في استعادة روح الاستفتاء الكوردستاني

في استعادة روح الاستفتاء الكوردستاني
في استعادة روح الاستفتاء الكوردستاني

في مثل هذا اليوم، الذكرى الثامنة للحدث الأبرز والأهم في تاريخ الكرد المعاصر، وهو استفتاء شعبنا الكوردستاني في جنوب الوطن في 25-9-2017 هذا الاستفتاء الذي قاده باقتدار وهمّة لا تعرف اللين الرئيس مسعود بارزاني الذي استطاع أن يترجم حلم الدولة الكردية، واستقلال كوردستان من حالة ميئوسة، ومبعثة على أقصى حدٍّ للتشاؤم إلى واقع حي ونابض بالحياة.

في هذا اليوم استفتى الكرد على استقلال كوردستان، وكانت النتيجة أكثر من باهرة، فقد صوّت لصالح الاستفتاء أكثر من 92 بالمئة من المواطنات والمواطنين الكوردستانيين، وعمّت الفرحة في عموم كوردستان، وكل أماكن تواجُد الكرد في باقي أجزاء كوردستان، وكذلك في الشتات والمهاجر الأمريكية والأوربية، حيث بدأ الكرد لأوّل مرّة يشعرون بقدرتهم على تجاوز واقعهم، والافتراق مع حال الجغرافيا التي تقسّمت بين أربع دول، وأربعة أنظمة استبدادية قد تختلفُ على كل شيء، وقد تندلع حروب طاحنة فيما بينها، لكنها حين تسمع صوت الكردي وقد رفع رأسه ليشم عبق الحرية، فإنها سرعان ما توارى، وتخبئ كل مشاكلها البينية، وتتهيأ، وتتوحد للقضاء على حلم الكرد الأزلي، وهو رؤية وطنهم كوردستان، وقد أصبح حراً عزيزاً، تحت سمائه يحيا أولاده بشمم وكرامة وكبرياء.

ما إن تنفس الكرد الصعداء، وابتهجت أرواحهم التي تعبت من الإذلال والتبعية، حتى كشّر الجميع عن أنيابه، فالدول المقتسمة لكوردستان تنادت إلى اجتماعات ومؤتمرات عاجلة، وقطعت أوراق تباعدها، وناصرت بغداد التي أعلنت حرباً حقيقية على كوردستان، وحاصرتها من الجو والبر، وسعت على المستوى الدبلوماسي الدولي لوضع الكرد في ضيّق الزاوية، لكن القيادة الكوردستانية الشابة تلقت طعنة بغداد بتعقُّل، وضبط الأعصاب، وهنا نذكر باحترام كبير عظمة فرنسا التي فتحت قصر الإليزيه للقائد الشاب نيجيرفان بارزاني، فقد لبى البارزاني الدعوة الرسمية من الرئيس الفرنسي عمانوئيل ماكرون، وعاد بارزاني بوعود مبهجة للكرد، وماهي إلا شهور قلائل حتى أزيلت الغمة عن قلوب وعيون الكرد، وفُتحت الأجواء من جديد أمامهم، وسقطت رهانات بغداد على اجتياح كوردستان وضمّها للحكومة المركزية، كما سقطت أحلام من سلّموا كركوك إلى الجيش العراقي دون مقاومة للقضاء على مساعي الديمقراطي الكوردستاني الدبلوماسية.

وهكذا عاد إقليم كوردستان أكثر منعة، أشد قوة من ذي قبل، وتجاوز محنته العصيبة دون دفع أثمان باهظة..

 اليوم، وأكثر من أي وقت يحتاج الكرد سواء في جنوب كوردستان، أو في غرب كوردستان إلى إحياء روح الاستفتاء من جديد، ففي إقليم كوردستان، ورغم تطبيق حكومة الإقليم لكل طلبات الحكومة المركزية في بغداد، إلا أنها تتلاعب بمصائر وعيش مئات الآلاف من موظفي الإقليم، وتختلق المبررات الواهية لجعل كوردستان وشعبها بلداً جائعاً.

غرب كوردستان، يلاقي الحال عينها، واللامبالاة بوضعه، وما يثار بهذه المناسبة أو تلك مجّرد كلام معسول، رغم الدعوة التي تلقاها المجلس الوطني الكردي مؤخراً بزيارة دمشق واللقاء مع رئيس المرحلة الانتقالية احمد الشرع، فالوفد الكردي الذي انبثق من مؤتمر وحدة الكلمة الكردية منذ أواخر نيسان جاهز للذهاب إلى دمشق، ولكن عبث!!

وهذا ما يحفّز للبحث بشكل جدي عن إحياء الاستفتاء نصاً وروحاً، ولا ضير والحالة هذه من اتحاد جنوب وغرب كوردستان، طالما أن وضع سوريا الحالي يتجه نحو التقسيم، بذلك تتوحّد الإرادة الكردية وبقيادة الرئيس والمرجع الكوردستاني مسعود بارزاني، ويعود الكرد إلى المجتمع الدولي بقوة وبأس عظيمين.

 نعلم أن هذه الرؤى، هذه الأفكار لن تمرّ مرور الكرام، فتربُّص الأعداء لا حدّ له، لكن الإرادة الكردية فوق كل اعتباراتهم.