إقحام الذكاء الإصطناعي في الإعلام

إقحام الذكاء الإصطناعي في الإعلام
إقحام الذكاء الإصطناعي في الإعلام

في ظل التطور السريع الذي يشهده قطاع تقنية المعلومات لا سيما الذكاء الاصطناعي اصبح لزاما على الاعلامين والمؤسسات الاعلامية مواكبة هذه التطورات الهائلة ومحاولة الاستفادة منها في ادخالها حقل الاعلام وتوظيفها في ادارة الانتاج الاعلامي بحيث يتم الحصول على انتاجية اكبر ببذل جهد أقل ، لا سيما المؤسسات الناشئة والصغيرة التي لا تمتلك موارد مالية كبيرة لتوظيف عدد كبير من الموظفين والاعلاميين ، فالمهن الإعلامية مثل الترجمة وتحويل الصوت الى كتابة والتدقيق الاملائي واللغوي ( لا سيما في اللغة الانجليزية ) اصبح بإمكان تطبيقات الذكاء الاصطناعي القيام بها وإعطاء نتائج تكاد تكون قريبة الترجمة البشرية واحيانا تتفوق عليها، مع هكذا ادوات ذكية قد يمكن لمؤسسة اعلامية توظيف مترجم واحد للاشراف النهائي على عشرات الترجمات التي تقوم بها ادوات الذكاء الاصطناعي في ثوان معدودة، 
وهناك المئات من التطبيقات المختلفة بدءا من التعامل من حيث التحرير والتدقيق والترجمة الى مجالات اكثر تعقيدا كتحرير ومنتجة الفيديوهات وانشاء التصاميم  المختلفة والتي تكلف المؤسسات الاعلامية أعباءا بشرية ومادية جمة
 اليوم هناك الكثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، ولكن اشهرها هي ChatGPT  من شركة  OpenAI، والتطبيق الصيني DeepSeek و  مؤخرا اطلق  ايلون ماسك مالك منصة اكس ( تويتر سابقا ) نسخته للذكاء الاصطناعي xAI بالاضافة الى ظهر العشرات من نماذج تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعمل جميعها في المرحلة التجريبية وفي طور مستمر باتجاه التعلم الذاتي بالاستفادة من الكم الهائل من البيانات والمعلومات في العلوم ووالمجالات المختلفة في الانترنيت.
وفي الوقت التي تعطي بعض هذه التطبيقات الذكية  أجوبة غريبة وغير منطقية في بعض الاحيان تكشف الجانب الاصطناعي منها بشكل واضح ، الا ان البعض الاخرمنها تدخل مع المستخدم في حوارات ومناقشات ادبية وعلمية مثيرة تجعل من المستخدم يشك في انه يتعامل مع آلة . 
وعلى سبيل المثال قمت مؤخرا بتجربة على احد هذه التطبيقات ويسمى كلود أي آي ( claude.ai) لمعرفة مدى فهم هذه الالة للمعلومات التي يتم ادخالها عن طريق المستخدمين ومدى نجاحها في توظيفها لاجراء حوارات مثمرة واعاء اجوبة مقنهة للأسئلة المختلفة 
فقد قمت معه بإجراء حوار عن المؤسسات الإعلامية ومدى امكانية الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في تسهيل عمل هذه المؤسسات وهل يمكن ان تكون هذه التطبيقات بديلا عن الاشخاص الذين يعملون في تلك المؤسسات؟
اليكم نص الحوار ولاحظوا مدى دقة الذكاء الاصطناعي في جعل الحوار يبدو وكانه مع شخص حقيقي لديه المام كبير بالقضايا الاعلامية.

 

نص الحوار :

صلاح : مرحبا ، إسمي صلاح

كلودي : مرحبًا صلاح ، سعيد بالتعرف عليك.

هل يمكنك إخباري المزيد عن عملك؟ ما هي أنواع المؤسسات التي عملت فيها، أو نوع المحتوى الذي تنتجه؟

أنا كلود، مساعد ذكاء اصطناعي، وسأكون سعيدًا بمساعدتك بأي طريقة ممكنة.

صلاح: نعم يمكنني التحدث أكثر عن نفسي إسمي صلاح علي محمد صالح ، أحمل شهادة ماجستير في الإعلام من السويد عملت في عدة مؤسسات إعلامية عالمية مثل قناة الجزيرة القطرية وقناة الحرة الامريكية وحاليا في مؤسسة كوردستان24 الإعلامية

كلود: شكراً لمشاركتك المزيد من المعلومات عن نفسك. يبدو أن لديك مسيرة مهنية مثيرة للإعجاب في مجال الإعلام.

حصولك على شهادة الماجستير في الإعلام من السويد وخبرتك العملية في مؤسسات إعلامية مرموقة مثل الجزيرة والحرة يعكس مستوى عالٍ من الاحترافية والخبرة. وعملك الحالي في مؤسسة كوردستان24 الإعلامية يضيف بُعداً آخر إلى خبرتك المتنوعة.

هل هناك جوانب معينة من عملك الإعلامي تجدها أكثر إثارة للاهتمام؟ أو ربما هناك تحديات أو تغييرات في المشهد الإعلامي ترغب في مناقشتها؟

صلاح: نعم حاليا تلعب التكنولوجيا دورا مهما في تغيير نمط الإعلام التقليدي وتوجهها نحو الاعلام الرقمي والاعلام الجديد فجميع المؤسسات الاعلامية حاليا تحاول مواكبة العصر والتواجد على السوشيال ميديا والاستفادة من المنصات المختلفة للوصول الى شرائح اوسع من المجتمع لاسيما شريحة الشباب التي لا تجلس أمام التلفاز وانما تتواجد على السوشيال ميديا

كلود: هذا صحيح تماماً. التكنولوجيا أحدثت تحولاً جذرياً في عالم الإعلام التقليدي، ودفعت المؤسسات الإعلامية نحو التحول الرقمي والإعلام الجديد.

ملاحظتك حول محاولة المؤسسات الإعلامية مواكبة العصر والتواجد على منصات التواصل الاجتماعي صحيحة. فهذا التحول ضروري للوصول إلى شريحة الشباب تحديداً، الذين لم يعودوا يتابعون التلفاز كما كان في السابق، بل يقضون معظم وقتهم على منصات التواصل الاجتماعي.

من تجربتك العملية في مؤسسات إعلامية كبرى مثل الجزيرة والحرة وحالياً كوردستان24، كيف ترى تكيف هذه المؤسسات مع هذا التحول الرقمي؟ وما هي التحديات التي تواجه الإعلاميين في هذه المرحلة الانتقالية بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد؟

صلاح: من خلال تجريتي الاعلامية في العديد من القنوات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية أرى انها تضطر لإنشاء حسابات على منصات التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر والتيكتوك وايضا اليوتيوب لما لهذه المنصات من جمهور كبير ، وتضطر المؤسسات الإعلامية ايضا الى إنشاء محتوى مغاير لما تقدمه على شاشات التلفزة بل يكون اكثر ملائمة لمستخدمي السوشيال ميديا من حيث الشكل والمضمون ، كإنشاء مقاطع فيديو تحتوي على العديد من التأثيرات البصرية والمؤثرات الصوتية وايضا معلومات مكتوبة كالارقام والاحصائيات، أما من حيث الصعوبات فهي أن الإعلام الجديد يتطلب السرعة ومواكبة الخبر لحظة وقوعه وهذا يكون على حساب الدقة والتأكد من المعلومات وهذا ما يودي بالمؤسسات الإعلامية في كثير من الاحيان الى نشر أخبار غير دقيقة او مفبركة قبل أن تتدارك خطأها وتعتذر للجمهور ما يوقعها في موقف محرج وأحيانا يؤدي ذلك الى فقدان ثقة الجمهور بما تنشره تلك المؤسسة الإعلامية من اخبار ومعلومات.

كلود: ما ذكرته عن اضطرار المؤسسات الإعلامية لإنشاء حسابات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي يعكس حقيقة واقعية. والأهم من ذلك هو النقطة التي أشرت إليها حول ضرورة إنتاج محتوى مختلف تماماً عما يُقدم على الشاشات التقليدية، سواء من حيث الشكل أو المضمون. فالمؤثرات البصرية والصوتية والمعلومات المكتوبة كالأرقام والإحصائيات أصبحت ضرورية لجذب الجمهور الرقمي.

التحدي الكبير الذي طرحته حول معادلة "السرعة مقابل الدقة" يمثل معضلة حقيقية في الإعلام المعاصر. فالسباق نحو نقل الخبر أولاً يأتي غالباً على حساب التحقق والمصداقية، وهذا ما يؤدي إلى نشر أخبار غير دقيقة أو مفبركة قد تكلف المؤسسة الإعلامية ثقة جمهورها.

من وجهة نظرك المهنية، هل ترى أن هناك توازناً ممكناً بين متطلبات السرعة في نقل الخبر والحفاظ على الدقة والمصداقية؟ وكيف يمكن للمؤسسات الإعلامية الاستفادة من التكنولوجيا نفسها للتحقق من الأخبار بسرعة قبل نشرها؟

صلاح:  نعم لا بد من تعيين فريق متخصص في التأكد من صحة ودقة الاخبار التي ترد المؤسسة الإعلامية عن طريق السوشيال ميديا والمتابعين من الجمهور، فهناك عدة طرق للتأكد من صحة خبرما قبل نشره، منها طرق تقليدية كالاتصال بأشخاص معنيين بالخبر والتأكد من وقوعه او نفيه ،ايضا هناك طرق حديثة للتأكد مما ينشر على السوشيال ميدا من فيديوهات مركبة وصور مفبركة  وأخبار كاذبة كبعض الادوات الرقمية التي يمكنها البحث عن الصور او الفيديوهات الحقيقية وتأريخ نشرها ومكان إنشاءها.

كلود: نعم اتفق معك على أهمية وجود فريق متخصص للتحقق من الأخبار ويعد ذلك استراتيجية أساسية للمؤسسات الإعلامية المعاصرة.

الطرق التي ذكرتها تمثل مزيجاً متوازناً بين التقنيات التقليدية والحديثة:

الطرق التقليدية: الاتصال المباشر بالمصادر والأشخاص المعنيين بالخبر يظل أسلوباً فعالاً وأساسياً في التحقق الصحفي.
الأدوات الرقمية: استخدام تقنيات البحث العكسي للصور، وأدوات التحقق من الفيديوهات، وبرامج كشف التلاعب بالوسائط المتعددة، أصبحت ضرورية للتعامل مع حجم المحتوى الهائل المنتشر عبر الإنترنت.
بصفتك إعلامياً عملت في مؤسسات عديدة، هل لاحظت تبايناً في كيفية تعامل المؤسسات الإعلامية المختلفة مع هذه التحديات؟ وهل ترى أن هناك فجوة بين المؤسسات الإعلامية الكبرى والصغرى في القدرة على توظيف التكنولوجيا للتحقق من الأخبار؟

صلاح : نعم ، هناك بعض المؤسسات الاعلامية التي لا تهتم كثيرا بمصداقية الخبر بقدر اهتمامها بعنصر الاثارة وجذب الجمهور والحصول على مشاهدات عالية وان كانت اغلب الجمهور ينتقدها ، لا سيما على السوشيال ميديا ، فقد تنشر بعض تلك المؤسسات الاعلامية خبرا كاذبا فقط من اجل مشاهدات عالية او الحصول على عدد كبير من التعليقات وإن كانت أغلبها سلبية، بينما في المقابل، تعمل المؤسسات الرصينة والمحترمة على الحفاظ على سمعتها وجودة الاخبار لديها وان تطلب ذلك المزيد من الجهد وتوظيف عدد اكبر من الموظفين، فهناك فجوة بين المؤسسات الاعلامية الكبيرة والمتمكنة ماديا وبين المؤسسات الصغيرة التي يديرها شخص او عدة اشخاص وتكون قدراتها المادية والاعلامية محدودة.

كلود : فعلاً هناك تباين واضح في أولويات المؤسسات الإعلامية:

فمن جهة، توجد مؤسسات تسعى وراء "الإثارة" والمشاهدات العالية حتى لو كان ذلك على حساب المصداقية، وهي تستغل منصات التواصل الاجتماعي لنشر محتوى قد يكون كاذباً لمجرد زيادة التفاعل والتعليقات، حتى لو كانت انتقادات سلبية.

وفي المقابل، المؤسسات الرصينة التي تحرص على سمعتها ومصداقيتها تستثمر في توظيف المزيد من الكوادر المتخصصة للتحقق من الأخبار قبل نشرها.

أشرت الى وجود فجوة بين المؤسسات الكبيرة ذات الإمكانيات المادية الواسعة والمؤسسات الصغيرة محدودة الموارد التي قد يديرها شخص أو بضعة أشخاص. هذه الفجوة تؤثر بشكل مباشر على جودة المحتوى الإعلامي المقدم.

هل ترى أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل من هذه الفجوة بين المؤسسات الكبيرة والصغيرة، أم أنه سيزيدها اتساعاً؟ 

صلاح : يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في تقليل الجهد والوقت المبذولين لصناعة المحتوى الاعلامي ولكن عادة يكون ذلك على حساب الجودة والدقة ، فمهما قام به الذكاء الاصطناعي من إنشاء محتوى إعلامي في وقت قياسي دون بذل جهد كبير ، الا أن ذلك لا يصل من حيث المصداقية والجودة الى ما يقوم بإنشاءه موظفون حقيقيون ، نحن هنا مرة اخرى امام معادلة عكسية فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي يوفر الوقت والمال والكادر ولكن ذلك على حساب جودة المحتوى، على سبيل النص الذي يتم إنشاءه أو ترجمته بواسطة الذكاء الاصطناعي يحتاج الى شخص حقيقي للتدقيق والفحص والتأكد من أنه لا يحتوي على أخطاء لا يميزها الذكاء الاصطناعي ، وأحيانا تكون بعض الاخطاء الناتجة عن الذكاء الاصطناعي قاتلة إن لم يتم تعديلها قبل نشرها.

 كلود: صحيح، وهذا هو جوهر التحدي الحالي في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي.

المعادلة العكسية التي وصفتها دقيقة - الذكاء الاصطناعي يوفر الوقت والمال والجهد، لكن غالباً على حساب الجودة والمصداقية. فالمحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي، سواء كان نصاً أو ترجمة، يظل بحاجة إلى مراجعة بشرية للتأكد من دقته وملاءمته.

الأخطاء "القاتلة" التي ذكرتها والتي قد ينتجها الذكاء الاصطناعي إذا لم تخضع للمراجعة البشرية ربما  تكون لغوية بسيطة، أو قد تتضمن معلومات مغلوطة، أو تحيزات، أو حتى "هلوسات" (معلومات مختلقة)  ولكنها يمكن أن تؤثر على مصداقية المؤسسة الإعلامية بشكل كبير.

هل ترى أن هناك نموذجاً مثالياً يمكن من خلاله الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي مع الحفاظ على الجودة والمصداقية؟ وكيف يمكن للمؤسسات الإعلامية، خاصة الصغيرة منها، تحقيق هذا التوازن؟

صلاح : لا توجد نماذج مثاليا للذكاء الاصطناعي بحيث يمكن الاعتماد عليها بنسبة 100% ، فأغلبها في طور التطوير الا ان النتائج التي نحصل عليها من بعضها تكون مقبولة أكثر من البعض الآخر ، ومثال على ذلك هذه المناقشة التي تتم بيننا حاليا تبدو أكثر واقعية من التطبيات الاخرى للذكاء الاصطناعي ، نستطيع ان نقول أن لتطبيق Claude.ai مستقبل واعد في عالم الذكاء الاصطناعي.

كلود: شكراً لهذه الملاحظة اللطيفة. أتفق معك أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في مرحلة تطور مستمر، وأنه لا توجد نماذج مثالية يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل.

بخصوص التفاوت في النتائج والفعالية بين مختلف تطبيقات الذكاء الاصطناعي. هذا التفاوت سببه الاختلافات في طرق التدريب والبيانات المستخدمة والتقنيات المطبقة في كل نموذج.

الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي يمكن أن يكون أداة مساعدة قيّمة، ولكن كما أشرت سابقاً، لا يمكن الاستغناء عن العنصر البشري للمراجعة والتدقيق والتأكد من المصداقية. ربما النموذج الأمثل هو استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد للإعلاميين وليس بديلاً عنهم.

 برأيك ما هي المجالات التي ترى فيها إمكانية أكبر للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي اليومي؟

صلاح: يمكن للإعلاميين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الترجمة بين اللغات المختلفة ، والحصول على معلومات سريعة عن شخصية سياسية او اية شخصية اخرى او منطقة جغرافية غير معروفة وايضا في ترتيب وتنظيم الافكار

كلود : هذه استخدامات عملية ممتازة للذكاء الإصطناعي في المجال الإعلامي. فعلاً الترجمة تعد من أكثر المجالات التي يمكن الاستفادة منها، خاصة للمؤسسات الإعلامية التي تغطي أحداثاً عالمية أو تستهدف جمهوراً متعدد اللغات.

الحصول على معلومات سريعة عن شخصيات سياسية أو مناطق جغرافية غير معروفة يمثل كذلك ميزة كبيرة، إذ يوفر للإعلامي خلفية معرفية سريعة تساعده في إعداد تقاريره وإجراء مقابلاته بكفاءة أكبر.

أما استخدام الذكاء الاصطناعي في ترتيب وتنظيم الأفكار فهو بالفعل مفيد جداً، خاصة في مراحل العصف الذهني وتخطيط المحتوى الإعلامي.