
بدل رفو
محرر
سراييفو بعيون كوردية

سراييفو:تعد هذه المدينة قدس اوروبا حيث الجوامع بجانب الكنائس،هناك اكثر من 400 جامع وكنيسة كاثوليكية ومعبد يهودي وكاتدرائية في هذه المدينة.حين وصلنا سراييفو ليلا اقمنا في فندق (هوليداي)وهو المكان الوحيد الذي لم يقصف حين تعرضت المدينة لاكبر حصار في التاريخ الحديث فقد كان مقراً للصحفيين. يقع الفندق مقابل المتحف التاريخي فقد كان مهدماً من جراء القصف. اما المتحف الوطني فقد شيده النمساويون اثناء حكمهم لسراييفو ،بصمات النمساويين والاتراك واضحة على الفن المعماري في سراييفو ، في المدينة القديمة.سراييفو مدينة محاطة بالجبال الشاهقة وجبل بيلاش الذي يبلغ ارتفاعة 2150 مترا مازالت الثلوج تغطي قمته وقد اقيمت عليه مراكز التزحلق على الجليد في الاولمبياد الشتوي عام 1984 . يقابل الفندق ايضا مقر البرلمان البوسني.
كان هناك في سراييفو ثلاثة ملاعب لكرة القدم، لكن نتيجة الحصار والموت الجماعي غدت هذه الملاعب مقابر و شاخصات بيضاء تغزو المدينة والقبور في حدائق البيوت وفي مركز المدينة. وآثار الرصاص ما زالت ظاهرة في المدينة و على المباني فقد قتل الالاف من المدنيين جراء الحصار. وكانت المدافع الصربية من فوق الجبال المحيطة بها تقصف الجميع من دون استثناء. أبنية المدينة تحمل الاسلوب الهابسبوركي في فن العمارة والبناء واضحة في قلبها .
كانت سراييفو مركزاً للموسيقى وتقام الان خمسة مهرجانات موسيقية سنوية فيها. جولة في المدينة الم ووجع ورحيل الى اجواء الحرب. مررت بذلك القصر الذي قتل امامه ولي عهد النمسا الارشيدوق فرانس فرديناند وزوجته عام 1914 وعلى اثرها انطلقت الحرب العالمية الاولى. وتفرجت على صورة ذلك الطالب الصربي الذي اشعل لهيب الحرب. في مركز المدينة هناك المتحف الوطني على الاسلوب الفييناوي، وكذلك اكاديمية الموسيقى والمعبد اليهودي الذي شيد في القرن التاسع عشر.والترميم جار لدار بلدية سراييفو وقد تم تشييدها في القرن الثامن عشر بعد ان ارسلت النمسا مصممين الى مصر لتعلم الفن والتصميم الاسلامي لغرض بناء الدار على الاسلوب الاسلامي. لكن الدار احترقت ايضا بنيران الحرب الداخلية ويجري الان ترميمها على تصميم اسلامي فييناوي.
يطل على المدينة برجان كبيران ،الاول برج عثماني والثاني نمساوي. دمر البرج العثماني اثناء الحرب. اما النمساوي فقد اخبرني احدهم بان احد الخليجيين سيجعله فندقاً ضخماً.
في مركز المدينة حيث شارع التحف وهو شارع السياح ايضا والاعمال اليدوية. يرجع تاريخ هذا الشارع إلى 6 قرون ومن اشهر شوارع سراييفو. فيه تباع الادوات والأرتيزانا اليدوية والفخار من الاقداح والاباريق وفناجين القهوة من الفضة والاعمال كلها من صنع سراييفو.كذلك لوحات من المعدن وفناجين القهوة التركية موجودة بكثرة. وفي مركز المدينة حيث(السبيل) شيد في القرن 16 من قبل العثمانيين وسموه بالسبيل لتوزيع الماء على الضمانين.وبالقرب منه الحمام التركي والخانات القديمة التي كان يرتاح فيها المسافرون التجار والقادمون من الشرق غدت محلات وحوانيت يباع فيها السجاد والملابس اليدوية، وقد شيدت في زمن العثمانيين. وتشبه كثيرا خانات الموصل التي غدت مواقف للسيارات. وهذه الخانات في سراييفو مازالت تسمى بالسراي.في المركز ايضا جامع غازي حسرف وبجانبه جامعة علم الأديان ومنارته يبلغ طولها 27 مترا وفناؤه من الاحجار الكبيرة. وفي وسط الجامع نافورة جميلة. اما توقيت البرج المطل عليه فهو توقيت مكة المكرمة. بعض اجزاء الجامع تم تدميرها في الحرب فلم يبق شيئ في سراييفو إلا وعليه اثار الرصاص.
جولة في المدينة القديمة ضمت كاتدرائية الكاثوليك احير يوسيس وشيدت عام 1889 وتعد من معالم سراييفو الجميلة ببنائها الجميل وقد اصيبت ايضا في الحرب. وما زالت آثار القذائف على اعمدتها. وحين اقام بابا الفاتيكان قداسه في سراييفو عام 1997 تحدث عن آثار الحروب وكان قداسه حول اعادة الحياة والاشجار الى المدينة والتسامح .
كنيسة (سابرنا سرفكا)هي كنيسة ارثودوكسية جميلة لا تبعد كثيرا عن الكاثوليكية و شيدت عام 1864وتعد رمزاً لفن العمارة. وقد استمر طلاء الكنيسة عامين. وفي احدى ساحات المدينة تماثيل لشخصيات لعبت دورها في يوغسلافيا ومنها حامل جائزة نوبل للاداب(ايفو اندريج 1892 ـ1975)،وكذلك مساحة كبيرة للعبة الشطرنج بهياكل كبيرة .نسبة المسلمين في سراييفو تقدر ب 80 بالمائة .تعد السفارة الامريكية في سراييفو اكبر سفارة امريكية في اوروبا وقد افتتحتها السيدة هيلاري كلينتون.
للحرب قصص وحكايات ومآس في سراييفو فقد قطعت عنها الماء والكهرباء ،لكن الحياة استمرت وحفر الاهالي ابارا في دورهم وكذلك جمعوا مياه الامطار وحتى الثلج في الشتاء كانوا يذيبونه. دمرت الحرب حتى مراكز المسنين. ففي الايام الاولى من الحرب كان الصرب يخطفون الرجال ومازال العدد الكبير منهم مفقودين.
النفق...حين كانت المدينة محاصرة من جميع الجهات تمكن اهالي سراييفو من حفر نفق يربط المدينة بالعالم من اجل جلب المؤونة. وحين علم الصرب بقصة النفق تم تدميره ولم يبق منه سوى 15 مترا. صار المكان متحفا يزوره السياح ويلتقطون صورا مع صاحبة البيت التي غدت رمزا للمقاومة في التاريخ البوسني. وفي المتحف تم عرض فلم وثائقي حول الحرب فقد كانت ماساة حقيقية يندى لها جبين الانسانية والعالم.
متحف النفق.. يقع في احدى ضواحي سراييفو، ويمثل تاريخا من حياة هذا الشعب التواق للحرية والدفاع عن انسانيته. بعد خروجي من المتحف طالعت في وجه المراة التي تملك الدار والمتحف ،هذه المرأة البطلة التي سيضمها التاريخ البوسني الى صفحاته في سبيل الحرية والتقطت معها صورة، وأنا اتألم لما رأيته في سراييفو.





