من (حزورة رمضان) إلى (قبة البرلمان)

من (حزورة رمضان) إلى (قبة البرلمان)
من (حزورة رمضان) إلى (قبة البرلمان)

في البروتوكول الملكي البريطاني عند نزول الملكة من العربة، وفي أولى خطواتها على السجادة الحمراء، يقف الحضور منتصبين احترامًا لمكانتها، ويُحظر ارتداء الملابس غير اللائقة من قِبل الحضور، كما يُحظر التحدث مع الملكة أثناء الترحيب بها.

هكذا تكون بروتوكولات العالم في احترام الملوك والزعماء، وإن كان للزعيم رمزية وجب احترامه تقديرًا لمنصبه قبل شخصه، وهو بطبيعة الحال يكون حريصًا أشد الحرص على جعل شخصه محط احترام الجميع؛ من خلال أقواله وأفعاله وقراراته.

خلال التصعيد الانتخابي، وصلت تصريحات بعض قادة الكيانات السياسية والأحزاب منتهى التسقيط والنيل من الآخر، عبْر مقابلات تلفزيونية استغل بعض قادة الأحزاب والكيانات فيها النهج العنصري والطائفي، ليبرز كشخصية سياسية قادرة على خوض غمار العملية السياسية، وإن كان غير قادر في حقيقة الأمر، وله تأريخ عريق من الفساد المالي والإداري، ولا تزال قضاياه لم تغلق بعد في المحاكم الدولية، ناهيك عن الأرصدة المالية المجمدة، وملفات ما زالت تحت الطاولة لم تفتح بعد.

من خلال متابعتي لمقابلات قادة الأحزاب، وجدت أكثر مقابلة أثارت فضولي للكتابة عنها؛ مقابلة قائد حزب تقدم (محمد الحلبوسي)، وهو يصف المناطق المتنازع عليها عند مروره بها ورؤيته لفصائل الحشد وقطعات الجيش وشعوره بالأمان!

ما زاد استغرابي للموقف الذي ذكره السيد (محمد الحلبوسي)؛ هل فقد الأمان وهو داخل مركبته المصفحة؟! هل تجاوز شعوره بالخوف حدود مركبته الفاخرة وأسطول الحماية الذي يتولى الحفاظ عليه خلال حملته الانتخابية! وليس المشهد بغريب عنا، فطالما رأيناه يتجول في أروقة البرلمان العراقي - حين كان رئيسًا له - وهو محاط بعشرات أفراد الحماية، بطريقة استعراضية مبتذلة توحي أنه يعاني من الإحساس بعدم الأمان وبأزمة الثقة بالنفس.

نحن نؤمن بدور الجيش العراقي والبيشمركة - كجزء من الجيش العراقي - بأنهم اليد الأقوى لحماية الوطن عمومًا والحفاظ على أمن المناطق المتنازع عليها بشكل خاص، ودرء المليشيات الطارئة التي تروّع الآمنين وتهيمن على المناطق بقوة السلاح المنفلت ودعم العشيرة الرجعي.

أما تطرق زعيم حزب تقدم لزعامته سنة العراق، وهو غير جدير بذلك لأن الزعامة عراقة متوارثة وكاريزما مكتسبة وملكة موهوبة، لكن شعوره بالخوف من المنافس الأقوى هو ما يدفعه لذلك، وما المنافس الأقوى الأوحد في حساباته إلا الزعيم (مسعود بارزاني)، فهو زعيم ابن زعيم حفيد زعيم، ومناضل وقائد لشعبه الكوردي، متجاوزًا الحدود المتعارف عليها، فهو صاحب قضية خالدة، ومِن أبرز مَن كتبوا الدستور العراقي الذي يُنادى به تحت قبة البرلمان.

من يستطيع أن ينكر تأريخ أسرة بارزاني ونضالها الديمقراطي ضد الاستبداد عبر أزمنة متتالية منذ العهد الملكي حتى انتهاء النظام السابق سنة 2003م، ولا نشير إلى عمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني المديد، بل نشير بفخر إلى مسيرة الزعيم مسعود بارزاني في صفوف البيشمركة إذ بدأ نضاله فيها منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث لم يكن الحلبوسي قد ولد بعد. أما تاريخ الزعيم الخالد (ملا مصطفى بارزاني) المشرِّف في النضال من أجل الحرية، فلا يمكن أن يُمحى بلقاء تلفزيوني مُعّد بفذلكة ركيكة ولغة هشة. وما أعظم الفرق الشاسع بين تأسيس حزب من أجل النضال والحرية كالديمقراطي الكوردستاني، وحزب يتأسس من أجل السلطة وجمع المال واستغلال ثروات البلد كتقدم.

إن مجمل أخطائنا في اختيار من يمثلنا يتمثل في أننا لا نختار، بل تُفرَض علينا وجوه وشخصيات تستطيع أن تقدم الطاعة والولاء من أجل السلطة، وليس من أجل السُنة أو الشيعة.

المواقف تُذكر في كل آن ووقت، وحين تطرّق الحلبوسي حول فضل الديمقراطي على السنة أوقع نفسه في مأزق المقايضة والتشبيه. ومقارنةً بحزب تقدم، وهو حزب جديد تأسس منذ بضع سنوات، فأين إنجازاته وأين فضله للمكون السني؟! فتقصيره كان واضحًا من خلال شراء الأصوات التي دُفعتْ أموالها الطائلة مجهولة المصدر.

بدأت أفكر في التواصل الجاد مع أصدقائي الإعلاميين ممن يظهرون في برامج رمضان، وتحديدًا (الحزازير)؛ لعلي أحصل على (حزورة) في إفطار رمضاني لأحد البرامج، لأبدأ رحلتي السياسية، لعلي أكون في قبة البرلمان خلال الدورة السابعة.