
د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
الرئیس مسعود بارزاني و دورە في تعزيز الهویة الکوردستانیة الجامعة

من حالفه الحظ أو سنحت له فرصة التعرف بالرئیس مسعود بارزاني عن كثب أو قرأ علی الأقل سيرته الذاتية یؤید مانقولە هنا، بأن هذا القائد یحمل في داخله منذ مرحلة مبکرة من عمله کبيشمرگة والی حین تمسکه زمام القیادة رؤیة وهدف إنساني نبیل ألا وهو الوصول الی الحریة التامة لشعبه وإستقلال دولة کوردستان.
لقد لعب الرئیس مسعود بارزاني کرجل دولة وقائد لقوات البیشمرگة البطلة دوراً رئیساً ومحوریاً في مکافحة فکر التطرف وقتال المتطرفين الإرهابیین وإیقاف المدّ الداعشي في المناطق الكوردستانیة ومن ثم دحره والإنتصار علیه.
بالإضافة الی هذا فأن الرئیس مسعود بارزاني، من خلال حكمته السياسية وخبرته التاريخية، لعب دوراً مهماً في تقوية التماسك الاجتماعي في كوردستان عبر تعزيز التعايش، وإدارة الأزمات، والدعوة للوحدة الوطنية، والعمل من أجل هوية كوردستانية جامعة. وقد ترك إرثاً سياسياً ومجتمعياً لا يمكن تجاهله في مسيرة كوردستان الحديثة.
الرئیس مسعود بارزاني كان دائماً من الداعين إلى توحيد الصف الكوردستاني، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية أو المناطقية.
فبعد الحرب الأهلية الكوردية في التسعينات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني (الذي يقوده) والاتحاد الوطني الكوردستاني، لعب دوراً كبيراً في تحقيق اتفاقية السلام عام 1998 المعروفة باتفاقية واشنطن، مما ساهم في رأب الصدع بين الأطراف الكوردستانية وتعزيز الاستقرار الداخلي.
الرئیس بارزاني شدد مراراً على أهمية احترام حقوق جميع المكونات الدينية والعرقية في كوردستان، مثل التركمان، الآشوريين، الأرمن، المسيحيين، والإيزيديين و العرب وحرص على أن تكون كوردستان نموذجاً للتسامح والتعددية، خاصة في ظل الأوضاع الطائفية التي كانت سائدة في العراق بعد 2003.
أما خلال فترة صعود تنظيم داعش (2014)، أظهر الرئیس بارزاني قيادة حاسمة، فقاد البيشمركة للدفاع عن كوردستان، خصوصاً في سحیلا و كركوك و سنجار، مما عزز من روح التضامن بين الأهالي والبيشمركة، خاصة مع احتضان كوردستان لمئات الآلاف من النازحين من مناطق العراق وسوريا، وهو ما شكّل اختباراً حقيقياً للتماسك المجتمعي، ونجحت كوردستان في تجاوزه نسبياً.
من خلال فلسفته و سياساته وخطابه السياسي، عمل الرئیس بارزاني على تعزيز الهوية الكوردستانية الجامعة التي تتجاوز الانقسامات القبلية أو الجغرافية، وشجّع التعليم، ودعم الثقافة والفنون، مما ساعد في خلق نوع من الانتماء المشترك.
ورغم الانتقادات والضغوط، استطاع الرئیس بارزاني قيادة عملية استفتاء استقلال كوردستان التاريخي عام 2017 بنجاح وبطريقة مدنية وسلمية، مما وحّد الشعب الكوردستاني في لحظة تاريخية نادرة، حتى وإن لم تُترجم نتائج الاستفتاء إلى استقلال فعلي، إلا أنها ساهمت في تعزيز الشعور بالهوية المشتركة والمصير الواحد.
أما إجتماع الأمس، 14 تموز 2025، في "پیرمام" بأربیل بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، والذي قاده الرئيس مسعود بارزاني، يُعد شاهداً حیاً على استمرارية دوره كـ"صمّام أمان" للوحدة الكوردستانية"، خصوصاً في ظل التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجه الإقليم اليوم.
هذا اللقاء المهم عكس حرص الرئیس بارزاني على فتح قنوات الحوار بين الطرفين، وتجاوز الخلافات عبر لغة التفاهم الوطني، لأنه لم يكن فقط محاولة لرأب الصدع السياسي، بل كان أيضاً رسالة واضحة للشعب الكوردستاني بأن وحدته فوق كل اعتبار حزبي.
إذن الرئیس بارزاني أظهر من خلال هذه المبادرات، أنه لا يزال القوة القادرة على جمع البيت الكوردستاني، من موقعه الرمزي والفعلي في المشهد السياسي، أنه يحمل رسالة قومية و ينثر بأفعاله و أقواله المحبة بين أفراد الشعب الكوردستاني ويشيع التفاهم مع المحیط العراقي و الإقلیمي و يخاطب العالم بلغة انسانية بليغة.
لقد حمل عام 2003 شعلة السلام الكوردية الی بغداد، مع إیمانه الکامل بأن السلام هو مدخل و أساس من أسس الإستقرار و أن العنف هو من صنع البشر.
ختاماً، علینا بخلق و بناء آفاق واعدة لمداخل وأسس الاستقرار في إقلیم کوردستان ، من خلالها يکمننا أن ننتج ونحقق في النهاية مجالات واسعة لحرية الإبداع والتفكير وتكريس الديمقراطية والحكم الرشيد ونشر ثقافة الحوار والاختلاف والمسؤولية والمحاسبة وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وترسيخ ثقافة الاحترام والتسامح والنزاهة والكفاءة وتقوية عوامل التماسك الاجتماعي بين کافة فئات المجتمع الکوردستاني.