
د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
الرئیس مسعورد بارزاني و صوت الحکمة في زمن الحرب

مع إندلاع الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران في حزيران ٢٠٢٥، تتجه أنظار المنطقة والعالم إلى مواقف الفاعلين السياسيين الذين يسعون لتجنيب دولهم الانزلاق إلى صراعات لا طائل منها.
وفي قلب هذه الجهود، يبرز الرئيس مسعود بارزاني، الذي يعتبره أكثرية شعب کوردستان مرجعاً وطنياً جامعاً ، كأحد الأصوات الأكثر اتزاناً وواقعية في المشهد السياسي الکوردستاني و العراقي، حيث أتخذ موقفاً حازماً يدعو إلى السلام والاستقرار، ورفض تحويل العراق إلى ساحة صراع إقليمي.
بالتأکيد يحمل الرئيس بارزاني رؤية و فلسفة واضحة تسعى إلى تفادي الانجرار لحرب إسرائيل–إيران أو أي مواجهة إقليمية على الأراضي العراقية، من خلال بناء موقف سياسي موحد و رافض للتورط المباشر في أي تصعید بین القوی الإقلیمیة و تعزيز الشراكة بين بغداد وإربيل، كأداة فعالة لبناء السلام المستدام في الشرق الأوسط.
وقد شدّد الرئیس مسعود بارزاني في أكثر من مناسبة، على أن إقليم كوردستان والعراق ككل لا يجب أن يصبحا ساحة لصراع إقليمي، مؤكدا أن العراق سوف يتضرر إذا تم جره نحو مواجهة إقلیمیة. هذه الرؤية السديدة للرئيس مسعود بارزاني لم تأتِ من فراغ، بل من تجربة طويلة في فهم التوازنات الإقليمية وتعقيدات السياسة الداخلية العراقية والإقلیمیة والدولية، ما جعله يدعو إلى بناء موقف وطني موحّد، يحترم السيادة العراقية ويرفض توظيف الأراضي العراقية في خدمة أجندات خارجية.
لقد ذهب الرئیس بارزاني أبعد من مجرد التحذير، ليضع تصوّراً عملياً للحل، عبر العودة إلى "معادلة ٢٠٠٣"، أي الشراكة، والتوافق، والتوازن، كمبادئ لإدارة الدولة العراقية. وقد صرح في أكثر من مناسبة أن على بغداد وإربيل العمل معا لتشكيل رؤية سياسية موحدة، تحول دون تفكك القرار الوطني وتبعيته للأطراف الخارجية.
في هذا السياق، أكد بارزاني أن أي تجاوز لاتفاقيات الشراكة في الحكم سيؤدي إلى ضعف العراق الداخلي، وجعل البلاد رهينةً للتجاذبات بين طهران وتل أبيب، أو غيرهما من القوى الإقليمية المتصارعة.
فإقليم كوردستان المؤمن بفلسفة الحوار و التعایش السلمي بين الأدیان و الطوائف والقومیات، لا يسعى فقط للحفاظ على الاستقرار الداخلي، بل لتقديم نموذج إقليمي للسلام. وهو المعروف بعلاقاته المتوازنة مع كل من الولايات المتحدة من جهة وإيران وتركيا والكثير من دول المنطقة من جهة أخرى، يحتفظ بمسافة واحدة من الجميع، ما يجعله مؤهلاً للعب دور الوسيط أو "المنطقة الآمنة" التي ترفض التورط وتدعو دوماً إلى الحوار.
إن تصریحات القيادة الكوردستانية أوضحت بجلاء أن الإقليم لن يسمح باستخدام أراضيه لشن هجمات على دول الجوار، وهو موقف مبدئي نابع من قناعة بأن استقرار العراق يبدأ من احترام سيادته واستقلال قراره الوطني. ففي زمن تُقرع طبول الحرب في أكثر من جبهة في الشرق الأوسط، يبقى صوت الرئیس مسعود بارزاني بمثابة جرس إنذار وعقلانية سياسية تذكّر الجميع بأن شعوب المنطقة هي الخاسر الأكبر من أي حرب، لذا نری من جانبنا لزاماً علی الأطراف الفاعلة في بغداد أن تنصت لصوت العقل الحکمة وتعمل من أجل مصلحة العراق لا مصلحة المحاور.
فهل تصغي بغداد لهذا الصوت؟ وهل تلتقط القوى الداخلية و في العراق و القوی الإقلیمیة رسالة كوردستان الواضحة بأن العراق ليس ساحة لتصفية الحسابات؟
وختاما نقول، من لا يستطيع أن يصنع السلام بين أهله، لن يصنعه في العالم و حين ترتفع صوت الحكمة، تنخفض أصوات القنابل و الصواريخ.