اتفاق تاريخي في واشنطن: كوردستان تفتح آفاقاً اقتصادية جديدة بشراكة أمريكية استراتيجية

اتفاق تاريخي في واشنطن: كوردستان تفتح آفاقاً اقتصادية جديدة بشراكة أمريكية استراتيجية
اتفاق تاريخي في واشنطن: كوردستان تفتح آفاقاً اقتصادية جديدة بشراكة أمريكية استراتيجية

يوم الاثنين، 19 مايو 2025، أشرف مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كوردستان، على مراسم توقيع اتفاقيتين مهمتين في مجال الطاقة، وذلك خلال حفل أُقيم في غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن.

وقّعت شركتا النفط الأمريكيتان HKN Energy وWestern Zagros، كل على حدة، اتفاقيتين كبيرتين مع حكومة إقليم كوردستان لتطوير قطاع النفط في الإقليم، وتُقدّر قيمتهما بعشرات المليارات من الدولارات، ومن المتوقع أن تساهما بشكل إيجابي في دفع عجلة قطاع النفط والطاقة في الإقليم نحو مزيد من التقدّم.

وتأتي هذه الاتفاقيات في وقت يشهد فيه الإقليم انطلاقة نحو استثمار اقتصادي واسع النطاق بقيمة تُقدّر بـ 110 مليارات دولار، ما من شأنه أن ينعش مختلف القطاعات الاقتصادية، ويُرسي قاعدة قوية للبنية التحتية لقطاع الطاقة في كوردستان، خصوصًا في مجال الكهرباء، حيث يعاني العراق حالياً من مشاكل متفاقمة. وقد قطع الإقليم خطوات ملحوظة في توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية تصدير الكهرباء إلى خارج الإقليم في المستقبل.

وتُعد هذه الاتفاقيات أيضًا حجر أساس لتعزيز العلاقات بين أربيل وواشنطن. وقد كان بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول الاتفاقيتين بمثابة رد واضح على العديد من التساؤلات، إذ أعربت فيه عن دعمها الرسمي للاتفاق وأملها في توسيع التعاون بين الجانبين في شتى المجالات.

 وباتت النظرة في الأوساط الأمريكية إلى إقليم كوردستان تتجاوز كونه مجرد حليف سطحي، ليرتقي إلى شريك فاعل في تحقيق السلام والاستقرار، وترسيخ الثقة المتبادلة، بالإضافة إلى دوره الريادي في تعزيز مبادئ الديمقراطية في المنطقة.

وفي الوقت الراهن، لدى كوردستان وأمريكا أهداف مشتركة عديدة، إلا أن الشراكة بينهما أصبحت تتجاوز نطاق التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب، لتتوسع نحو مجالات التنمية الاقتصادية والاستثمار في قطاع الطاقة، خصوصًا في ظل توجّه الإدارة الأمريكية الجديدة نحو دعم الاقتصاد وتقوية القطاع التجاري.

 ومن هذا المنطلق، لا يمكن التقليل من أهمية هذه الاتفاقيات، بل إنها تمهّد الطريق أمام الشركات الأمريكية الكبرى للاستثمار في كوردستان، مما يعود بالنفع الكبير على الإقليم.

ويحمل هذا النوع من الاتفاقيات أهمية استراتيجية لشعب كوردستان، في ظل التحديات المتواصلة من بغداد التي تعارض استقلالية الإقليم في إدارة ملف الطاقة، إلى جانب الضغوط الاقتصادية والحصار الداخلي المفروض.

 ومن هنا، فإن هذه الاتفاقيات تمثل فرصة ذهبية ليس فقط لمستقبل كوردستان السياسي، بل لإحداث تغيير نوعي في توازنات الشرق الأوسط، خاصة وأنها تتماشى مع الاتفاقيات الأخيرة بين أمريكا والسعودية وقطر، والتي يمكن أن تترك بصمة واضحة على اقتصاد المنطقة بأسرها.

كما أن هذه الاتفاقيات من شأنها أن تعزز مستوى الأمن والاستقرار، وهو عامل أساسي لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. 

وقد بدأت حكومة إقليم كوردستان بالفعل منذ نوفمبر الماضي باتخاذ خطوات مهمة في هذا الاتجاه، لا سيما في القطاع الصناعي، وتعزيز القدرات الأمنية، وتنمية القطاع الزراعي.

إن توقيع هاتين الاتفاقيتين مع شركتين أمريكيتين كبيرتين يبعث برسالتين واضحتين إلى العالم: الأولى تتعلق بتأكيد الحقوق الدستورية لشعب كوردستان، والسير بخطى واثقة نحو الرفاهية والمشروع الوطني الكبير، أما الثانية فتكمن في الدور المتنامي لكوردستان في إعادة تشكيل واقع المنطقة.

ولم يعد من الممكن الاستمرار في محاولات إلحاق الضرر بالإقليم تحت عناوين وذرائع مختلفة، فقد أصبحت هذه الاتفاقيات حقيقة قائمة على الأرض، ويجب على جميع الأطراف، كما أكد رئيس الوزراء، قبولها كأمر واقع. إنها زيارة مهمة ومثمرة بكل المقاييس.