
مصطفى عبد الوهاب العيسى
كاتب وباحث
إقليم كوردستان "الانتخابات المصيرية"

كان لتوتر الأوضاع والتصعيد الذي تشهده المنطقة دوراً بارزاً في عدم تسليط الضوء على الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان كما ينبغي من الإعلام العربي والإقليمي .
أقل ما يمكن قوله عن هذه الانتخابات التي تم تأجيلها عدة مرات ، وتحيط بها ظروف صعبة للغاية هي أنها انتخابات مصيرية ويعول عليها كثيراً الشعب الكردي في رسم مرحلة قادمة وتشكيل حكومة تُلبي تطلعاته وآماله في مستقبل أفضل يحمل حلولاً جذرية لعديد الملفات و القضايا وفي مقدمتها أزمة الرواتب والأزمات الاقتصادية الأخرى .
يذهب المهتمون بالشأن الكردي بشكل عام إلى الفكرة التقليدية للمشهد الكردي في الإقليم وهي فوز الحزبين الرئيسيين ، ولكن المراقب الموضوعي لهذه الانتخابات يعلم بأن هذه الفكرة الكلاسيكية ورغم الاحتمالية الكبيرة لحدوثها إلا أنها ليست مطلقة ، وقد تشهد هذه الانتخابات مفاجأة جديدة .
قد يكون الحزب الديمقراطي الكردستاني بمنأى عن المنافسة في دوائر نفوذه لما يملكه من إرث سياسي ، وتنظيم حزبي قوي ، إلا أن الاتحاد الوطني الكردستاني يواجه منافسة شديدة في دوائر نفوذه من قبل الجيل الجديد أو حركة التغيير مثلاً ، وهو ما يؤثر على عدد مقاعده بكل تأكيد ، وهذا فضلاً عن وجود أطراف سياسية جديدة ستنافس الاتحاد الوطني في دوائر نفوذه ، وربما تؤثر في المعادلة الانتخابية مثل جبهة الشعب .
بعيداً عن نتائج الانتخابات فإننا يجب أن نقر بأن الأجواء التي شهدناها خلال شهر من الزمن من دعايات ومهرجانات وو .. الخ أثبتت وجود مناخ ديمقراطي لافت للنظر ومميز قياساً بما عشناه من تجارب انتخابية على مستوى المنطقة ، كما أن مشاركة المرأة من خلال عدد المرشحات اللواتي تجاوزت نسبتهن ال25% تقريباً من إجمالي عدد المرشحين مؤشر على تعزيز دور المرأة في العملية السياسية .
بدأ العد التنازلي بعد أسابيع من الحملات الانتخابية التي حملت وعوداً كثيرة للناخب الكردي ، وساعات قليلة تفصلنا عن عمليات الاقتراع الخاص والعام لانتخابات أُعيد وأُكرر بأنها مصيرية لما لها من انعكاسات وتداعيات على الإقليم بشكل خاص والعراق بشكل عام .
بنسبة كبيرة أتوقع نجاح هذه الانتخابات - أياً كانت النتائج - بسبب وجود الرغبة الحقيقية لدى الناخب الكردي من جهة ، ومن جهة أخرى بسبب التوافق الإقليمي وربما الدولي أيضاً بالدفع قُدماً نحو نجاح هذه الانتخابات لأن المنطقة لم تعد تحتمل أزمات أخرى ، وأعتقد بأن هذه الانتخابات ستكون مفصلاً هاماً ومؤثراً في قادم السنوات .