جولات القائد ومسيرة العطاء: حضور الرئيس بارزاني بين الشعب والميادين

جولات القائد ومسيرة العطاء: حضور الرئيس بارزاني بين الشعب والميادين
جولات القائد ومسيرة العطاء: حضور الرئيس بارزاني بين الشعب والميادين

في خضم الحملات الانتخابية والسباق نحو كسب ثقة الجماهير، تبرز التساؤلات حول جدوى مشاركة القادة الكبار في تفاصيل الميدان السياسي، ولا سيما عندما يتعلق الأمر برئيسٍ حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الأرض والكرامة لعقود طويلة. ولكن، ماذا لو لم يشارك الرئيس مسعود بارزاني ونائباه في هذه الحملة الانتخابية؟ سؤال بسيط في ظاهره، لكنه عميق الدلالة في معناه، إذ يرتبط بعمق العلاقة بين القيادة والشعب، وبين التاريخ والمستقبل، وبين الميدان السياسي وساحات الشرف.

إن القادة الحقيقيين هم أولئك الذين يقودون شعوبهم في أوقات المحن، لا من مقاعد المكاتب، بل من خطوط المواجهة الأولى. هكذا كان الرئيس بارزاني، وهكذا كان رفاقه في ميادين النضال منذ ثورة أيلول المجيدة، مرورًا بانتفاضة كولان، وصولًا إلى الانتفاضة الشعبية الكبرى، ثم إلى المعركة الوجودية ضد تنظيم داعش الإرهابي. في كل تلك المحطات، لم يكن القائد بعيدًا عن الجبهة، بل كان في الساتر الأمامي، يشارك المقاتلين همومهم وآمالهم، ويزرع في نفوسهم العزيمة والإصرار على النصر.

لقد كان الساتر رمزًا للشجاعة والوفاء، وميدانًا اختبر فيه التاريخ صدق الرجال. فالرئيس بارزاني وأبناؤه، ومعه أبناء رفاقه، كانوا هناك، لا فرق بينهم وبين أي بيشمركةٍ آخر. توارثوا معنى القيادة لا بوصفها سلطة، بل خدمةً ومسؤوليةً وتضحية. ولذلك فإن وجودهم اليوم في مقدمة الصفوف السياسية والانتخابية ليس أمرًا شكليًا، بل استمرارٌ طبيعي لمسيرة النضال ذاتها، التي لم تتوقف يومًا.

ولو افترضنا – مجرد افتراض – أن الرئيس ونائبيه لم يشاركوا في هذه الحملة، لكان للمشهد طابع آخر تمامًا. كانت الأصوات ستحمل شيئًا من القلق، والشارع سيتحدث بلهجةٍ فيها شيء من الحزن وربما الخوف من التراجع. لأن حضورهم لا يقتصر على البعد التنظيمي أو الإداري، بل يمثل مصدر طمأنينة وثقة، فهم رمزٌ للاستمرارية والوفاء، وحضورهم يمنح الناس الإحساس بالأمان واليقين بأن المسيرة مستمرة نحو الأمام.

لقد أثبتت التجارب أن القائد، حين يكون في الميدان، يلهم الجميع. فكما كان وجود الرئيس بارزاني في الساتر الأمامي أيام الحرب ضد داعش دافعًا عظيمًا للمقاتلين، فإن وجوده اليوم بين الجماهير، في جولات انتخابية مكثفة تشمل المدن والقرى، يمنح الحملة روحًا جديدة. إنه لا يخاطب الناس فقط بلغة السياسة، بل بلغة القلب والتاريخ والموقف.

جولات الرئيس في دهوك وزاخو وسائر مناطق كوردستان لم تكن مجرد لقاءات انتخابية، بل كانت رسالة عميقة مفادها أن القيادة الحقيقية هي التي تبقى قريبة من الشعب، تشاركه همومه وتطلعاته، وتعمل معه من أجل بناء المستقبل. إن ظهوره المتجدد في مختلف المدن، ولقاءاته برجالات الدين من كل الأطياف والأديان، يجسد مفهوم التعايش والوحدة الوطنية التي طالما دعا إليها.

في المقابل، يواصل النائبان جهودهما في مناطق أخرى من الإقليم، في تنسيق واضح وموزون بين الجغرافيا والسياسة. فهما يجوبان المناطق، يعقدان الاجتماعات، ويستمعان إلى المواطنين، في حملة منظمة تقوم على توزيع الأدوار بذكاء، بحيث تغطي القيادة الميدانية للحزب كل مساحة الإقليم. وهكذا نرى العمل يسير بجناحين متكاملين: جناح الحزب الذي يقود العمل السياسي والتنظيمي، وجناح الحكومة الذي يعمل على ترجمة الوعود إلى أفعال ومشاريع واقعية تخدم المواطنين.

إن روح الحماس التي نشهدها اليوم بين الكوادر والمناضلين ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لمدرسة نضالية عريقة أسسها البارزانيون الأوائل، وجسدها الرئيس مسعود بارزاني في ممارساته اليومية. فكما كان في زمن الثورة پێشمەرگە  في الميدان، هو اليوم قائدٌ في معركة الديمقراطية، يزرع الأمل ويحفز الطاقات، ويقود الصفوف نحو تحقيق أهداف الحزب والوطن.

إن جولات الرئيس لا تنتهي، فهي ليست موسمية أو دعائية، بل هي أسلوب في القيادة، ونهج في التواصل، ورسالة متجددة إلى الأجيال. فكل لقاء يعقده، وكل كلمة يلقيها، وكل مصافحةٍ مع أحد المواطنين، تحمل معنى الانتماء إلى الأرض، والوفاء لتاريخٍ طويلٍ من النضال.

إن ما يميز هذه المرحلة هو وضوح الرؤية، واستمرار الحيوية، والقدرة على الجمع بين الخبرة السياسية الطويلة والاندفاع الشبابي للنائبين، اللذين يشكلان مع الرئيس ثلاثية القيادة المتكاملة. ومن خلال هذا التناغم، يتحقق التوازن بين الماضي والحاضر، وبين الفكر والممارسة، وبين القيادة التاريخية والطاقة المتجددة.

لقد أثبتت هذه الجولات أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا يزال مدرسةً في التنظيم والعمل الميداني، وأنه قادر على تحريك الجماهير وإحياء روح النضال فيهم. فكل مهرجان جماهيري، وكل زيارة ميدانية، هي دليل على أن العلاقة بين القيادة والشعب لم تتغير، بل ازدادت قوة وصلابة.

ختامًا، يمكن القول إن مشاركة الرئيس مسعود بارزاني ونائبيه في هذه الحملة لم تكن مجرد واجب سياسي، بل كانت ضرورة وطنية وتاريخية. فالقائد الذي قاد المعارك من الساتر الأمامي، لا يمكن أن يغيب عن معركة الديمقراطية. وحضوره اليوم هو استمرار لمسيرة الشرف التي بدأت منذ أيلول واستمرت عبر الأجيال، لتصل اليوم إلى مرحلة البناء والتقدم.

إن هذه الجولات لم تكتفِ بتعزيز الموقف الانتخابي، بل أعادت التأكيد على أن القيادة الحقيقية لا تعرف الراحة، وأن من حمل البندقية دفاعًا عن الأرض، هو نفسه من يحمل القلم والصوت لبناء الدولة. فالمعركة واحدة، وإن اختلفت ميادينها، والغاية هي ذاتها: كوردستان حرة، قوية، مزدهرة، يسودها الأمل والعمل والوحدة.