
د. سامان شالي
كاتب وباحث
المواطنة

المواطنة هي فكرة متعددة الأبعاد تعمل كأساس لهوية الفرد، وتجمع بين الحقوق القانونية والمسؤوليات المدنية والشعور بالانتماء إلى مؤسسة سياسية.
تبحث هذه المقالة في الجوانب المختلفة للمواطنة، بما في ذلك نموها التاريخي، والحقوق والالتزامات التي تنطوي عليها، والقضايا الحالية ووجهات النظر العالمية التي تشكل بيئتها الديناميكية.
لقد تطور مفهوم المواطنة بشكل ملحوظ عبر التاريخ. في اليونان القديمة، كانت المواطنة مقتصرة على أصحاب الأملاك الذكور الأحرار الذين شاركوا بنشاط في الحياة السياسية للدولة المدينة.
شمل المفهوم الروماني للمواطنة أبعادًا سياسية وقانونية، مؤكدًا على العلاقة المتبادلة بين المواطنين والدولة. ومع تقدم المجتمعات، أتى عصر التنوير بأفكار حول الحقوق الفردية، مما أثر على تطور المواطنة الحديثة.
ومن أهم خصائص المواطنة هي مجموعة الحقوق التي تمنحها للأفراد. تختلف هذه الحقوق ولكنها تشمل عادةً الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية. تشمل الحقوق المدنية حرية التعبير والحرية الدينية والحق في محاكمة عادلة.
وتشمل الحقوق السياسية المشاركة في العملية السياسية عن طريق التصويت والترشح للمناصب. تشمل الحقوق الاجتماعية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، وكلها تساهم في رفاهية الناس.
ويتم تمكين الأفراد من خلال هذه الحقوق، التي تولد أيضًا شعورًا بالانتماء والمشاركة في الإطار المجتمعي الأكثر أهمية. على سبيل المثال، يشكل منح المواطنين حق التصويت التي هى حجر الزاوية في الدول الديمقراطية، وهو ما يجسد فكرة الحكومة الشعبية.
وبما أن الديمقراطية هي الحاضنة الأولى للمواطنة، فإن الديمقراطية تدل على لا مركزية القرارات، كما تدل على أن الشعب هو مصدر القرارات، فضلا عن تأكيدها على مبدأ المساواة القانونية والسياسية بين أفراد الدولة بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو الثقافة. ومن أجل تحقيق المواطنة الفعالة، يجب توفير مستوى كاف من الوعي والوصول إلى المعلومات الموثوقة. وهذا هو إرساء الأساس للمساواة والمشاركة.
يمكن أن يكون الوضع المتعلق بحماية المواطنة في العراق معقداً وقابلاً للتغيير. تتضمن حماية المواطنة عادةً حماية حقوق الأفراد، بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الدينية أو الثقافية.
ومع ذلك، واجه العراق تحديات مختلفة، بما في ذلك التوترات الطائفية والإرهاب والصراعات، والتي أثرت في بعض الأحيان على حماية حقوق المواطنين.
يحدد الدستور العراقي المواطنة ويحدد حقوق ومسؤوليات المواطنين العراقيين. وفيما يلي النقاط الأساسية المتعلقة بالمواطنة في الدستور العراقي:
المادة (14): المساواة: يؤكد الدستور العراقي على المساواة بين جميع المواطنين، بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق أو الجنس. ويضمن المساواة في الحقوق والفرص لجميع المواطنين.
المادة 15: الحق في الحياة والأمن: تكفل هذه المادة لجميع العراقيين الحق في الحياة والأمن. وينص على أن لكل مواطن عراقي الحق في العيش بأمان وكرامة.
المادة 16 تكافؤ الفرص: تؤكد هذه المادة على الالتزام بتوفير فرص متساوية لجميع المواطنين وتحظر التمييز.
المادة 17: الحرية والأحوال الشخصية: تؤكد هذه المادة على حرية الأفراد في اختيار وضعهم وفقاً لمعتقداتهم الدينية أو مذاهبهم أو اختياراتهم المتعلقة بالقانون.
المادة 18: الجنسية: تحدد المادة 18 معايير الحصول على الجنسية العراقية. وتقر بأن لكل مواطن عراقي الحق في المواطنة، ولا يجوز سحب الجنسية إلا بقانون. تتناول هذه المقالة أيضًا مسألة الجنسية المزدوجة، حيث تنص على أنه يجوز للعراقيين أن يحملوا جنسية مزدوجة، بشرط ألا يتعارض ذلك مع ولائهم للعراق.
هناك عدة عوامل قد تؤثر على حماية المواطنة في العراق:
1. الوضع الأمني: يمكن أن يكون للمخاوف الأمنية المستمرة، خاصة في بعض المناطق المتضررة من الصراع والإرهاب، آثار على حماية حقوق المواطنين. وفي المناطق التي يتعرض فيها الأمن للخطر، قد تكون هناك تحديات في الحفاظ على سيادة القانون وضمان سلامة جميع المواطنين.
2. الديناميكيات العرقية والطائفية: يتميز العراق بتنوع سكاني يضم مجموعات عرقية ودينية مختلفة. وقد أدت التوترات بين هذه المجموعات في بعض الأحيان إلى تحديات في ضمان الحماية المتساوية لجميع المواطنين. إن الجهود المبذولة لتعزيز الشمولية وسد الانقسامات الطائفية أمر بالغ الأهمية لحماية المواطنة.
3. المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان: سلطت التقارير الواردة من منظمات حقوق الإنسان الدولية الضوء على المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. وقد أثيرت قضايا مثل الاعتقالات التعسفية، والقيود المفروضة على حرية التعبير، والتحديات التي تواجه الإجراءات القانونية الواجبة. يمكن أن تؤثر هذه العوامل على الحماية الشاملة للمواطنة.
4. النازحون داخليا: شهد العراق نزوحا داخليا بسبب الصراعات والعنف. إن ضمان حقوق وحماية النازحين داخلياً، بما في ذلك حقوقهم في المواطنة، يشكل تحدياً كبيراً للحكومة العراقية والمجتمع الدولي.
ومن المهم أن نلاحظ أن تفسير وتنفيذ الأحكام الدستورية يمكن أن يخضع للتطورات القانونية والسياسية.
المواطنة مصطلح معقد ومتغير يشمل حقوق الفرد والتزاماته وهوياته داخل المجتمع السياسي. تعكس المواطنة الجوهر الديناميكي للمجتمعات، بدءًا من أسسها التاريخية وحتى صعوباتها الحديثة ووجهات نظرها العالمية.
تؤكد المناقشة الجارية حول المواطنة على أهمية السياسات الشاملة التي تقبل التنوع، وتحمي الحقوق الفردية، وتعترف بالترابط بين المجتمع العالمي.
إن فهم المواطنة وتفسيرها يصبح أمراً بالغ الأهمية ونحن نبحر في تعقيدات القرن الحادي والعشرين في بناء مجتمعات عادلة وشاملة ومرنة، وخاصة في العراق حيث السكان متعددو الأعراق، إذا أردنا حقاً احترام حقوق المواطنة.