
د. ابراهيم احمد سمو
كاتب كوردي
دهوك.. عرس العمران وتجدد الروح في حضرة مسرور بارزاني

دهوك، هذه المدينة التي جمعت بين سحر الطبيعة وعراقة التاريخ، تقف غدًا على أعتاب تحول جديد يضيف إلى رصيدها صفحة ناصعة من الجمال والتنظيم. فبعد سنوات عانت فيها بعض مناطقها من فوضى عمرانية وعشوائية في المظهر والخدمات، تتهيأ المدينة لتدخل مرحلة مختلفة كليًا، حيث تتغير صورة مدخلها الرئيس من جهة أربيل، وتتحول من مثلث طالما كان مثار جدل وانتقاد إلى فضاء رحب من الجمال والراحة والتنظيم الحضاري.
ذلك المثلث الذي عرف بين الناس بمثلث “الاستقبال”، كان لسنوات عنوانًا غير سار للزائرين والسكان على حد سواء. فقد تراكمت فيه المخالفات العمرانية، من محلات تجاوز، وورش حدادة، وتصليحات عشوائية، وبقايا سيارات معطلة، وحديد متروك، وبناء متنافر بعيد عن أي ذوق هندسي أو رؤية مستقبلية. مكانٌ اتسخ بالصورة العشوائية حتى غدا أقرب إلى “مثلث الموت الحضاري” منه إلى مدخل يليق بمدينة بحجم دهوك. حتى غدت تلك البقعة وصمة على جمال المدينة، ومرآة مشوهة لأول نظرة يلتقطها القادم من جهة أربيل.
لكن الغد يحمل وعدًا جديدًا. فالمكان الذي كان يومًا بؤرة للضوضاء والفوضى، سيغدو فضاءً أخضر نابضًا بالحياة. مشروع متكامل يعيد صياغة المشهد العام لمدخل دهوك، فيفتح صفحة أخرى من دفتر العمران الحديث في كوردستان. حدائق واسعة، نافورات راقصة، كوشكات أنيقة، أماكن جلوس عائلية، مسارات رياضية، وألعاب للأطفال، كلها تصطف لتمنح المواطن والزائر فسحة من الراحة والجمال. إنّه انتقال من العشوائية إلى التخطيط، ومن الخراب البصري إلى فسحة منسقة تملأ العين جمالًا والروح طمأنينة.
غدًا، ومع هذا التحول الكبير، سيكون أهالي دهوك على موعد مع حدث استثنائي، إذ يضع رئيس حكومة إقليم كوردستان، السيد مسرور بارزاني، بصمته المباشرة في هذا المشروع، معلنًا افتتاحه ليكون شاهدًا على نقلة نوعية في واقع المدينة. مشهدٌ يكتمل مع مشاريع أخرى كان قد أطلقها في مدن مختلفة، لتشكل لوحة متصلة من العناية بالبيئة والتنظيم العمراني في عموم الإقليم.
دهوك بين الأمس واليوم
من يزور دهوك اليوم لا يمكنه أن يغضّ الطرف عن حجم التغير الذي تشهده مقارنة بما كانت عليه قبل اعوام . فالمشاريع الخدمية والعمرانية بدأت تعيد رسم ملامح المدينة على أسس جديدة، تواكب متطلبات الحاضر وتفتح أفقًا للمستقبل. وإذا كان الماضي قد ترك تراكماته من فوضى غير مخططة، فإن الحاضر اليوم يمحو تلك الصورة شيئًا فشيئًا، ليزرع مكانها وجهًا أكثر إشراقًا وحضارة.
المثلث الذي كان رمزًا للتجاوز والضجيج صار اليوم رمزًا للانبعاث. في الماضي كان يعكس صورة مشوهة عن دهوك، لكنه غدًا سيغدو بوابة مشرقة تستقبل الزائرين بالحدائق والنافورات، لا بالخردة والحديد. إنها إعادة اعتبار للمكان، وإعادة اعتبار لصورة المدينة في أذهان أهلها وزوارها.
الطريق إلى لالش… جسر بين الروح والعمران
وليس مشروع مثلث الاستقبال وحده ما ينتظر دهوك غدًا. فهناك مشروع آخر يفتح آفاقًا جديدة للمدينة ولعموم كوردستان، وهو الطريق بين شيخان وصولًا إلى لالش. هذا الطريق الذي اختصر المسافة وفتح آفاقًا جديدة للسفر، لم يكن مجرد إنجاز خدمي، بل هو جسر يربط الروح بالعمران. فلالش ليست مكانًا عاديًا، إنها قبلة دينية وروحية لملايين الإيزيديين، ومزار يتوافد إليه مئات الآلاف من الايزيديين سنويًا لإحياء الطقوس والمراسيم. الطريق الجديد يجعل الوصول إلى لالش أكثر سهولة، ويفتح أمام الزائرين فسحة من الجمال الطبيعي الذي يضاف إلى قدسية المكان.
إنّ افتتاح هذا الطريق لا يخدم فقط أهالي شيخان ولالش، بل يخدم عموم كوردستان وكل الزائرين من خارجها. فهو يربط التاريخ بالحاضر، والقداسة بالعمران، والروحانية بالحداثة. بهذا المشروع يضيف السيد مسرور بارزاني إلى رصيد حكومته خطوة جديدة تجمع بين البعد الخدمي والبعد الروحي في آن واحد.
سياسة تنموية متصلة
المشاريع التي ستفتتح غدًا في دهوك ليست معزولة عن سياق عام، بل تأتي امتدادًا لسياسة تنموية واضحة انتهجتها حكومة كوردستان بقيادة مسرور بارزاني. فمن قرر زرع ملايين الشتلات حول أربيل وبقية المدن، إلى إطلاق مشاريع تنظيم عمراني متكامل، هناك خط واحد يجمع بين جميع الخطوات: بناء بيئة نظيفة، ومشهد حضاري يليق بمكانة كوردستان. إنها رؤية شاملة تجعل من العمران وسيلة لحماية البيئة، ومن البيئة فضاءً لتعزيز جودة الحياة.
دهوك غدًا لن تكون مجرد مدينة تحتفل بمشروعين جديدين، بل ستكون شاهدًا على فلسفة عمرانية تحترم الإنسان والطبيعة في آن. فلسفة تؤكد أن التنمية ليست مجرد إسفلت وحديد، بل هي أيضًا خضرة وهواء نقي ومتنفس للعائلة والطفل والشباب.
دهوك… عروس الشمال في ثوب جديد
غدًا سيكون يومًا أشبه بالعرس لدهوك. المدينة التي طالما اشتهرت بجمال طبيعتها من جبال وسهول وأنهار، ستزداد جمالًا بعمران حضاري يكتمل مع طبيعتها الخلابة. فحين تتلاقى الخضرة الطبيعية مع الخضرة المزروعة بعناية، وحين تجتمع مياه النوافير مع نقاء الهواء الجبلي، فإن لوحة المدينة تكتمل لتغدو واحدة من أجمل مدن كوردستان والمنطقة.
دهوك لا تحتفل وحدها، بل يحتفل معها كل من يؤمن أن التنمية الحقيقية تبدأ من تحسين تفاصيل الحياة اليومية للمواطن. كل من يرى أن بناء المدن ليس رفاهية، بل هو ركيزة للاستقرار والكرامة والعيش الكريم. وهنا تكمن أهمية هذه المشاريع: إنها تمنح المواطن شعورًا بأن صوته مسموع، وأن مطالبه تجد صدى عند القيادة السياسية.
مسرور بارزاني… قيادة تترجم الأقوال إلى أفعال
في المشهد الغدوي، يبرز دور رئيس حكومة كوردستان مسرور بارزاني بوصفه قائدًا يسعى إلى ربط القيادة بالفعل الملموس على الأرض. فليس الحديث عن التنمية مجرد خطابات، بل هو مشاريع ترى النور في الشوارع والميادين. وهذا ما يعطي لحضوره في دهوك قيمة مضاعفة: إنه لا يفتتح مشروعًا فحسب، بل يبعث برسالة إلى المواطنين بأن الحكومة قريبة منهم، تستجيب لمطالبهم، وتنزل إلى رغباتهم، وتحول تلك الرغبات إلى حقائق.
إنّ حضور رئيس الحكومة في دهوك غدًا، وافتتاحه للمشاريع بنفسه، يمنح الأهالي ثقة متجددة بأن مدينتهم ليست على هامش الاهتمام، بل في قلب الرؤية التنموية. وهو في الوقت نفسه امتداد لسياسة اتبعتها حكومته منذ البداية، في أن تكون التنمية شاملة ومتوازنة بين جميع محافظات الإقليم.
دهوك الغد… بداية لمشاريع أخرى
افتتاح مشروعين كبيرين في يوم واحد ليس نهاية المطاف. بل هو بداية لمرحلة جديدة من المشاريع الأخرى التي تنتظر دورها في التنفيذ. اليد ما زالت مفتوحة لاستقبال طلبات المواطنين، والعين ما زالت شاخصة نحو مزيد من الجمال والتنظيم. فإذا كان اليوم مثلث الاستقبال قد تغير، وغدًا طريق لالش قد اختصر، فإن المستقبل سيحمل معه مشاريع أخرى تواصل بناء الصورة المتكاملة لدهوك كمدينة حديثة، نظيفة، ومتطورة.
دهوك، التي طالما عُرفت بأنها عروس الاقليم، تزداد جمالًا مع كل مشروع جديد، وتترسخ مكانتها في وجدان الكورد وفي ذاكرة الزائرين كمدينة تجمع بين الأصالة والمعاصرة. وغدًا، حين يتزين المثلث بالحدائق، ويُفتتح الطريق إلى لالش، ستكتب دهوك فصلًا جديدًا من تاريخها، فصلًا عنوانه العمران في خدمة الإنسان .
خاتمة
غدًا ليس يومًا عاديًا في دهوك. إنه يوم تتحول فيه صورة المدينة من الماضي المثقل بالعشوائية إلى الحاضر المزدان بالجمال. يوم تعلن فيه المدينة عن عرس عمراني وروحي في آن، يجمع بين مشاريع تخدم الحياة اليومية وأخرى تعزز الروابط الروحية والثقافية.
في حضرة مسرور بارزاني، ستقول دهوك للعالم: نحن مدينة تتجدد، شعب يتطلع، وقيادة تبني. وما هذا إلا بداية لمشوار طويل من التنمية والعمران في كوردستان، مشوار عنوانه الأمل والمستقبل.