العقلية الإقصائية… دمار للتعايش السلمي

يوم الاثنين، 6 تشرين الأول 2025، وبناءً على دعوة من المايسترو علي الخصاف، شاركت في احتفالية اليوم الوطني العراقي التي أُقيمت برعاية وزير الثقافة والسياحة والآثار الاتحادي الدكتور أحمد فكاك البدراني، وبحضور عدد من المسؤولين والفنانين والمؤرخين العراقيين.
تضمّنت الاحتفالية كلماتٍ ومحاضراتٍ وفقراتٍ شعرية، إلى جانب عرض فيلمٍ وثائقي تناول تاريخ تأسيس الدولة العراقية. غير أن ما أثار الأسف والدهشة، هو تجاهل إقليم كوردستان تمامًا في هذا العرض، رغم ما يشهده من تطورٍ عمراني وثقافي وإنساني كبير، بل حتى المكون الكوردي لم يُذكر ولو بكلمة واحدة، تمامًا كما غابت الإشارة إلى بقية المكونات العراقية، واقتصر الحديث فقط على المكون العربي!
في احتفالية كهذه، تُقام في العاصمة العراقية بمناسبة اليوم الوطني، كان من المفترض أن تُجسّد وحدة التنوع العراقي، لا أن تُكرّس سياسة التهميش والإقصاء. إن تغييب المكونات الأساسية للعراق، بماضيها وحاضرها وإسهاماتها، يُعبّر عن عقلية ضيقة وشوفينية لا تؤمن بالتعددية ولا بالتعايش السلمي. فكيف يمكن، في ظلّ هكذا ذهنية، أن يُطالب غير العرب بالشعور بالانتماء الوطني أو بالاعتزاز بالعلم والشعار العراقي؟
ما يتبلور في ذهني، وذهن معظم الشركاء في "العراق الجديد"، هو أن الفيدرالية والتعايش والاحترام المتبادل لم تعد سوى شعاراتٍ فارغة. الواقع يقول إن نظامًا واحدًا وقوميةً متسلطةً واحدة هي التي تتحكم بمفاصل الدولة، فيما تُقصى بقية المكونات من المشهد الوطني والثقافي.
لقد جسّدت هذه الاحتفالية، بكل وضوح، حقيقة العراق كما يُدار اليوم. وطالما استمرت إدارة البلد بعقلية إقصائية وشوفينية، فلا يمكن أن نتوقع من جميع المكونات العراقية أن تشعر بالمواطنة أو بالانتماء إلى دولةٍ لم تعترف بعد بتعدديتها وهويتها الجامعة.