تقييم حول أداء وإنجازات الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان استنادًا إلى المعلومات المتاحة والبيانات المتوفّرة

مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان
مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان

أودّ في مستهلّ هذه الدراسة أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى أنني أتناول هذا الموضوع بصفة مراقبٍ ومتابعٍ لعمل الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كُردستان منذ بداية تشكيلها، ساعيًا إلى تقديم تقييمٍ موضوعيٍّ مبنيٍّ على البيانات والمعطيات الواقعية.

إنّ من حقّ المواطن أن يطّلع بوضوح على طبيعة الإدارة العامة، ورؤية الحكومة، وشمولية استراتيجيتها وخططها التي وُضعت من أجل خدمة الإقليم ومستقبله. ومن واجبنا كمواطنين أن نتخذ موقفًا واعيًا ومسؤولًا في تقييم أداء الحكومة، بعيدًا عن التوجّهات المسبقة أو التأثيرات السياسية والمصلحية، مع النظر بعين الإنصاف إلى الجوانب الإيجابية والإنجازات الملموسة.

لقد جاءت رؤية وخطة رئيس الوزراء السيد مسرور بارزاني متجهةً نحو بناء نموذجٍ متكاملٍ لدولةٍ حديثةٍ متطورة، أكثر من كونها مجرّد إدارةٍ إقليمية ضمن دولةٍ تعاني من أزماتٍ متراكمةٍ وتحدياتٍ متعدّدة.

ولذلك، فإن تقييم هذه التجربة يستلزم أولًا الوقوف على التحديات الكبرى التي واجهتها الكابينة التاسعة منذ انطلاقها.

التحديات والعقبات

واجهت الحكومة منذ تشكيلها سلسلةً من الأزمات المتزامنة، منها:

- جائحة كوفيد-19 التي شلّت الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العالم.

- القيود المالية من الحكومة الاتحادية، المتمثّلة في تخفيض الموازنة وعدم انتظام صرف رواتب الموظفين.

- التجاذبات والاضطرابات السياسية الداخلية.

- الأزمات القانونية والدبلوماسية، مثل قرار محكمة باريس المتعلق بتصدير نفط الإقليم.

- الاضطرابات الإقليمية والدولية، بما فيها الحروب بين روسيا وأوكرانيا - إيران وإسرائيل، وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد العالمي.

ورغم هذه الظروف الصعبة، استطاعت الكابينة التاسعة أن تواصل عملها بخطواتٍ ثابتة، محققةً جملةً من الإنجازات الملموسة على أرض الواقع.

الإنجازات الرئيسة:

أولاً: قطاع الكهرباء، تمكّنت الحكومة من توفير الكهرباء على مدار الساعة في معظم مناطق الإقليم ضمن مشروع "ڕووناکی" الحكومي، في وقتٍ لا تزال فيه أغلب مناطق العراق تعاني من الانقطاع المتكرر.

وقد أسهم ذلك في تحسين البيئة العامة عبر إزالة المولدات الأهلية التي كانت سببًا رئيسًا للتلوث البيئي.

ثانيًا: التحوّل الرقمي، أطلقت الحكومة مشروع رقمنة المؤسسات الحكومية، ومن أبرز منجزاته:

- البوابة الرسمية لحكومة الإقليم.

- تطبيق كورباس الإلكتروني للهواتف الذكية.

- نظام إدارة الوثائق والمشاريع.

- نظام الرواتب المركزي والمحاسبة الإلكترونية.

- نظام مشروع "روناكي" الحكومي.

- بوابة الحج والعمرة الإلكترونية.

ويمثّل هذا التحوّل نقلةً نوعية نحو إدارةٍ عصرية شفافة قائمة على التكنولوجيا.

ثالثًا: القطاع المالي والمصرفي، حيث شرعت الحكومة في إصلاح النظام المالي والمصرفي وإنشاء البنك الوطني لإقليم كردستان، وتم توطين رواتب الموظفين ضمن مشروع "حسابي" فقد تم فتح نحو 900,000 تسعمائة ألف حسابٍ مصرفي للموظفين الحكوميين، ما عزّز الشفافية في توزيع الرواتب والحد من الفساد الإداري.

رابعًا: قطاع المياه، نفّذت الحكومة 2,956 مشروعًا مائيًا لمواجهة شحّ المياه وتحسين شبكات الإمداد، من أبرزها: مشاريع مياه دهوك، عقرة، رانية، حاجياوا، جوارقرنة، دربنديخان، بيرمام وأطرافه، مياه طوارئ أربيل، مياه قولتَبَة، كوبتَبَة في جمجمال، وشبكة مياه أربيل، بالإضافة إلى توصيل الشبكات إلى أكثر من 41 قرية في منطقة بارزان.

خامسًا: الطُرق والبُنىٰ التحتية، انشاء عدد من الطرق السريعة الرئيسة ذي الاتجاهين وبناء الأنفاق. شهد الإقليم ضمن هذه الكابينة، تنفيذ 1,119 مشروعًا في قطاع الطرق الرئيسة السريعة، منها 718 مشروعًا منجزًا و401 قيد التنفيذ. وفي مجال الطرق والجسور الحضرية نُفّذ 2,168 مشروعًا. كما تميّزت طُرق وضواحي المحافظات والوحدات الإدارية المستقلّة بعددٍ من المشاريع الاستراتيجية، منها:

- أربيل: 271 مشروعًا بقيمة 2،2 ترليون دينار.

- السليمانية: 395 مشروعًا بقيمة ٤68 مليار دينار.

- دهوك: 127 مشروعًا بقيمة 986 مليار دينار.

- حلبجة: 40 مشروعًا بقيمة 162 مليار دينار.

- سوران: 102 مشروعًا بقيمة 94,1 مليار دينار.

- كرميان: 69 مشروعًا بقيمة 227 مليار دينار.

- رابرين: 97 مشروعًا بقيمة 87,2 مليار دينار.

- زاخو: 13 مشروعًا بقيمة 60,1 مليار دينار.

سادسًا: السدود والبرك المائية، أنشأت الحكومة عدّة سدود في مناطق متفرقة، منها: (دوين، ديوانة، كومسبان، بستورة، خنس، آقوبان، تورَجار، شَوكير، جمركة)، وشيّدت ٨١ بِرَكًا، منها ٢٣ أنجزت و ٥٨ قيد التنفيذ.

سابعًا: الحزام الأخضر، أطلقت الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كردستان، مشروع الحزام الأخضر وتشجير محيط العاصمة أربيل بحزام أخضر، ويتضمن زراعة أكثر من سبعة ملايين شجرة زيتون وفستق، إلى جانب إنشاء عشرة سدود داعمة، في إطار خطةٍ طويلة الأمد لمكافحة التصحّر وتحسين المناخ المحلي. 

ثامنًا: توحيد قوات البيشمركة والإصلاح الإداري، اتخذت الحكومة خطوات جريئة لتوحيد قوات البيشمركة وإعادة تنظيمها إداريًا وهيكليًا برغم الأزمات الحادّة والصعوبات التي واجهتها. الإصلاحات الإدارية: في إطار جهود تنظيم وهيكلة القوات، تمّ توزيع (88,900) ضابطٍ وبيشمركة ضمن (34) لواءً يتبع سبع فرق، إضافةً إلى تعيين قائدين لقوات الدعم، انضمّا إلى وزارة البيشمركة بما يضمن تعزيز الكفاءة الميدانية ورفع مستوى الانضباط الإداري. كما تمّ تحويل (17,805) ملفّ تقاعدٍ من وزارة شؤون البيشمركة إلى وزارة المالية والاقتصاد، لاستكمال الإجراءات القانونية والإدارية.

تاسعًا: الأمن الغذائي والصناعة، أنشأت الحكومة صوامع الحبوب (السايلوات) في أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، مع خطط لإنشاء صوامع إضافية في زاخو وكفري وكويه وحرير، بهدف دعم الزراعة والأمن الغذائي.

عاشرًا: الاستثمار والتنمية الاقتصادية، شهد الإقليم تنفيذ 596 مشروعًا استثماريًا في قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة والإسكان والزراعة، ما أسهم في تنشيط السوق وخلق فرص عمل جديدة.

الحادي عشر: في مجال تطوير الزراعة والمنتجات المحلية، حقق القطاع الزراعي نموًا ملحوظًا، ونجح في تصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية، مما عزّز مكانة الإقليم في الإنتاج الغذائي. وشهد القطاع الزراعي اهتمامًا متزايدًا ضمن برامج عمل الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كُردستان، بهدف تحقيق تنمية مستدامة وتعزيز الإنتاج المحلي، الذي يُعدّ من أبرز إنجازات الحكومة في هذا المجال. في هذا الإطار، يُعدّ تصدير المنتجات المحلية إلى الخارج خطوةً استراتيجيةً مهمةً أسهمت في دعم الاقتصاد وتنشيط السوق الزراعية ضمن سياسات حكومية رشيدة، ولا تزال مستمرةً بنجاح حتى الوقت الراهن.

الثاني عشر: تسهيل الخدمات والحوكمة، بفضل الإجراءات الرقمية والتنظيمية، انخفضت معدلات الروتين الإداري وتسارعت عمليات إنجاز معاملات المواطنين في مختلف المؤسسات الحكومية.

الثالث عشر: الإصلاح ومحاربة الفساد. واصلت الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان جهودها في مكافحة الفساد المالي والإداري من خلال تنفيذ مراجعة شاملة لملفات الرواتب الوهمية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإبعاد العناصر الفاسدة من مؤسسات الحكومة. وفي هذا الإطار، تمّ إيقاف (4,189) حالةٍ من حالات ازدواج الرواتب غير القانونية، في خطوةٍ تهدف إلى تعزيز النزاهة وضمان العدالة في توزيع الموارد المالية. كما تمّت مراجعة وتدقيق (1,478) قضيةٍ تتعلق بملفاتٍ حسّاسة شملت عددًا من كبار المسؤولين من ذوي الرتب العليا والخاصة، وذلك في سياق الجهود المستمرة لترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. وتؤكد الحكومة أنّ برامج الإصلاح ماضيةٌ ومستمرة بوتيرةٍ منتظمة، ضمن إطارٍ مؤسسي يهدف إلى تعزيز الثقة العامة وترسيخ الحوكمة الرشيدة.

إجمالي عدد أو التوزيع العام للمشاريع حسب المحافظات والوحدات الإدارية:

أربيل: 2,519 مشروعًا.

السليمانية: 772 مشروعًا.

دهوك: 1,450 مشروعًا.

حلبجة: 94 مشروعًا.

كرميان: 167 مشروعًا.

رابرين: 212 مشروعًا.

سوران: 144 مشروعًا.

زاخو: 91 مشروعًا.

ومن الجوانب الجديرة بالثناء في عمل هذه الكابينة، حرصها على إشراك العلماء والشخصيات الدينية وممثلي المكوّنات العرقية وأسر الشهداء في مراسم افتتاح المشاريع، تأكيدًا لنهجها في ترسيخ قيم التعايش والتنوع الاجتماعي.

ويبقىٰ تقييم أداء الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كُردستان مرهونًا بضمير المواطن ووعيه، وبقدرته على النظر بعينٍ منصفةٍ تُقدّر الجهود والإنجازات في ظل الظروف الصعبة العويصة. وتُظهر البيانات المستخلصة أن الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كُردستان تمكنت، رغم الظروف الاستثنائية والتحديات المتشابكة، من تحقيق تقدمٍ ملموسٍ في مجالات البنية التحتية والخدمات العامة والإصلاح الإداري والتحول الرقمي. 

ويُوصىٰ بمواصلة دعم هذه المسارات عبر:

- تعزيز الشفافية في عرض البيانات الحكومية.

- توسيع نطاق الرقمنة لتشمل جميع المؤسسات.

- تطوير خططٍ استراتيجية مستدامة في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة.

وفي الختام، يتقدّمُ معدّ هذا التقرير بخالص الشكر والتقدير لجميع الجهات التي أسهمت في تزويده بالمعلومات والبيانات، إذ لولا تعاونها لما اكتمل هذا العمل التوثيقي والتحليلي.