شَمال آكريي
كاتب
التملّص من حقوق كوردستان
منذ عام 2005 فصاعداً، بعد إقرار الدستور العراقي الدائم الذي ينظم العلاقة بين مختلف مكونات العراق والذي وافق عليه ما يقرب من 78% من العراقيين، اتضح في السنوات التي تلت أن بعض الأطراف السياسية الحاكمة في بغداد لا تزال تتصرف مع الدستور وفقا لرغباتها ونواياها الضيقة والطائفية، ولا تلتزم إلا بالمواد التي تخدم مصالحها؛ لذلك، فإنها تتهرب من تلك المواد والبنود التي تلزمها بواجبات تجاه الشركاء الآخرين في الوطن، وفي مقدمتها حقوق ومستحقات إقليم كوردستان.
لم يعد هذا التهرب مجرد ظاهرة ناتجة عن وجود خلافات سياسية، بل أصبح نهجا خطيرا تحاول من خلاله بعض الأطراف تفسير النصوص الدستورية حسب أهوائها. هذه الأطراف تخلق الأزمات وتختلق الأعذار والعقبات. بالطبع، نيّتها الأساسية هي حرمان شعب كوردستان من حقوقه المشروعة. هذه الأطراف تعارض أن تصبح المواد الدستورية أساسا لحل النزاعات.
نتيجة لسياسة التهرب والتملّص هذه، لم يتم تنفيذ العديد من المواد المتعلقة بالحقوق الدستورية لإقليم كوردستان، خاصة تلك المواد التي تتحدث عن الشراكة في إدارة الموارد الطبيعية. كذلك، حتى الآن، لم يتم تنظيم العلاقة المالية بين الإقليم والحكومة الفيدرالية بشكل كامل، بل واجهت عقبات متكررة. هذا الأمر ينبع من فكر الإنكار الذي لا يزال يجعل بعض المسؤولين في بغداد ينظرون إلى إقليم كوردستان بعين الشك وليس بعين الشراكة.
شعب كوردستان، الذي عانى لسنوات من سياسات الظلم والقمع من قبل البعث والشوفينية المركزية، لا يزال يواجه بعض أشكال الظلم الجديدة، سواء من خلال تأخير الرواتب أو قطع الحقوق المالية الدستورية والمشروعة للإقليم.
لم يُكتب الدستور لكي يقوم البعض بتفسيره تفسيرات بعيدة وغير منطقية حسب أهوائهم ولأغراضهم الضيقة، أو ليتم استخدامه كورقة ضغط، بل ليتم تطبيقه على أرض الواقع بعدالة وحيادية.
إن استمرار التهرب من تطبيق المواد الدستورية، خاصة تلك التي تضمن التوازن بين الحكومة الفيدرالية والإقليم، سيخلق عدم استقرار ويحدث شرخا في الوحدة الوطنية ويقلل الثقة بين مكونات العراق.