شيخو عفريني
محرر
كوباني لن تتحمل مآسٍ أخرى غادروها بأمان
عانى الشعب الكوردي في كوردستان، الجزء الملحق بسوريا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، الويلات والكوارث، وواجه ويواجه تحدياتٍ وصعوباتٍ جمةً، بدايةً من سري كانيه، أوائل الثورة (2012-2013) ومروراً بمجزرة تل حاصل وتل عران 2013، والهجوم الهمجي على كوباني 2014، ثمّ كارثة عفرين 2018، وأخيراً وليس آخراً الهجوم على مدينتي سري كانيه وكري سبي 2019.
خلال هذه التراجيديات، تهجّر أكثر من مليون والنصف مليون كوردي، من مدنهم وقراهم، وعاشوا حياةً مليئة بالآلام ومآسي التهجير والنزوح واللجوء، واستُبدلوا بتوطين العوائل العربية والتركمانية.
في خضم هذه الأحداث المتسارعة، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري الأسدي 8 كانون الأول 2024، استبشر السوريون خيراً بزوال طاغيةٍ، تجبّر وتكبّر على الشعب السوري كورداً وعرباً، وارتكب آلاف المجازر والانتهاكات بحقهم، استبشروا بالانتقال إلى مرحلة جديدة، مرحلة تضميد الجراح والنهوض بسوريا جديدة خالية من آل الأسد والإرهاب والترهيب والبراميل المتفجرة والمسيّرات والغارات الجوية والهجمات الوحشية، إلا أن المناطق الكوردية، لا تزال تعاني من هواجس التهديدات وباتت في مرمى العمليات العسكرية مرةً أخرى.
*كوباني المقاومة
كوباني، الاسم الذي اقترن بالبطولة ورمز المقاومة والتوحيد، عانت الأمرّين من بطش تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، إذ لم يبق كوردي واحد في المدينة وقراها، ومع تحرير المدينة من قبل قوات البيشمركة وYPG وقوات التحالف، عادت الحياة تدريجياً إلى المدينة إلا أنها تعرّضت مراراً وتكرار كنظيراتها الأخرى قامشلو وديرك والحسكة، للتهديدات بشن عملية عسكرية، تحت ذريعة توطيد الأمن العام وتأمين الحدود من "الإرهاب" في إشارة إلى ب ك ك.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن احتمالية شن هجومٍ عسكري عليها، وعادت مجدّداً إلى الواجهة، وسط مخاوف جديّة لتعرضها لعملية عسكرية من قبل تركيا والمسلحين المعارضين السوريين، لا سيما أن الطرفين (تركيا وقسد) أكّدتا في تصريحات مختلفة على الهجوم العسكري الوشيك.
*إخراج ب.ك.ك
بالرغم من أنّ مظلوم عبدي قائد قسد، صرّح أنّهم على استعداد لجعل كوباني منطقة منزوعة السلاح، وإخراج المقاتلين غير السوريين، إلا أن ذلك لم يُترجم على الواقع، في ظل استمرار وجود حزب العمال الكوردستاني في المنطقة وتحكّمه بزمام الأمور والاستمرار في تقديم الحجج لتركيا، كرفع صور أوجلان في مظاهراته ورفع شعارات PKK، آخرها في المظاهرة التي خرجت بتاريخ 16 كانون الثاني في مدينة كوباني.
في ظل تجييش تركيا لقواتها على الحدود وتهديدات المسلحين المعارضين بالهجوم الوشيك، يتوجّب إيجاد حلّ سريع للمدينة المنكوبة أصلاً، والحد من تعرضها لكارثة أخرى:
- إخراج كافة المسلحين من ب ك ك، قياديين وعناصر.
- إعلان مظلوم عبدي بشكل رسمي فك الارتباك عن ب ك ك ونفيه وجود أي علاقة أو تدخّل لتلك القوات مع قسد وأنّها قوات كوردية سورية ولن تشكّل تهديداً لأية دولة أخرى لا سيما تركيا.
- العمل بشكل سريع على إعادة قوات بيشمركة روج وإشراكها في حماية المناطق الكوردية.
- نشر قوات البيشمركة على طول الحدود مع تركيا كي لا تتحجج تركيا وتبدي مخاوفها من وجود عناصر غير سورية.
- تشكيل إدارة مدنية للمدينة من الأهالي يشترك فيها كافة الأحزاب السياسية والفعاليات المدنية.
- الإعلان عن توحيد الموقف الكوردي وتشكيل وفد موحد للتواجد بقوة في دمشق.
* الاتفاق على فدرالية للمناطق الكوردية (الجزيرة - عفرين - كوباني) ولا يقتصر العمل على "شرق الفرات" فقط.
*المحصلة
إن ما حصل مع الشعب الكوردي في غربي كوردستان، لن يتحمل مآسٍ أخرى ومع زوال نظام الأسد لا بدّ من زوال أدواته التي كانت سبباً بشكل وآخر في تعرّض الكورد للتراجيديات والكوارث كالتهجير والتغيير الديمغرافي، والدفاع عن المدن والمناطق العربية، وزج شباننا وشاباتنا في حروبٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل ودفعهم إلى المحرقة.
في الأمس كانت عفرين وسري كانيه واليوم كوباني وغداً ستكون قامشلو وديرك في المرمى، إن لم تكثّف الجهود بشكل جدي ومنظم مع القوى الفاعلة والأطراف المتحالفة مع الكورد فربما نواجه تحديات جمة، فالوقت يمر بسرعة البرق. غادروا كوباني بأمان، فلنا سياسيونا يستطيعون إدارة منطقتنا وشؤوننا، ولا ضررَ ولا ضرار.