"عدسات كوردية" توثق مشاهد وصورا ستخلدها الذاكرة وما يغيض داعش بجبهات القتال

كتب الأكاديمي الكوردي السوري تمر حسين إبراهيم تقريرا وثق فيه شاهدات مخلدة في الذاكرة لعدد من المصورين الكورد الذين غطوا المعارك بين قوات البيشمركة والقوات الكوردية عموما وبين مسلحي تنظيم داعش في كل من الأراضي العراقية والسورية.

K24 - اربيل

كتب الأكاديمي الكوردي السوري تمر حسين إبراهيم تقريرا وثق فيه شاهدات مخلدة في الذاكرة لعدد من المصورين الكورد الذين غطوا المعارك بين قوات البيشمركة والقوات الكوردية عموما وبين مسلحي تنظيم داعش في كل من الأراضي العراقية والسورية.

ومنذ أكثر من عامين خاضت قوات البيشمركة أشرس معاركها مع تنظيم داعش في الرقعة الجغرافية الممتدة من بلدة سنجار غربا إلى مشارف خانقين بمسافة تقدر بنحو 1000 كيلومتر على مختلف الجبهات التي كان المصورون الصحفيون حاضرين فيها.

ويشير الكاتب إبراهيم- الذي سبق أن قام بنشر تحليلات سياسية في صحف غربية عديدة- إلى أن القوات الكوردية تخوض معارك مفصلية في حربها ضد قوى "الظلام والهمجية" وان بطولاتها ستساهم من دون أدنى شك في رسم الخارطة السياسية للكورد في المنطقة.

وإقليم كوردستان جزء من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش. كما تدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكوردية في مناطق الإدارة الذاتية في الشمال السوري والتي يطلق عليها كثير من الكورد اسم (روج آفا) أو كوردستان سوريا.

ويقول إبراهيم الذي يكتب مقالات لكوردستان24 بشكل دوري إنه في خضم هذه المعارك هناك جنود لا يحملون السلاح غير أنهم يضعون على أكتافهم آلات لا تقل أهمية عن تلك التي يحملها المقاتلون لينقلوا إلى العام الخارجي الجانب الإنساني الذي يتحلى به الكورد حتى في غمرة الحرب. 

صورة ارشيفية لفريق عمل كوردستان24 في محيط الموصل.

 

وأجرى إبراهيم الذي درس الأدب الإنجليزي والترجمة المتقدمة في جامعة دمشق والمعهد الأمريكي حوارات مع عدد من المصورين استهلها بالمصور الايطالي العالمي لورينزو ميلوني الذي غطى المعارك في كوباني وهي بلدة شاركت في تحريرها قوات البيشمركة مطلع 2015.

ويقول ميلوني "زرت مدينة كوباني ثلاث مرات خلال الحرب في فترة التحرير وبعد الصراع. أثار إعجابي رؤية الكورد متوحدين لطرد داعش".

وتمثل كوباني الحدودية أولى المناطق التي مني بها مسلحو داعش هزيمة مرة على يد قوات البيشمركة والقوات الكوردية الأخرى، ويضيف ميلوني "كانت حربا صعبة فهناك دعم خارجي قليل خصوصا فيما يتعلق بالجانب الإنساني لأن الحدود ما زالت مغلقة مع تركيا حتى الآن".

ومضى يقول "لقد قاوم الناس حقا بشموخ. شهدت بإعجاب كيف أن العديد من الناس قد قررا العودة إلى مدينتهم بعد الحرب رغم أن منازلهم قد دمرت ليؤكدوا بأنها أرضهم وليس بإمكان أي شيء إزاحتهم عنها".

وينقل نفس الكاتب عن سفين حميد وهو مصور من اربيل يعمل لصالح وكالة الصحافة الفرنسية قوله "من خلال عملي صادفت الكثير من المواقف بعضها مفرحة وأخرى محزنة، منها ما كنت أرى شجاعة وتفاني البيشمركة في القتال وفي أوقات السكون كنت أراهم يعزفون الموسيقى ويغنون".

ويضيف "هذه رسالة منهم بأنهم يعشقون الحياة كما يعشقون الموت في سبيل أرضهم".

ويقول حميد "في احد المحاور كانت نساء البيشمركة يشاركن أيضا في حمل السلاح إلى جنب الرجال للمساهمة في المعركة.. هذا أكثر ما يغيض داعش لاعتقادهم بان من يقتل على أيدي النساء (لا يحسب شهيدا ولا يدخل الجنة)" مستشهدا بما يتداوله النشطاء على الانترنت.

ويضيف "كوني كنت قريبا جدا من الخطوط الأمامية. كانت هناك لحظات صعبة وحزينة واجهتها، وهناك دائما صراع في داخلي كوني مصورا صحفيا اعمل في وكالة عالمية وعملي يحتم علي أن أكون محايدا، لكن مشهد الجريح أو الشهيد يؤلمني جدا".

واستطرد "أصعب اللحظات أني صورت احد المقاتلين الذي يمتلك كل صفات المحارب الحقيقي المدجج بكل ما يحتاجه في المعركة وذي ملامح حادة وقاسية. لم تكن مجرد صورة. كنت اشعر بأني أمام قائد فذ.. وبعد نشري للصورة التي كانت صورة اليوم (الأكثر مشاهدة) في وكالة فرانس بريس، سمعت بخبر استشهاده في اليوم الثاني من خلال زميل لي يعيش في مدينته".

صورة لسفين حميد لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).

 

"شعرت في لحظتها بأهمية أن أوثق كل تاريخ الكورد عسكريا وثقافيا وفنيا ودينيا، لان القادم سيحقق لنا الحلم الذي انتظرناه طويلا لأننا على حق" يقول حميد.

ويقصد حميد بـ"الحلم" كغيره من الكورد إلى اليوم الذي طال انتظاره بالنسبة للكورد الذين وزعوا على اربع دول في قيام دولة مستقلة مستقبلا.

ومثل سفين حميد يقول دليل سليمان وهو مصور كوردي سوري يعمل بنفس الوكالة "أكثر شيء يجذبني للتصوير الفوتوغرافي في جبهات القتال هي المقاتلات الكورديات اللواتي أحبذ تصويرهن وهم يضعن الشالات الكوردية المزينة وكأنهن في الأعراس الكوردية القديمة".

وأسهب سليمان في تفاصيل عمله قائلا "كل مرة أذهب إلى خطوط الجبهة الأمامية لتغطية المعارك أشعر بأنها المرة الأخيرة التي ربما أستطيع الضغط على زر التقاط الصورة ولكن أشعر بالأمل بأن هناك مرة أخرى، أبحث دوماً عن الحياة في الزوايا التي يكون الموت يتربص به لينقض على أحدهم".

وزاد "أعلم بأن النساء يهتمن بجدائلهن وفي الجبهات لدى أغلبهن جدائل قد أخذ منهم الوقت لتبقى جدائلهم جميلة وهم يقاتلن وأرى كيف لتلك الجدائل تتحرك مع كل رصاصة تطلق ضد داعش. أشعر بأنه لابد بأن تبقى هذه المشاهد خالدة للعالم".

وأسهب سليمان في تفاصيل تغطياته قائلا "أكثر شيء يقشعر له جسدي وأصابعي هو حين تصيب إحداهن الهدف تزغرد أخريات فرحاً حينها أشعر بالتعطش لمرافقتهن وأقوم بالتصوير أكثر".

ومن الصور التي التقطها سليمان وباتت محفورة في ذاكرته تعود لمقاتلة كوردية وقال متحدثا بشأنها "لقد صورّتها وهي تبتسم.. تركت أثرا لدي لأنني أردت توثيقها وبعد فترة عرفت بأن المقاتلة فقدت حياتها في إحدى المعارك ضد تنظيم داعش" في سوريا.

صورة للمصور دليل سليمان.

 

وأكمل سليمان حديثه بنبرة تحدٍ "تبقى الصور في ذاكرتنا لأننا كنا السبب في توثيقها. ففيها وجهان الأول مفرح بأننا تمكننا من توثيقها والآخر مؤلم بأننا كنا شهودا على فقدان وجوه كانت أهدافاً لكاميراتنا".

من تمر حسين ابراهيم