
مهند محمود شوقي
محرر
صرخة الحرية الكوردية الاستفتاء الذي كتب التاريخ

في 25 أيلول 2017، وقف شعب كوردستان أمام لحظة تاريخية لا تُنسى، حين أُجري الاستفتاء الشعبي على استقلال الإقليم عن العراق. لم يكن مجرد اقتراع، بل كان صرخة تتردد عبر قرون، صرخة شعبٍ لم يتخلَّ عن حلمه بالحرية منذ أن رفع الملا مصطفى بارزاني راية النضال، ومن ثم أكمل الرئيس مسعود بارزاني، المسيرة، وصولًا إلى مسرور بارزاني الذي يقود اليوم حكومة الإقليم على خطى جده وأبيه، مصممين على حماية حقوق الكورد وتحقيق طموحاتهم المشروعة.
لقد عانى الشعب الكوردي لعقود طويلة من استغلال الحكومات العراقية المتعاقبة، التي حاولت تهميش دوره السياسي والاقتصادي، ونهب ثروات الإقليم، وقمع نضاله المشروع. ومع ذلك، أصر ملايين المواطنين على الإدلاء بأصواتهم بحرية، ليقولوا بصوت واحد إن حقوقهم في تقرير مصيرهم ليست منّة تُعطى، بل حق طبيعي لا يمكن لأحد أن يتجاوزه. فقد بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 72.16%، وصوّت 92.73% بـ"نعم" للاستقلال مقابل 7.27% بـ"لا"، ليعلن الشعب رفضه للظلم والتهميش، وتمسكه بهويته وبحقه في بناء مستقبل حر، مستقل، وذي سيادة.
رغم الضغوط الدولية ومحاولات بغداد لإجهاض إرادة الشعب الكوردي، أصرّ زعماء الإقليم على المضي بالاستفتاء، مؤكدين أن الاستقلال ليس إعلان حرب، بل هو حق مشروع طالما تم تجاهله. وقد أظهرت الحكومة العراقية، عبر تهديداتها وإجراءاتها العسكرية وسيطرتها على مدن كركوك والمناطق الغنية بالنفط، مدى استغلالها لحقوق الكورد ورفضها أي مسعى يضمن لهم الحرية والسيادة الذاتية.
ورغم هذه التحديات، ظل الاستفتاء رمزًا لإرادة الشعب الكوردي وإيمانه العميق بحق تقرير المصير، وأثبت أن الهوية الكوردية لا يمكن محوها، وأن الشعوب التي تُستهدف بالتمييز والقمع لا تُلغي إرادتها عبر الإجراءات القسرية أو الضغوط السياسية.
واليوم، وبعد سنوات من تلك اللحظة التاريخية، يظل الاستفتاء علامة فارقة في تاريخ كوردستان، وصوتًا قويًا للحرية ورفضًا لكل محاولات استغلال حقوق الشعب. وقد أثبتت حكومة مسرور بارزاني أن الإرادة الحقيقية لا تُكسر، فهي مستمرة في إنجاز المشاريع الاستراتيجية وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة في الإقليم، رغم كل الضغوط السياسية والمالية من بغداد. إن مستقبل كوردستان سيظل قائمًا على عزيمة شعبها وإصرار قيادتها على الدفاع عن هويتها وحقوقها المشروعة، مسيرة متواصلة منذ الملا مصطفى بارزاني مرورًا بمسعود بارزاني وصولًا إلى مسرور بارزاني، الذين رفعوا راية الحرية في وجه كل من حاول قمعها.
إنها قصة أمة رفضت الانكسار، وكتبت بدماء أبطالها وعزم شعبها تاريخها، لتقول للعالم أجمع: كوردستان حرة، كوردستان حية، وكوردستان لن تتنازل عن حقها في تقرير مصيرها مهما طال الزمن.