوغا الواقعة جنوب موسكو قيوداً على التنقّل، كما أعلن حاكمها عصر السبت. وتقع عاصمة كالوغا على بُعد 180 كيلومتراً عن موسكو.

"طعنة في الظهر"

وفي خطابه إلى الأمة، وصف بوتين تمرّد فاغنر بأنّه "طعنة في الظهر"، متّهماً بريغوجين بـ"خيانة" روسيا تلبية "لطموحات شخصية".

وقال الرئيس الروسي "إنها طعنة في ظهر بلدنا وشعبنا". وأضاف "ما نواجهه ليس إلا خيانة. خيانة سببها طموحات ومصالح شخصية" لبريغوجين مؤكّداً أنّ المتمرّدين "سيعاقبون حتماً".

وسارع بريغوجين إلى الردّ، قائلاً إنّ بوتين "أخطأ بشدّة" باتهام فاغنر "بالخيانة" ومؤكّداً أنّ قواته "لن تستسلم".

وهذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها بريغوجين بوتين شخصياً.

ودعا رئيسا مجلسي البرلمان الروسي إلى دعم الرئيس.

بدورهم، أعرب المسؤولون المعيّنون في المناطق الأوكرانية المحتلة عن دعمهم لبوتين.

كذلك، دعا البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وحليف بوتين، إلى "الوحدة" في مواجهة "محاولات زرع الفتنة".

وردّاً على تمرّد فاغنر، أعلنت النيابة العامة الروسية فتح تحقيق في "تمرد مسلّح" ضدّ المجموعة التي تضم 25 ألف رجل بحسب قائدها.

وفي أول تعليق له على الأحداث، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تمرّد فاغنر دليل على ضعف روسيا وعدم الاستقرار السياسي فيها.

وقال زيلينسكي إنّ "ضعف روسيا واضح. ضعف واسع النطاق. وكلما أبقت روسيا قواتها ومرتزقتها على أرضنا، واجهت المزيد من الفوضى والألم والمشكلات لاحقاً"، مؤكداً أن "أوكرانيا قادرة على حماية أوروبا من انتشار الشر والفوضى الروسيين".

قصف ونفي

فجّر بريغوجين قنبلته مساء الجمعة في سلسلة رسائل صوتية أكّد فيها أنّ الجيش الروسي قصف مواقع خلفية لقواته ممّا أسفر عن مقتل "عدد كبير جداً" من مقاتليه.

وقال مؤسس فاغنر بنبرة ملؤها الغضب "لقد شنّوا ضربات، ضربات صاروخيّة، على معسكراتنا الخلفيّة. قُتل عدد هائل من مقاتلينا"، متوعّداً بـ"الردّ" على هذا القصف الذي أكّد أنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هو الذي أصدر الأمر بتنفيذه.

لكنّ وزارة الدفاع الروسية ردت في بيان بأنّ "الرسائل ومقاطع الفيديو التي نشرها بريغوجين على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ضربات مفترضة شنّتها وزارة الدفاع الروسيّة على قواعد خلفيّة لمجموعة فاغنر، لا تتّفق مع الواقع وتُشكّل استفزازاً".

وأضاف بريغوجين في تصريحاته أنّ "هيئة قيادة مجموعة فاغنر قرّرت أنّه ينبغي إيقاف أولئك الذين يتحمّلون المسؤوليّة العسكريّة في البلاد" داعياً الروس للانضمام إلى قواته أو عدم مقاومتها.

ردود فعل

وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إنه يراقب الوضع من كثب.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن ستبقى على "تنسيق وثيق" مع حلفائها بشأن تطورات الوضع في روسيا.

من جهته، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال مع بوتين إلى تحكيم المنطق في روسيا، مبدياً استعداده للعمل على إيجاد "حل سلمي" للأزمة.

بدوره، قال الإليزيه إنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يتابع الوضع من كثب. نواصل التركيز على دعم أوكرانيا".

وفي ألمانيا، قال ناطق باسم الحكومة لوكالة فرانس برس "نتابع من كثب الأحداث في روسيا".

وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه "يراقب الوضع من كثب" وأنه "على اتصال" بدول مجموعة السبع.

بدورها، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن هذه الأحداث "تظهر كيف أن العدوان على أوكرانيا يتسبب أيضاً في عدم الاستقرار في البلاد".

من جهته، دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك جميع الأطراف إلى "التحلي بالمسؤولية" و"حماية المدنيين".

ودعا المعارض الروسي في المنفى في لندن ورجل الأعمال ميخائيل خودوركوفسكي إلى دعم بريغوجين لمحاربة نظام فلاديمير بوتين. وكتب على تلغرام "نعم، حتى الشيطان يجب مساعدته إذا قرر معارضة هذا النظام!".

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنّ وزراء خارجية دول مجموعة السبع "تبادلوا وجهات النظر" بشأن تطور الأوضاع في روسيا.

من جهته، أعلن رئيس لاتفيا المنتخب إدغارس رينكيفيكس أنّ بلاده عززت أمن حدودها إثر تمرّد فاغنر وقررت عدم السماح بدخول المواطنين الروس إلى أراضيها.

وعلى خط الجبهة في أوكرانيا، أكّدت موسكو السبت أنّ قوّاتها صدّت في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة هجمات عدة لقوات كييف استهدفت مواقع في جنوب أوكرانيا وشرقها.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنّ قوّاتها صدّت تسع هجمات أوكرانية في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا وواحدة في زابوريجيا في الجنوب. وتعذر التحقق من هذه المعلومات من مصدر مستقلّ.

 

المصدر: AFP