الأزمة السياسية في العراق الى أين..؟

الأزمة السياسية في العراق الى أين..؟
الأزمة السياسية في العراق الى أين..؟

إن الأزمة السياسية في العراق هي نتيجة تراكم الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية والانقسامات الطائفية والمشاكل طويلة الأمد....

العراق بلد يقوم على طوائف متعددة، من حيث الدين والطائفة والعرق، شيعة، سنة، مسيحيين، كورد، عرب، وتركمان، وآشوريين، والكلدان والعديد من الطوائف الأخرى، وهو ما يرتبط بتاريخ وحضارة هذا البلد، لأن الارتباطات لم تكن بإرادة الطوائف وخطط وبرامج الاحتلال لكن هي التي خلقت هذا الواقع اليوم، كما لم يكن الكورد مرتبطين بهذه الدول طواعية، خاصة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، علاوة على المشاكل المتراكمة التي بقيت قائمة، ومع عدم التوصل إلى حل، زاد الصراع على السلطة والموارد الاقتصادية.

ولعبت التدخلات الخارجية للعديد من الدول الإقليمية، مثل إيران وتركيا ودول الخليج، دورا كبيرا في تعقيد الشؤون الداخلية العراقية لمصالحهم الخاصة، وليس في مصلحة العراق.

تغلغل الفساد السياسي في العراق منذ عام 2003 في أساسيات البلاد، وعلى جميع مستويات الحكومة، أدى هذا الفساد إلى تعطيل الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والرخاء، الأمر الذي أثار غضب المواطنين في وسط وجنوب العراق لسنوات في الماضي، الذين نظموا احتجاجات حاشدة دون جدوى.

وأثارت الاحتجاجات الحاشدة عام 2019 حركة احتجاجية واسعة النطاق في بغداد والمدن الجنوبية، طالب فيها الشباب بإصلاحات جذرية وإنهاء الفساد وتحسين أساسيات الخدمات.

لا يزال الوضع الأمني في العراق معقدا، وهناك قتال مستمر وخطر التورط بالحرب، على الرغم من أن وجود داعش لا يزال يشكل تهديدا للاستقرار في العراق، على الرغم من الهجوم العسكري المستمر ضد داعش والميليشيات والجماعات المسلحة خارج الحكومة.

ورغم ذلك أن العراق يحاول بناء دولة مستقرة وقوية، إلا أنه يواجه باستمرار عقبات كبيرة، لذلك لا يستطيع حل الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وتعزيز الوحدة الوطنية والسيطرة على التدخلات الأجنبية، مما يبقيها صراعا سياسيا معقدا على المستويين المحلي والإقليمي.

وتشتد المنافسة بين الأحزاب السياسية، خاصة بين الأحزاب الشيعية الرئيسية، التي هيمنت على الساحة السياسية منذ عام 2003. ويعتمد بعض هذه الأحزاب على أجنداتها الخارجية، وتعمل لصالح دول إقليمية، وتمنع تشكيل حكومات أو يقود  السياسات الرئيسية ويزيد ويعمق التوترات بين إقليم كردستان والحكومة العراقية.

الميليشيات والفصائل المسلحة مؤثرة في تشكيل السياسة العراقية، خاصة تلك المدعومة من إيران، وتعرقل شؤون الحكومة باستمرار وتصبح عائقاً أمام خطوات حل المشاكل العراقية، تعمل بعض القوات المسلحة بشكل مستقل عن الحكومة وتفرض نفسها في مناطق مختلفة من البلاد، مما يضعف مؤسسات الدولة ويزيد الفوضى ويهدد المصالحة الوطنية في البلاد.

كان للصراع الإقليمي والتدخل الإيراني تأثير عميق على السياسة العراقية، خاصة من خلال دعمها لبعض الفصائل الشيعية والميليشيات المسلحة، وغالبا ما يخلق هذا التدخل توترات داخلية، وردود فعل سلبية من القوى السياسية العراقية الأخرى، مثل الكورد والسنة، والمجتمع الدولي ايضا .

نفوذ تركيا ومصالحها العسكرية والاقتصادية في المنطقة، خاصة في العراق وإقليم كوردستان، مع عملياتها العسكرية المستمرة في إقليم كوردستان وغزوها وقصفها للقرى والمدن الكردية، كما أدى التدخل العسكري إلى زيادة تعقيد العلاقات بين العراقيين. والأمن الحكومي موجود بين العراق وتركيا منذ سنوات عديدة.

وللهيمنة الأميركية على العراق تأثير كبير، فرغم انسحاب معظم قواتها، إلا أن تأثيرها ينعكس في القضايا الأمنية والسياسية، خاصة في دعم بعض القوى السياسية أو تقديم المشورة العسكرية للحكومة العراقية.

وينعكس الصراع بين إيران وبعض دول الخليج (مثل السعودية والإمارات) على العراق، حيث تدعم بعض هذه الدول بعض الأحزاب السياسية أو الفصائل السياسية داخل العراق لمواجهة الهيمنة الإيرانية، والصراع السياسي الداخلي والإقليمي، مهمة بناء دولة مستقرة وتتطلب هذه التحديات حلولا  دبلوماسية واتفاقيات بين الأطراف العراقية، فضلاً عن توافق إقليمي ودولي لإبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية التي تقوض استقراره. 

ولتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق والتغلب على الأزمة الحالية والإصلاح السياسي وتعزيز مؤسسات الدولة، يجب على الحكومة العمل على تعزيز مؤسسات الدولة على أساس الدستور والتعايش والمساواة مع المجتمعات المحلية، وضمان الاستقرار والسلام على المدى الطويل. 

إصلاح النظام الانتخابي وتعديل النظام الانتخابي لضمان التمثيل العادل لجميع شرائح المجتمع العراقي، فضلا عن الحد من تأثير قوى المصالح الخاصة على القرارات السياسية.

حل القضايا بين إقليم كوردستان وبغداد، لكن من المهم أن تتخذ بغداد خطوات لحل هذه القضايا على أساس الدستور وعدم اللعب مع الزمن، المادة 140 مسألة تعويض ضحايا المنطقة وتدمير القرى والهجمات الكيماوية والأنفال وفاتورة النفط والغاز، ...سوف يحل العديد من المشاكل في حد ذاته، ثم القضايا المالية ومسألة الرواتب والموازنة، ظلت لسنوات مشكلة بین القلیم و العراق وتم التعامل معها على أنها قضية سياسية.

محاربة الفساد وتقديم المسؤولين الفاسدين إلى العدالة، بغض النظر عن مناصبهم وانتماءاتهم السياسية، لإرساء مبدأ الشفافية والمساءلة.

إن الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، ولأن العراق يعتمد بشكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل، عرّضت البلاد لارتفاع أسعار النفط العالمية. ولذلك، فهي بحاجة إلى تعزيز قطاعاتها الزراعية والصناعية والتكنولوجية لتنويع اقتصادها.

تحسين الخدمات العامة والأساسية كالكهرباء والمياه والرعاية الصحية، وخلق فرص العمل، وحل مشكلة البطالة، خاصة بين الشباب، وتطوير القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

إن العراق يحتاج إلى عملية وطنية شاملة تجمع كافة الطوائف للتوصل إلى توافق بشأن مستقبل العراق. ويجب أن يكون هذا الحوار جديا ويهدف إلى إيجاد حلول دائمة للتحديات المشتركة وليس مجرد حلول مؤقتة، وتحقيق المصالحة الوطنية بين الطوائف المختلفة، السنة والشيعة والكورد والأقليات الأخرى، يجب التغلب على هذا الانقسام.

ويجب أن تعالج الحكومة العراقية قضية حل الميليشيات. لان وجود ميليشيات مسلحة خارج سيطرة الحكومة يهدد سيادة الدولة واستقرارها.

سياسة خارجية متوازنة، وتحييد العراق في الصراعات الإقليمية، وينبغي للعراق أن يتبنى سياسة خارجية تقوم على الحياد الإيجابي، حتى لا يصبح ساحة للصراع بين القوى الإقليمية مثل إيران والسعودية وتركيا.

ومن خلال الاستماع إلى مطالب الشعب، والاستجابة لمطالب الحركة الجماهيرية، تعكس الاحتجاجات الجماهيرية التي ظهرت في السنوات الأخيرة الإحباط العميق لدى الشباب العراقي بسبب الفساد وسوء الإدارة.

إعادة إعمار المناطق المتضررة، فإعادة إعمار العراق يتطلب خطة شاملة للمناطق المتضررة من الحرب على الإرهاب، خاصة في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ضد داعش، فإن تحقيق تطوير وتأهيل البنى التحتية الاقتصادية سيسهم في تحقيق الاستقرار.

عودة اللاجئين، وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين إلى ديارهم من خلال ضمان الأمن وتوفير الخدمات الأساسية وفرص العمل.

ولتحقيق الاستقرار الدائم، يحتاج العراق إلى قيادة سياسية قوية وإرادة جماعية للإصلاح ومحاربة الفساد وتعزيز المؤسسات لضمان مستقبل أفضل يحميه الدوليون.