الإيزيديون والحزب الديمقراطي الكوردستاني: من الجذور إلى المصير

الإيزيديون والحزب الديمقراطي الكوردستاني: من الجذور إلى المصير
الإيزيديون والحزب الديمقراطي الكوردستاني: من الجذور إلى المصير

العلاقة بين الإيزيديين والحزب الديمقراطي الكوردستاني هي واحدة من أقدم صور الانتماء الوجداني في الوعي الكوردستاني ، علاقةٌ وُلدت قبل أن ترسم الخرائط حدودها، وبقيت حيّة لأنها تأسست على ما لا يُشترى ولا يُستبدل وهما : الهوية والمصير.

فمنذ أيام النضال في الجبال، كان القرار واضحًا: بأن يكون الإيزيديون في قلب المسيرة .

امتزجت المسيرة الكوردية في لحظات التاريخ الحاسمة من المكونات جميعها بما فيهم الإيزيديون الذين حملوا السلاح  إيماناً بالقضية والنهج الخالد . وكانوا ومازالوا  روحًا تُقاتل، وعهداً يُصان، وصوتاً يتماهى مع قضية شعب يبحث عن الكرامة والحرية . وتقاسموا الألم قبل الأمل، وصنعوا ذاكرة مشتركة تُكتب بالدم قبل الحبر. 

وفي وجدان الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لم يُنظر إليهم يومًا كأقلية، بل كركن أصيل ، وجذور راسخة مهما تبدلت الفصول  . ولذلك أصبح الحزب الديمقراطي الكوردستاني حاضنتهم وسندهم .

إن ما يجمع الإيزيديين بالحزب ليس فقط القومية واللغة والجغرافية والتراث المشترك ، بل نسيجٌ من الثقة المتجذّرة، والذاكرة الممتلئة بالمواقف، والمحبّة التي لا تتأثر بالرّيح. ولهذا قال الرئيس مسعود بارزاني كلمته التي حفرتها الذاكرة قبل أن تحفظها الكتب، حين قال ردًا على البابا شيخ في مأساة سنجار عام 2014:

" قلبي موجوع أكثر منكم ولن تنتهي أيزيدخان الا عندما تنتهي كوردستان " .

لم تكن تلك عبارة عزاء، بل قسماً وبيان هوية : بأن من يتحدّث عن الإيزيديين خارج قلب كوردستان، كمن يحاول فصل الماء عن نهره، أو اقتلاع الشجر من جذوره.

لقد أثبت الرئيس بارزاني في كل المواقف أنّ الإيزيديين ليسوا هامشًا في الهوية الكوردية، بل هم أحد تعريفاتها. وحين حدثت الإبادة في سنجار، لم تُفتح حدود كوردستان فقط، بل فُتحت القلوب قبل الخيم. فتحوّلت الفاجعة من محنةِ شعبٍ إلى امتحانٍ للأصالة.

وبرغم المؤامرات التي حاولت تمزيق هذه العلاقة ، وإنهاء هذا الولاء، وإبعاد الإيزيديين عن قوميتهم أو عن حزبهم ، ظلّت الحقيقة أقوى من الضجيج. فالمؤامرات تتآكل، أما الثوابت فتبقى، والاختلاف الديني لا يلغي الانتماء القومي الواحد ولا يمكن أن يتخذ ذريعة للفرقة، فالإيزيديون كورد أصلاء، وحملهم للسلاح لم يكن إلا دفاعاً عن قضيتهم الكوردية، لأن الهوية القومية كانت – وستبقى – أسبق من كل اختلاف عابر في الدين أو المذهب.

لذلك، فإنّ أصوات الإيزيديين في الانتخابات لن تكون “صوتًا انتخابيًا” بل شهادة وفاء، وتجديد عهد، وترسيخ مصير لا يقبل الإنفصال.

إنها ليست مجازًا، بل حقيقة راسخة بأن هذه العلاقة هي كعلاقة الجذر بالأرض، والروح بالجسد، والجزء بالكل والكل بالجزء.

فالحزب الذي كان حاضرًا حين غاب الآخرون، والذي مدّ يده يوم أدار غيره ظهره، لا يُكافأ إلا بالوفاء.وهو موقف يُعلَن في وضح الحق حيث يسقط الحياد أمام مقتضيات الكرامة . 

تصويت الإيزيديين لقائمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليس مجرّد خيارٍ انتخابي، بل تثبيتٌ لمعنى وجودي، وتجديدٌ لعهد الشراكة المصيرية ، إنها رسالة وجودية وتاريخية . وهو تصويت لمبدأ وتثبيت لدعائم التعايش التي دعا إليها نهج البارزاني الخالد.

ولذلك، فإنّ كلّ صوت يُمنَح للحزب، هو في جوهره صوتٌ للإيزيديين أنفسهم — صوتٌ يحفظ مكانتهم كما أرادها الرئيس بارزاني بأن تكون في قلب كوردستان ونبضها .