انعكاسات اتفاقية سايكس بيكو وتغير الخارطة الجيوسياسية لكوردستان الكبرى

مر اليوم 109 عام على توقيع اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي قسمت كوردستان بين 4 دول: العراق وتركيا و سوريا و ايران، ووقعت الاتفاقية بعد مباحثات سرية بين فرنسا و بريطانية و بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإلايطالية حول الخريطة الجديدة للشرق الأوسط، وأُطلق عليها اسمها نسبة إلى مهندسيها الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس.
تعد سايكس بيكو أول اتفاقية دولية اشتركت فيها دول كبرى ونصّت على تقاسم النفوذ في منطقة هلال الخصيب (ميزوبوتاميا) ومن ضمنها كامل جغرافية كوردستان .. الأرض الغنية بثرواتها، بين الدولتين فرنسا وبريطانيا، حيث حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من بلاد الشام، وجزء كبير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل، بينما امتدت مناطق سيطرة بريطانيا من جنوب بلاد الشام شرقاً إلى بغداد والبصرة والخليج العربي حتى ولد الشرق الأوسط الحالي، وضاع بين مخالبها حقوق شعوب عريقة صاحبة هذه الأرض تاريخياً.
شكلت القوى المهيمنة في الشرق الاوسط خطوط مصطنعة دون أي اعتبار للخصائص القومية والدينية والثقافية فولّدت صراعات لا نهاية لها في رسم خارطة الشرق الأوسط الحديث، ونتيجة لذلك أثرت على الكورد بشكل خاص، إذ قضت على أي أمل في إنشاء دولة كوردية مستقلة، ووزعتهم بين أربع دول، ما جعلهم شعباً بدون وطن فلم تراعِ مطالب الكورد في إقامة دولة أو حكم ذاتي لهم.
واثبتت بعدها أن مصالح القوى الكبرى والسياسات الدولية تجاهلت حقوق الكرد وطموحاتهم وان هذا التجاهل لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان له تأثيرات طويلة الأمد على الهوية الكردية والنضال المستمر من أجل حقوقهم القومية والسياسية.
بنود اتفاقية سايكس بيكو
قسمت الاتفاقية المناطق العثمانية في الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية:
- المنطقة الزرقاء: تحت النفوذ الفرنسي وتشمل سوريا ولبنان.
- المنطقة الحمراء: تحت النفوذ البريطاني وتشمل العراق والأردن وفلسطين.
- المنطقة أ: تحت النفوذ الفرنسي وتضم شمال سوريا وشمال العراق.
- المنطقة ب: تحت النفوذ البريطاني وتضم جنوب العراق والأردن.
- المنطقة الفلسطينية: وضعت تحت إدارة دولية خاصة، ولكنها خضعت لاحقًا للانتداب البريطاني.
والجدير بالذكر إن حدود كوردستان كبيرة ومتفرقة ويصُعب الاتفاق على تحديدها، وحسب ما ذكر شرف خان شمس الدين البدليسى (1543 – 1603م) في كتابه الموسوم بـ ” شرفنامة” فى عام 1586 م الذي قام بترسيم حدود كوردستان بناءً على تكليف من الشاه عباس الصفوي (1571- 1929م) إذ حددها كما يلى :
- من جهة الشمال: تصل إلى جبال أررات التى تُعد حاجزاً جغرافياً وسياسياً بين كلاً من إيران وروسيا وتركيا كما تُعد تلك حدود وطنية وقومية للكرد والفرس والأرمن.
- من جهة الجنوب: تصل إلى جبل حمرين الذى يقع بين عراق العرب ( بغداد والبصرة ) وعراق كردستان العراق ( ولاية الموصل – سابقاً).
- من جهة الشرق: تبدأ من أقصى منطقة لرستان فى إيران.
- من جهة الغرب: تصل إلى ولاية ملاطية فى تركيا ، ومن ثم يكون كل سكان ولاية شرق تركيا من الكرد وحدودها واقعة فى الأراضى الكردية ، عدا ولاية طرابزون، وجزء من ولاية أرضروم.
مما لا شك فيه أن موقع كوردستان الجغرافي قد جعلها محط أنظار العديد من الطامعين من شتى دول العالم قديماً وحديثاً، حيث تعرضت على مر التاريخ لكثير من الغزوات والصراعات و مرت في العصور الحديثة بمراحل مختلفة من التقسيم وصراعات بعض الدول الكبرى الاستعمارية وفرض العديد من الاتفاقيات عليها.