سوريا الفانوس السحري لاقتصاد تركيا

سوريا الفانوس السحري لاقتصاد تركيا
سوريا الفانوس السحري لاقتصاد تركيا

تركيا تعتبر سوريا الفانوس السحري لها لانعاش اقتصادها المتذبذب و رفع قيمة عملتها المنهارة و رفع ناتجها المحلي الاجمالي و القومي ايضا , وتعتبرها أيضا بوابة اقتصادية مهمة لها سواء من حيث الموقع الجغرافي لسوريا أو من خلال الموارد الطبيعية التي تمتلكها سوريا , فمنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011 و تركيا تسعى إلى بالدرجة الأولى إلى احتلال سوريا بشكل كامل لتحقيق عدة مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مباشرة في سوريا و تبينت تلك النوايا من خلال دعمها المستمر لاسقاط نظام بشار الاسد و دعم الثورة السورية بعدة طرق و تخصيص ميزانية ضخمة لتمويل تلك المواجهات التي كانت تحدث بين النظام السابق و الجماعات المسلحة , بالاضافة الى منحها الجنسية التركية لعشرات الالاف من السوريين و تأسيس كوارد سورية من عدة تخصصات اكاديميا و سياسيا , و بعد سقوط نظام بشار الاسد و هروبه ظهرت تركيا على الساحة السورية كأول المباركين للحكومة الجديدة و برزت كأول الدول التي قامت بارسال مندوبها الى سوريا و الجلوس مع حكومة الجولاني و فرضت كامل سيطرتها على جميع مفاصل الدولة و تلميحاتها المباشرة و الواضحة بتولي دفة اعادة الاعمار في سوريا و دعمها في مجالات الطاقة و الدفاع و التعليم و غيرها من القطاعات الاخرى و اظهار نفسها بانها هي ستكون المنقذ للاقتصاد السوري و ليس العكس و بانها الملاك الطاهر الذي لا نوايا مخفيه لديه .

سيطرة تركيا على الدولة السورية ستخلف تأثيرات اقتصادية مباشرة و كبيرة و ايجابية على الاقتصاد التركي وذلك من خلال الاستفادة من عدة نقاط اهمها , توفير أكثر من نصف مليون فرصة عمل للاتراك بعد عودة ما يقارب 3.7 مليون لاجئ سوري الى سوريا و تلك الوظائف يشغلها الآن السوريين اللذين يشكلون حوالي 3% من اجمالي القوة العاملة في تركيا , ايضا رحيل السوريين سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الإيجارات بشكل كبير جدا  مما قد يساهم في تراجع أسعار الإيجارات في الكثير من المناطق وهذا ما يطالب به الشعب التركي و يخفف من ضغط المصاريف عليه , بالاضافة الى توقعات كبيرة ببقاء الشركات السورية بالاستمرار في العمل في تركيا و التي تقدر عددها بحوالي 10330 شركة تم تأسيسها منذ عام 2010 برأسمال يقارب 630 مليون دولار , و اغلب تلك الشركات لن تخرج من تركيا و انما ستعمل على موضوع التبادل التجاري و الصناعي بين البلدين بسبب حاجة سوريا الكبيرة الى منتجات و بضائع حتى تستطيع البدأ من جديد و ايضا تركيا تعتبر بوابة تلك الشركات الى اوربا و منها يصدرون منتجاتهم . 

هذا كان على الصعيد الداخلي التركي , و لكن الفرصة الاكبر و الاستفادة الاعظم هي من خلال التأثيرات الاقتصادية للاستثمار التركي في سوريا وذلك من خلال عدة محاور مهمة ستركز عليها تركيا لتحقيق مليارات الدولارات لشركاتها و اقتصادها المحلي ومنها ملف اعادة اعمار سوريا و التي تقدر حسب المؤشرات التي سبقت هروب بشار الاسد باكثر من 400 مليار دولار و اعتقد جازما بان سوريا تحتاج الى ضعفي هذا الرقم , فستكون الشركات التركية في مقدمة المشاركين في إعادة إعمار سوريا و البنية التحتية و الفوقية فيها ، بما يشمل الإسكان، الطرق، والجسور، و الانفاق و الكهرباء و المياه وبناء المدارس و المستشفيات و غيرها من القطاعات مما يعزز القطاع الإنشائي التركي و ينعشه , بالاضافة الى تصدير مواد البناء الاساسية مثل الحديد و الاسمنت و الزجاج و الخشب وغيرها من المواد المعروفة بها تركيا كمنتج كبير لتلك المواد , ايضا تركيا تعمل على زيادة التبادل التجاري من خلال توسيع التجارة الحدودية بين البلدين و التي يمكن أن تصبح مركزًا للتجارة مما يعزز الصادرات التركية إلى سوريا , وتسعى تركيا ايضا الى استخدام سوريا كممر تجاري للوصول إلى دول الخليج والأسواق العربية و الاستفادة من حدودها المشتركة مع العراق بشكل خاص ,بالاضافة الى محاولة تركيا من استغلال الأراضي الزراعية السورية الغنية , كزراعة القمح و القطن و الزيتون و الحمضيات و زيت الزيتون و غيرها الكثير من المزروعات , ايضا ستكون تركيا تركيزها الكبير على الاستثمار في قطاع الطاقة واستغلال مصادر الغاز و النفط في سوريا و الذي يقدر بنصف مليون برميل يوميا مع امكانية زيادة الانتاج و هذا من الملفات المهمة جدا بالنسبة لها , و ستستغل تركيا كفاءة العمالة السورية و رخصها في القطاعات الصناعية والزراعية و الاستفادة منها في تحقيق هامش ربح كبير و زيادة قوتها الانتاجية و تخفيض تكاليفها , و ايضا سيكون تركيز تركيا تعزيز السياحة بين البلدين للاستفادة من السياحة الطبية في تركيا و انعاش سوقها الطبي و السيطرة الكاملة على الساحل السوري للاستفادة من تلك الاستثمارات التي تعتبر منافسة لسواحلها في انطاليا و غيرها من السواحل التركية و ذلك بالاستثمار الطويل الامد فيها من خلال عقود حصرية بالاضافة الى الاستفادة من السياحة الدينية في سوريا , و اخيرا عملت تركيا على تعميم العملة التركية في سوريا و اصبحت من العملات الرئيسية في سوريا و ذلك بتصريح من الهئية عندما سمحت بتداول الدولار الامريكي و الليرة التركية بجانب الليرة السورية و طبعا في الكثير من المناطق السورية التي كانت تحت الحماية او الادارة التركية كانت و مازالت تسخدم الليرة التركية بشكل رسمي و معلن و كانت العملة الاساسية في تلك المناطق , و تلك الاستراتيجية سترفع تدريجيا قيمة الليرة التركية التي هي في انهيار مستمر منذ سنوات , و ذلك عندما يتم التداول بعملتهم من قبل عشرون مليون سوري سيزيد الطلب عليها و ستكون تركيا قد رفعت قيمة عملتها بشكل تلقائي , بالاضافة الى الاستثمار في قطاع الطيران و الاستثمار الطويل الآمد في المطارات السورية و سكك القطار والموانئ , و لا ننسى بأن تركيا تهدف إلى اغراق سوريا بالسيارات التركية الصنع بالاضافة الى الاجهزة الالكترونية التركية ، باختصار شديد تركيا تعمل على احتلال سوريا برا و جوا و بحرا و تستولي على جميع خيراتها الظاهرة والباطنة و تريد ان تكون المشرفة على جميع القطاعات الصحية و التعليمية و المناهج الجديدة و العطل الرسمية و كيفية توزيع المناصب و حتى على صعيد الاعلام و الدراما و بقية القطاعات الأخرى .

سقوط نظام بشار الأسد وعودة السوريين إلى وطنهم يحملان تأثيرات ايجابية على الاقتصاد التركي وهذا ما قد خططوا له الاتراك منذ اندلاع الثورة السورية , فسوريا تعتبر المنقذ للاقتصاد التركي المتذبذب و تسعى تركيا بكل قوتها لاستغلال موارد سوريا الطبيعية و كفائاتها البشرية و خيراتها و موقعها الجغرافي لتخفيف حجم التضخم في اقتصادها و رفع قيمة عملتها و تحقيق فائض ايجاب كبير في ميزانها التجاري وتوفير مئات الالاف من فرص العمل لشعبها ، فسوريا هي ستكون الخاسر الأكبر لهذا الاحتلال التركي الاقتصادي و تركيا هي ستكون الرابح الأكبر ان تحققت كل أهدافها و خططها التي رسمتها منذ سنوات ، و تبقى الكلمة العليا للشعب السوري فهل سيقبل بأن تذهب كل خيرات البلاد الى تركيا ؟ هذا ما سنعرفه في الأشهر المقبلة .