عام آخر يمر و البشرية لاتزال ليست بخير..!

عام آخر يمر و البشرية  لاتزال ليست بخير..!
عام آخر يمر و البشرية لاتزال ليست بخير..!

بحلول كل عام جديد اعتدنا نحن البشر في كل أرجاء المعمورة ان نتبادل التهاني و نتمنى بحرارة  سواء كان بدافع ايماني روحي أو علماني انساني وجداني  ان يكون القادم من أيام العام الجديد أفضل حتى لو كان بقليل من ما  مضى ..

لكن التمنيات امر  و الواقع امر آخر , فسرعان ما يفاجأ الناس و امنياتهم الطيبة بواقع اقسى و أمر من كل ما عانوه من قبل..

مضى القرن العشرين الذي شهد حربين عالميتين و أخواتهما من حروب متفرقة و صراعات مأساوية  و مارافقها من قمع للحريات وظلم انكار لحقوق الشعوب و القوميات و بالتالي اندلاع الكثير من الثورات و الانتفاضات  المعبرة عن إرادة و مطاليب الشعوب المضطهدة التي سحقت و حوصرت بإرادة  القوى المهيمنة على مقدرات العالم لأسباب و مصالح خاصة بها ..  

و بدخول الألفية الجديدة تفائل الناس بعالم جديد و انحسار الأزمات و تراجع معاناة المجتمعات البشرية  المزمنة مع الأوبئة و المجاعات و بتحرك القوى العالمية المقتدرة و المنظومة الدولية باجراءات فاعلة للحد من الصراعات و توسيع و ضمان الكثير من الحريات المفقودة في مساحات عدة على جغرافية العالم .. لكن حصاد الآمال هذه كان بمجمله احباط قاسي أمام هيمنة المصالح و منطق القوة لدى القوى الدولية و الأقليمية العظمى و منافساتها السرية و االمكشوفة على المزيد من الهيمنة و الأحتكار..

واليوم بعد مرور الربع من أعوام القرن الحادي و العشرين ، فالنظرة لأحوال العالم قاتمة لا تسر فالأزمات بكل أنواعها تفاقمت و الامال بعالم افضل تراجعت و المباديء و الشرائع ذات الصلة برفاه الانسان و حقوقه و ضمان حرياته صارت مجرد شعارات و واجهات تجرى من ورائها اقسى الممارسات بحق الغالبية العظمى من المجتمعات البشرية ، و لاتزال الكثير من الأمم و الشعوب محرومة من حقها بتقرير مصيرها ومعاقبتها ان طالبت بخقها هذا  ..!

خلال الأعوام الـ(25) التي مضت لم تتراجع القضايا التي تنغص معيشة البشرية خطوة تذكر بل ومنها ماتطورت لتعقيدات اكبر و اخطر .. فالسلم العالمي يترنح و يهتز بشدة امام القديم و الجديد الإضافي من الحروب و النزاعات ، حروب بالوكالة و حروب يتدخل عظماء العالم في تحريكها و تاجيج نيرانها في اوربا و اسيا و افريقيا ويبدو ان  ما قيل و يقوله الكبار  بخصوص التدخل لحل اشكالاتها و انهائها ليست سوى محاولات لتجميل الصورة او عرضا من عروض استعراض القوة .. قوة المقدرة على انهائها متى ما شاءت ، لكنها لا تشاء  ..!

اما ما يخص أوضاع الناس المعيشية ، فقد اشتدت معاناة الناس وتدهورت أحوال معظم المجتمعات الفقيرة ذات الموارد المحدود نحو الأسوأ مع مرور كل عام لدرجة يكاد ان يكون فيه قوت و غذاء كل سكان كوكب الأرض بيد المهيمنين على أوضاعها فيستغلونها سلاحا للحصول على المزيد من الانتشار و النفوذ في العالم ..

و خلال كل الأعوام الماضية تصاعدت إلى ارقام قياسية أعداد  اللاجئين و المهاجرين بسبب الحروب و المجاعات و سوء الأوضاع المعاشية بل وحتى التغيرات المناخية (التي صارت واحدة من المشكلات الكبرى التى تواجه البشرية )..

و فيما يخص منطقتنا ( الشرق الأوسط ) فقد كانت اشبه بمنطقة اجتمعت فيها كل ما يواجه الانسان من  مصائب وأزمات خانقة و مخاطر مميتة ، ومن اقتصاديات متدهورة ، و حروب مدمرة ، و إرهاب قاتل و متخلف و أنظمة حكم فاسدة وازمات مياه و تصحر و تدخلات دولية و إقليمية تزيد الاسوأ على ماهو سيء .. كل هذا دفع ثمنه باهظا شعوب المنطقة و سيدفعون اكثر اذا استمر الحال على هذا النحو..

    * ختاما وليس اخرا نقول انه مع نهاية عام و بداية عام جديد ليس في وسع المرء الا ان يتفائل ويتمنى ان يفكر الجميع أينما كانوا في هذا العالم  بنعمة السلام و بنائه على أسس عادلة متينة ، فهو المفتاح لحل غالبية العقد التي تعصف بالمجتمع البشري  .. 

ان تكون مناسبة التحول من عام الى آخر فرصة للتفكير في إعادة بناء و تعزيز علاقاتنا الإيجابية ، بدءا من العلاقات الأسرية  و المجتمعية و الى الوطنية و الأقليمية و الدولية  على أسس الأحترام المتبادل و التعايش السلمي المتين والدعم و التعاطف مع القضايا و الحقوق الأنسانية المشروعة لبعضنا البعض ..

نعم ، فالعالم شهد العام الماضي واحدة من أزمنته العصيبة فلعل و عسى يكون العام الجديد نهاية لكافة رموز الجشع العالمي و رموز الشر و الكراهية و العنصرية و الأرهاب و ان يسود روح التفاهم و الصداقة و قبول الاخر قلوب و عقول كافة افراد المجتمع البشري ..