شيركو حبيب
كاتب
الجزء السادس.. حركات بارزان الوطنية في عدد من وثائق الارشيف الوطني البريطاني
ليس من السهل الكتابة عن منطقة بارزان والبرزانيين؛ فـ «بارزان» منبع النضال والتضحية، ومدرسة الوطنية وعرين الأسود منذ حرکة الخالد الشيخ عبد السلام بارزاني. لقد رفض شجعنها وأبطالها الظلم والطغيان، وكانت مهدًا للثورات وانتصارًا للمظلوم، وتحدت كل الظالمين من أجل العيش الكريم، وإرساء أسس العيش المشترك والتآخي.
في هذه الوثائق تظهر مدى أهمية بارزان ومحاولة الحكومات ليست فقط العراقية، بل الإيرانية والتركية والبريطانية، السيطرة على بارزان ورجالاتها، إلا أن صمودها وثبات رجالها كان أقوى من المؤامرات والنوايا الخبيثة لهذه الحكومات.
تظهر الوثائق التي يتضمنها هذا الكتاب مدى إصرار قادة بارزان على إحلال السلام والأمان في المنطقة. كما تظهر شجاعة وبسالة البارزانيين وتصديهم لحكومات أربع دول، وكيفية وصول مصطفى بارزاني الخالد وأتباعه إلى حدود الاتحاد السوفيتي السابق بجدارة وفي ملحمة بطولية لا مثيل لها.
وتتحدث الوثائق أيضًا عن دور البارزاني الخالد في إعلان أول جمهورية كوردية في عام 1946م والتي سميت بجمهورية «كوردستان» وعاصمتها «مهاباد».
إن تعاليم بارزان مدرسة في الحب، والوطنية، والتسامح، والاحترام، والمساواة، وتقاسم الثروات، والحصول على المعرفة، والإصلاح الاجتماعي وحماية البيئة.
نستخلص من تاريخ بارزان الدروس والعبر من نضال وشجاعة البارزانيين.
حقا إنها مدرسة النضال، والفداء، والتضحية، والبسالة.
أتمنى أن نكون قد تمكنا من تعريف جزء يسير عن بارزان إلى القراء الكرام
هذه البرقية سرية وخاصة ويجب الاحتفاظ بها من قبل المستلم المعتمد وعدم تمريرها.
مجلس الوزراء
من بغداد إلى وزارة الخارجية
Mr Thompson
No. 592
1st August
رد إلى المكتب الرئيسي للشؤون الشرق الأوسط
1- يؤسفني أن الوضع يثير القلق مرة أخرى في منطقة (بارزان) في كوردستان العراق، بعد مجموعة متنوعة من الحوادث الصغيرة التي استمرت عدة أشهر، عاد ملا مصطفى مرة أخرى في آذار/مارس مع نحو 150 من الأتباع المسلحين كوسيط في قضية قتل قبلي في دهوك(1).
2- يحاول الوكيل السياسي في المنطقة الشمالية والسلطات المحلية حث ملا مصطفى على حل قوات الكوماندوز الخاصة به من رحلته إلى دهوك والتوجه إلى الموصل لإجراء محادثات مع المتصرف والعقيد (ميد)، يبقى أن نرى ما إذا كان مستعدًا للتصرف حسب ذلك، في هذه الأثناء، تسببت كلماته المتشددة وتحدي السلطة في أسوأ انطباع لدى السلطات، حيث هناك مقولة عامة مفادها أنه ما لم يتم وضع حدا للملا مصطفى فلا جدوى من البحث عن أي سلام في الشمال، يشعر الوزراء أنهم صبروا لفترة كافية ومن الصعب عدم الاستماع الى وجهة نظرهم.
3- تشاورت مع القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية البريطاني، ونحن متفقون في الاعتقاد أنه لا يمكننا الاستمرار إلى أجل غير مسمى مع تقديم المشورة وننصح الحكومة العراقية بتخصيص الوقت لمواجهة الاستفزازات المتكررة، في الوقت نفسه نحن متفقون أيضًا على أنه في حالة اتخاذ أي إجراء عقابي يجب التخطيط له بشكل صحيح، وتجميع قوة مناسبة ووضع مجموعة متنوعة من الترتيبات الأخرى بما في ذلك الإشراف على بناء الطرق، لقد نصح الجنرال (رينتون) الوزراء وفقًا لذلك، وقد فعلت الشيء نفسه مع التأكيد على أنه يجب أن يكون هناك تسارع مجازف جدًا، إذا كان لا يزال من الضروري الشروع في العمليات يجب اتباع هذه النصيحة البناءة فسيكون هناك ستة أسابيع على الأقل قبل أن يصبح الجيش العراقي جاهزًا.
4- لست متفائلا أنه بحلول منتصف أيلول/سبتمبر قد يتم التوصل إلى حل سلمي إيمانا من أنه قد يساعد ملا مصطفى في معرفة السبب، فقد أصدرت تعليماتي إلى العقيد (ميد) لإبلاغه أن تصرفاته الغريبة أصبحت مرهقة، وأنه إذا كان جادًا في رغبته المعلنة في ألا يسبب لنا أي مشكلة فأنا أتوقع منه أن يرقى إلى مستوى كلماته والامتناع عن المتاعب ويمتنع عن الأنشطة التي يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ إجراءات حازمة ضده، على العقيد (ميد) أن يوضح أن هذا هو آخر تحذير قد يتوقعه من سفارة جلالة الملك، وإذا استمر في تجاهله، فستكون العواقب على رأسه.
5- زادت احتمالية العمليات بشكل طبيعي من الشكاوى العراقية بشأن التأخير في استلام المعدات العسكرية، وأنا أفهم من القائد العام أن قائد منطقة الشرق الأوسط ينتظر الآن موافقة مكتب الحرب على اقتراح شخصي للتغلب على الصعوبات الحالية وأنا على ثقة من أن السلطة ستوافق عليها في جميع الظروف.
6- المندوب السامي يرجى تمريره بشكل عاجل إلى القيادة العامة.
هذه البرقية سرية وخاصة ويجب الاحتفاظ بها من قبل المستلم المعتمد وعدم تمريرها.
مجلس الوزراء
من بغداد إلى وزارة الخارجية
Mr. Thompson
No 630
15th August 1945
Repeated to M.E. Mih’s Office
برقيتي المرقمة 626
1- استمر تدهور الوضع في الشمال، وقصفت القوات الجوية العراقية مدينة (بلى) صباح هذا اليوم.
2- في هذه الأثناء الخلاف بين الجنرال (رينتون) ومجلس الوزراء العراقي حول خطة العمليات الحالية التي تتضمن على ما يبدو احتلالاً لمنطقة (بارزان) في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، حالة واحدة كبيرة هددت بتعقيدات خطيرة من الاعتداء الأمامي على موقع قوي للغاية، أجريت بالأمس مقابلة صعبة مع وزير الخارجية الذي تجاهل جميع الاعتبارات العسكرية العادية وكان شديد الانتقاد للمهمة، أخبرته أنني سأبذل قصارى جهدي لضمان التعاون، وأنني اقترحت مناقشة الموقف بالكامل مع الجنرال (رينتون)، الذي عاد إلى بغداد صباح اليوم عندما ترأست اجتماعا حضره قائد القوات الجوية.
3- أعلن الجنرال (رينتون) أن خطة العمليات الحالية تتعارض تمامًا مع المبادئ العسكرية السليمة، وأنه لا يعتقد أنه سيكون من الصواب أن يرافق أي من ضباطه الوحدات العراقية. بعد مناقشة مستفيضة شعرت خلالها أنني مضطر للإشارة إلى التداعيات المؤسفة على العلاقات الأنجلو-عراقية نتيجة قطع العلاقات بين البعثة والحكومة العراقية بشأن قضية قد ينتهزها أعداؤنا. الكثير هنا على الفور كدليل على ادعائهم أن المستشارين البريطانيين باهظو الثمن ومترفون، ولا يعودون بالنفع على البلاد، تم الاتفاق على أن أعضاء البعثة لن يشاركوا في العمليات الفعلية، بل سيساعدون في أمور أخرى حسب الطلب.
4- طلبت من الجنرال (رينتون) أن يرافقني لزيارة الوصي بالوكالة(عبدالاله بن علي) الذي طلب رؤيتي، لقد أجرينا حديثًا مرضيًا مع صاحب السمو الملكي ، ووضحت له بصراحة شديدة أنه بينما نحن جميعًا مدركين أن العمل لاستعادة النظام والحفاظ عليه في (بارزان) كان ضروريًا، لقد تجاهلت الحكومة حتى الآن بشكل مباشر نصيحتنا المشتركة والمتكررة بالامتناع عن التهور والتسرع، إذا كانت الحكومة مستعدة بينما كان هناك وقت لتعديل خططها الحالية كما نصحت به البعثة من قبل سيتم الاعتماد على المشاركة المخلصة للأخيرة، على خلاف ذلك بينما الجنرال (رينتون) شخصيا يشارك في المعركة إذا لزم الأمر، وهو يشعر أنه لا داعي لتعرض ضباطه بالخطر دون مبررات ضرورية.
5- الوصي بالوكالة ثنَّى على كل هذا بصورة جيدة جدًا، قال إنه من خلال تجربته الخاصة في حرب العصابات الماضية، أدرك تمامًا الحاجة إلى توخي الحذر وما إلى ذلك كان من الضروري للحكومة (والعبثة) العمل معًا بشكل ودي، سيتصل برئيس الوزراء بالوكالة بهدف عقد اجتماع مبكر حيث سيحضره الجنرال (رينتون) وأنا.
6- هناك أمر في الوقت الحالي، يجب توضيحه أنه عندما أكمل الجيش العراقي في نيسان/أبريل الماضي تدريباته الشتوية، نصح الجنرال (رينتون) أنه بسبب تبديل المجندين واستبدالهم بالمجندين الجدد، لذا يجب ألا تتجاوز العطلة الصيفية ستة أسابيع، وفي الواقع الأوساط العسكرية عارضت ذلك وتراجع الجيش لأكثر من ثلاثة أشهر، تم إعلام القائم بأعمال الوصي بذلك هذا الصباح، وتم شرحه بالكامل للوزراء وأنه هو السبب في عدم التفكير في التقدم إلى (بارزان) حتى وقت متأخر من شهر أيلول/سبتمبر.
تم إرسال نسخة إلى السيد ارمسترونك.