المرأة الكوردية من النضال التاريخي إلى تطلعات المستقبل

المرأة الكوردية من النضال التاريخي إلى تطلعات المستقبل
المرأة الكوردية من النضال التاريخي إلى تطلعات المستقبل

تظل المرأة الكوردية رمزاً للعزيمة والإصرار، ودورها المحوري في المجتمع محل تقدير دائم. فهي جزء أساسي من تقدم المجتمع الكوردي في مجالات التعليم والثقافة والسياسة، كما أنها تلعب دوراً جوهرياً في الحفاظ على الهوية الكوردية.

تاريخياً، لم تكن المرأة الكوردية غائبة عن الحركة التحررية، بل كانت في طليعتها، وشهد التاريخ على ذلك. ومن بين الشخصيات البارزة:

حفصة خان النقيب، التي دعمت القضية الكوردية وأرسلت رسائل إلى عصبة الأمم حول حق تقرير المصير، وقامت بتأسيس مدرسة "زانستي" في عام 1927 لتصبح رمزاً للإصرار على التعليم ودعم الثقافة.

عادلة خانم، التي أصبحت رئيسة عشيرة الجاف في عام 1909 واستمرت في منصبها حتى عام 1934، وكانت شخصية مؤثرة وصاحبة قرار حظيت بإشادة وثقة من قبل المستشرقين. خلال فترة الاحتلال البريطاني للعراق، حصلت عادلة خانم على لقب "خان بهادور" وكان لها تأثير كبير في منطقة حلبجة، لدرجة أن بريطانيا كانت تحسب حساباً خاصاً لدورها. وقد أشاد المهندس الغربي (هاملتون) بقدرتها القيادية أثناء عملها في كوردستان في تخطيط الطرق وتنفيذ المشاريع الهندسية.

ناهدة الشيخ سلام، القيادية البارزة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي ساهم وجودها في تعزيز دور المرأة داخل الحزب.

ليلى قاسم، رمز ثورة أيلول، التي حملت لواء القضية الكوردية بكل فخر واستشهدت فداءً لحرية شعبها.

أشاد العديد من المستشرقين بشجاعة المرأة الكوردية وحريتها، ومن الأمثلة على ذلك وصف المستشرق الروسي باسيل نيكتين لها بأنها نموذج للجرأة والطاقة. 

والأميرة خانزاد، التي حكمت إمارة سوران بكفاءة واقتدار، مارست الفروسية وشاركت في المعارك، واهتمت بالثقافة والتعليم وأنجزت مشاريع مثل بناء المدارس والجسور، هي مثال حي على القيادة النسائية الناجحة.

لطالما كانت المرأة الكوردية شريكة للرجل في مختلف جوانب الحياة، فمنذ العصور القديمة، كانت تشارك في الزراعة جنباً إلى جنب مع الرجل في حراثة الأرض، وحملت على عاتقها أدواراً أخرى مثل الأمومة والنضال. فنجدها وقفت إلى جانب الرجل في الجبال خلال فترات المقاومة، وشاركت في المدن في مواجهة الأنظمة الاستبدادية. واليوم، تساهم بفعالية في جميع القطاعات، فهي المعلمة والشرطية والقائدة، وتعمل جنباً إلى جنب مع الرجل لتحقيق المساواة وتنمية المجتمع. ويظهر ذلك بوضوح في مشاركتها في أصعب المهام، مثل الحرب ضد داعش في جبهات القتال في جنوب وغرب كوردستان، دون أن يبعدها ذلك عن دورها الاجتماعي كأم مربية للأجيال.

تلعب المرأة الكوردية دوراً متزايداً في التنمية الاقتصادية، فهي شريكة في الوظائف الحكومية والأعمال الحرة والنجارة وإدارة المحلات، وقد أثبتت جدارتها في هذا المجال، وأصبحت رائدة في عالم الأعمال. ففي كردستان، نجد العديد من النساء التاجرات اللواتي أثبتن نجاحهن في هذا القطاع.

تغلبت المرأة الكوردية على التحديات، وانخرطت في التعليم بشغف وإصرار، ففي الوقت الذي قاومت فيه بعض العقول الظلامية افتتاح المدارس لأول مرة في كردستان، تمكنت المرأة الكردستانية من كسر هذه النظرة المتخلفة، وتفوق عدد الطالبات على عدد الطلاب في الجامعات، فالتعليم هو سلاحها للتمكين والتغيير.

لعبت المرأة دوراً هاماً في الديانة اليارسانية الكوردية، حيث سُجلت العديد من الأقوال والنصوص الدينية للنساء في الكتاب المقدس لليارسانيين "سرنجنامه"، ومن بين الشخصيات البارزة في التاريخ اليارسي نجد دايه توريز الهورامي وجلاله خانم اللورستانية وريهان خانم وفاطمة لور الكوران.

إن دور المرأة الكوردستانية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية هو علامة مضيئة تبعث على التفاؤل، ومن الضروري الاستمرار في دعمها وتعزيز مشاركتها في جميع المجالات، لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة. يولي إقليم كردستان اهتماماً كبيراً بمكانة المرأة ودورها القيادي، وتسعى النساء الكورديات إلى زيادة تمثيلهن في البرلمان والمجلس الوطني العراقي، لتحقيق المساواة الكاملة مع الرجال في جميع المجالات. كما تعود جهود القضاء على الأمية وتقدم المرأة في المجتمع الكردي إلى المساعي الكبيرة للبارزاني الخالد، الذي سعى إلى منع تقاليد زواج الطفلة والزواج بين الأعمار المختلفة، بالإضافة إلى مراجعة قانون الأحوال الشخصية ليتماشى مع المتغيرات المعاصرة.