الإرث النضالي في الخطاب الانتخابي

الإرث النضالي في الخطاب الانتخابي
الإرث النضالي في الخطاب الانتخابي

في ظل العلاقات المتوترة في المنطقة، وغياب الثقة المتزايد بنوايا بعض السياسيين والأحزاب السياسية ونزعاتها المثيرة للتوتر والجدل والانقسام، ورغم عدم التأكد من إجراء الإنتخابات التشريعية في موعدها المحدد، بدأت الحملات الانتخابية في إقليم كوردستان والعراق وتصاعدت معها نبرة الخطابات، حيث یسعى كل طرف عرض مضمون برنامجه الإنتخابي بأسلوب خاص لإستقطاب أصوات الناخبين. 

البعض يرفعون أصواتهم وسقوف طموحاتهم الشخصية والحزبية والفئوية ويتجاوزون الخطوط الحمر، ويشككون في إجراءات مفوضية الإنتخابات وصحة البيانات الواردة في سجلات الناخبين وإنفاقات المرشحين. كما ظهر في فضاء التشويش سياسيين وإعلاميّين وأناس يقال عنهم إنهم أصحاب رأي يبدعون في خلط الأوراق وتزييف الحقائق وتحوير الوقائع لصالح نزوات ومغامرات شخصية وحزبية وسياسية، أو خدمة لأجندات غير واقعية على حساب رؤية الصورة الكبيرة الواضحة التي لايمكن حجبها، وإستغلال وسائل الإعلام التقليدية ووسائل مواقع التواصل لترديد المصطلحات المُضللة الغائمة وتكرار شعارات ووعود بعيدة عن الحقيقة بهدف قلب الطاولة وتجميل الهزائم وتحويل المنبوذ والمزور إلى سياسي وبطل، أو في أقل تقدير تهييج العواطف لإشغال الجميع بمعارك جانبية، وتضليل الذين يطرحون الأسئلة الجادة حول جدوى الإنتخابات ومآلاتها على الأوضاع ومستقبل العملية السياسية في العراق وإقليم كوردستان.

أما أصحاب الإرث النضالي (السائرون على نهج البارزاني الخالد) أي البارتيون، فإنهم يطرحون برامجهم بعقلانية ويطلبون مؤازرة الجماهير بكل هدوء، بعيداً عن المناكفات السياسية ولغة التشكيك بالآخرين وبعيداً عن إبراز التناقضات والشعبوية المليئة بالإزدواجيات التي تضم أسلحة مسمومة. ووفق خطط مدروسة وحسابات دقيقة ومسبقة، يعرضون إنجازاتهم التاريخية ومكاسبهم المتحققة ويلتزمون بمواقف محسوبة وسياسات معتدلة وضبط النفس. ويتبنون تطلعات المواطنين واحتياجاتهم اليومية، بخطاب يركز على أولويات حماية المصالح القومية والوطنية العليا للكوردستانيين والعراقيين عموماً وحماية حقوقهم وحرياتهم ومعالجة قضاياهم. خطاب يبقيهم في قلب اللعبة السياسية وضمن الدائرة الضيقة للتأثير السياسي. كما يبتعدون بحزم عن كل ما يمكن أن يعكر صفو أمن الإقليم والعراق أو يستهدف تشويه سمعة العملية الإنتخابية.

وهنا لا بد من التذكير بأن البارتي كقوة معتبرة ووازنة، وبعد كل عملية إنتخابية، يدعو الى التسليم بنتائج الإنتخابات بعد المصادقة عليها والتعامل معها بروح المسؤولية، وتأمّل ومراجعة ما حصل، ومحاولة تفادي ما يمكن تفاديه، وحسن التصرّف والتفاهم على القواسم المشتركة والأولويات المطلوبة والإبتعاد قدر المستطاع عن محاولة أمساك العمليّة السياسيّة من عنقها، وعدم إثارة الاحتكاكات والاستفزازات والحساسيات والمخاوف بالتصريحات غير المسؤولة وخلق العداوات والهروب الدائم نحو الأمام. كما يدعو الى الشراكة والتوافق والتوازن وتصفير المشكلات ودفن الخلافات المفتعلة، وعدم الإقدام على إثارة موضوعات يمكن أن تحسم بالقانون وبالوثائق والمستندات، وتقنين العمل السياسي بالمرونة والذكاء والتفرغ لتعزيز الديمقراطية، وترسيخ تقاليدها عبر التداول السلمي للسطة وسد الطريق أمام المغامرات الإنتهازية غير المحسوبة التي تبقى عاجزة عن تحقيق الحدّ الأدنى من طموحات الإنسانية.