في طوكيو.. مقهى يستعين بـ"نوادل روبوتية" بقيادة ذوي إعاقات

"نوادل روبوتية" في مقهى بالعاصمة اليابانية طوكيو - تصوير: فرانس برس
"نوادل روبوتية" في مقهى بالعاصمة اليابانية طوكيو - تصوير: فرانس برس

أربيل (كوردستان 24)- يحَيي ميتشيو إيماي أحد الزبائن في مقهى بطوكيو ويستعد لتسجيل طلبه. لكنه في الواقع موجود على بعد مئات من الكيلومترات من المكان، يدير مِن بُعد روبوتاً ضمن تجربة لتسهيل توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.

فالروبوتات البيضاء في مقهى "داون" التي يشبه شكلها صغار البطريق وترفرف أجنحتها لدى  استقبالها الزبائن، تهدف إلى توفير فرص عمل للأشخاص الذين يجدون صعوبة لمغادرة منازلهم.

فمن منزله في هيروشيما (غرب اليابان)، على بعد 800 كيلومتر من المقهى، يخاطب إيماي الزبون من خلال الروبوت قائلاً  "مرحباً، كيف حالك؟".

إنه واحد من نحو خمسين موظفاً يعانون إعاقات حركية أو عقلية "يقودون" الروبوتات في مقهى "داون". يعمل البعض من الخارج ، لكن البعض الآخر موجود فعلياً في المقهى. 

والمقهى الذي افتُتِح في حزيران/يونيو في حي نيهونباشي بطوكيو، كان من المقرر في الأصل بدء العمل فيه عام 2020 تزامناً مع دورة الألعاب البارالمبية، لكنّ الموعد أرجئ كما الدورة بسبب جائحة كوفيد-19.

والمكان خالٍ من أي سلالم، وممراته واسعة تسهيلاً لتنقّل الكراسي المتحركة، وتتولى فيه روبوتات أطلقت عليها تسمية "أوريهايمي" مهمة الاستقبال، وهي مجهزة بكاميرا وميكروفون ومكبّر للصوت  لتمكين مشغّلي الروبوت من التواصل مع الزبائن. 

وسأل روبوت متمركز بالقرب من مكان عرض قائمة الطعام زبوناً "هل يمكنني أخذ طلبك؟". وتحركت ثلاثة روبوتات بين الطاولات حاملة الطلبات، فيما تولى آخر توفير القهوة.

جزء من المجتمع

لكن هذه الروبوتات اللطيفة هي قبل كل شيء وسيلة للتواصل.

وقال ميتشيو إيماي الذي يعاني اضطراباً جسدياً ويجد صعوبة في مغادرة منزله "يمكنني التحدث إلى الزبائن عن الكثير من المواضيع، كالطقس، والمنطقة التي أنتمي إليها، وصحتي ...".

واضاف "ما دمت على قيد الحياة، أريد أن افعل شيئاً للمجتمع من خلال العمل. يسعدني أن أكون جزءاً من المجتمع".

يعاني المشغلون الآخرون مرض شاركو الذي يؤدي إلى شلل العضلات، ويمكنهم استخدام حركات عيونهم لإرسال إشارات إلى الروبوتات.

وقال مؤسس "مختبر أوري" لتصنيع الروبوتات كينتارو يوشيفوجي لوكالة فرانس برس "إنه مكان يتيح دمج الناس في المجتمع".

فقد منعت يوشيفوجي مشكلات صحية عانى منها في طفولته من الذهاب إلى المدرسة، مما دفعه إلى التفكير في طرق تُمكّن الأشخاص الذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم من العمل.

وتلقى رجل الأعمال البالغ 33 عاماً دعماً من شركات كبيرة، ولكنه تلقى أيضاً تمويلاً تشاركياً لفتح المقهى الذي يرى فيه أكثر من مجرد تجربة روبوتية.

وشدد على أن "الزبائن لا يأتون ألى المقهى لمجرد مقابلة أوريهايمي ... بل الأشخاص الذين يقودونه من وراء الكواليس".

"إدماج أكبر" في الألعاب البارالمبية

ويشكل افتتاح هذا المقهى وكذلك دورة الألعاب البارالمبية، فرصة لإبراز التقدم الذي حققته اليابان في مجال إدماج ذوي الإعاقة وتسهيل تحركاتهم. 

فمنذ أن تم عام 2013 اختيار ترشيح طوكيو لتنظيم الألعاب، أعلنت الدولة عن جهودها لجعل التنقل في الأماكن العامة أكثر سهولة لذوي الإعاقة، ولكن جهود الإدماج لا تزال محدودة، على ما لاحظ سيجي واتانابي، وهو رئيس منظمة غير حكومية تساند الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يرغبون في العمل.

ورفعت الحكومة اليابانية في آذار مارس الحد الأدنى لنسبة الوظائف للأشخاص ذوي الإعاقة من 2,2% إلى 2,3% في الشركات، لكن "هذا المستوى منخفض للغاية"، على ما قال واتانابي الذي لاحظ أن "ليس من ثقافة الشركات اليابانية أن تحقق التنوع من تلقائها".

في مقهى "داون"، استمتع مامورو فوكايا الذي جاء مع ابنه البالغ 17 عاماً بمحادثته مع "قائد" الروبوت، ولاحظ أنه "كان لطيفاً جداً". وقال فوكايا "بما أنه لا يستطيع مغادرة منزله، فمن الرائع أن تتاح له فرصة من هذا النوع".

ويعتقد كينتارو يوشيفوجي الذي يركز جهوده راهناً على المقهى أن الروبوتات يمكن أن تجعل دورة الألعاب البارالمبية أكثر شمولاً مما هي الآن. 

ورأى أن من الممكن ابتكار "نوع جديد من الألعاب البارالمبية للأشخاص طريحي الفراش". وأضاف "يمكننا حتى ابتكار رياضات جديدة. سيكون ذلك مثيراً للاهتمام".