
شيركو حبيب
كاتب
دور الإعلام في الانتخابات

إن حرية وسائل الإعلام هي الضمانة الأهم لإجراء الانتخابات في أجواء من الشفافية والنزاهة وهي الأداة الأكثر فعالية لتوعية الناخبين، وتمكين المرشحين من طرح أفكارهم بموضوعية وحياد.
أما إذا اختلت المعايير في أداء وسائل الإعلام ولم يتوفر لها أجواء الحرية والاستقلال, فان دور هذه الوسائل يمكن أن يكون سلبيا. ومن هنا، فإن تحرير وسائل الإعلام وتمكينها من أداء واجباتها بحياد وموضوعية هو المدخل الأهم لإجراء الانتخابات التي تعكس توجهات الناس بصدق وعدالة وحياد.
لا يوجد ما هو ملزم في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن الإجراءات التي يجب إتباعها لتنظيم دور الإعلام في الانتخابات، ولكن هناك ممارسات ومعايير تم استخلاصها من مبادئ قانونية ملزمة.
إن دور الإعلام في الانتخابات محكوم بمبدأين في قانون حقوق الإنسان:
أولا: مبدأ الانتخاب الحر والمشاركة السياسية
ثانيا: مبدأ حرية الرأي والتعبير
هذان المبدآن من المبادئ الأساسية في جميع الوثائق والاتفاقات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وهناك أيضا مجموعة من المحددات الأساسية لدور الإعلام في تخطية الانتخابات وفي مقدمتها ضمان الحرية والتعددية الإعلامية أي حماية الإعلام من تدخل السلطة.
حرية الرأي و التعبير حسب حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني
المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948
”لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل اعتناق الآراء دون تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية“.
المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية“ لكل فرد الحق في اتخاذ الآراء دون تدخل ولكل فرد الحق في حرية التعبير وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات والأفكار من أي نوع بغض النظر عن الحدود وذلك شفاهة أو كتابة أو طباعة وسواء في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
ويجب القول يجوز إخضاع الفقرة الثانية من المادة أعلاه لبعض القيود بشرط ان تكون محددة بنص قانوني وان تكون ضرورية.
1- لاحترام حقوق الآخرين.
2- لحماية الأمن القومي او النظام العام او المصلحة العامة او الآداب العامة.
3- لحماية عقائد الشعب.
المعاير الدولية لحرية الرأي و التعبير
في تقريره السنوي عام 1999 حدد المقرر الخاص لحرية التعبير في الأمم المتحدة مجموعة من المبادئ التي يجب مراعاتها واحترامها لضمان الشفافية والحرية والتعددية في تغطية الحملة الانتخابية من قبل وسائل الإعلام حيث يؤكد التقرير على ضرورة وجود العوامل التالية:
1- تجنب سيطرة أو احتكار وسائل الإعلام من قبل فئة صغيرة، ليضمن تنوع الأفكار والأصوات.
2- يجب على الصحافة الحكومية أن تغطي جميع مظاهر الحياة الوطنية، ويجب أن لا تتحول الصحافة الحكومية الى بوق دعاية يخدم مصالح حزب سياسي واحد، أو تتحول الى وسيلة تستعملها الحكومة لإقصاء الأحزاب، والمجموعات السياسية الأخرى.
3- توفير المعلومات اللازمة للناخبين قبل انطلاق الحملة الانتخابية، وهنا على الدولة أن توفر الأجواء الحرة المطلقة لوسائل الإعلام.
4- يجب على وسائل الإعلام أن توفر معلومات حول مختلف الأحزاب السياسية والمرشحين والقضايا المطروحة في الحملة الانتخابية، وعلى الإعلام الحكومي أن يكون متوازنا وعدم الانحياز لأي جهة ما وألا يفرق بين الأحزاب أو المرشحين في توزيع حصص البث أثناء الدعاية الانتخابية.
5- عدم وجود رقابة على البث، وبث ونشر مقالات وإرشادات متعلقة بالانتخابات وعدم فرض العقوبات على وسائل الإعلام إذا قامت بنشر تقارير تضم نقدا للحكومة أو سياسة الحزب الحاكم.
6- يحظر مقاضاة وسائل الإعلام إذا نشرت تصريحات مستفزة لبعض المرشحين، أو ممثلي الأحزاب، كما يجب ضمان حق الرد أو التصحيح وان تتولى جهة مستقلة ضبط عملية التعويض.
7- توفير برامج للصحفيين والخبراء وعامة الناس لتوجيه الأسئلة لقادة الأحزاب السياسية والمرشحين.
8- على وسائل الإعلام الحكومية بصورة خاصة توعية الناخبين وإرشادهم و ذلك بتوفير معلومات عن الانتخابات وكيفية تسجيل المواطن اسمه للاقتراع، وأهمية الانتخابات.
9- يجب أن تراعى الصحافة السمعية والبصرية والمكتوبة تمثيل جميع فئات المجتمع، بما ذلك الأقليات اللغوية والعرقية والدينية والنسوة والسكان الأصليون للبلاد.
أصبح ينظر الى وسائل الإعلام على نحو متزايد أنها تلعب دورا حاسما في الانتخابات الديمقراطية والحرة، لان وسائل الإعلام تلعب دورا حيويا في نقل المعلومات الى الناخبين، وتساعدهم على اتخاذ خيار حر مبني على معلومات، ويقوم الصحفيون بهذا الدور معتمدين على ثلاثة سبل هي:
أولا: نقل رسائل سياسية من الأحزاب والمرشحين.
ثانيا: نقل معلومات مهمة عن الناخبين من المشرفين على الانتخابات.
ثالثا: عرض العملية الانتخابية، بكاملها على المراقبة والتعليق المستقلين.
ونرى هنا بان هذا الدور المهم لوسائل الإعلام يفرض التزامات أخلاقية معينة على الصحفيين والمحررين وأصحاب وسائل الإعلام والأحزاب السياسية والمرشحين.
التزامات الصحفي
1- أن يقدم معالجة دقيقة وغير متحيزة.
2- ألا يقوم بالإعلام إلا وفق حقائق يعرف مصدرها، وعليه ألا يحجب معلومات جوهرية.
3- المحافظة على السرية المهنية فيما يتعلق بمصدر المعلومات الذي اشترط السرية.
4- تصحيح أي معلومات منشورة تبين أنها غير صحيحة.
5- على الصحفي أن يعلن عن وجهات نظر المرشحين والأحزاب السياسية مباشرة، وباستخدام كلماتهم و ليس كما يصفها الآخرون.
6- يجب عليه الانتباه والحذر من لغة التعبير وتجنب استخدام لغة قد تثير مشاعر التمييز أو العنف أو العنصر أو الجنس أو الميل الجنسي أو الدين أو اللغة أو الأصل القومي أو الاجتماعي.
7- عدم قبول أي إغراء من أي سياسي أو مرشح.
8- على الصحفي عدم إخبار أي جهة سياسية أو أي من المرشحين حول محتوى تقريره.
9 عند إعلان نتائج استطلاع الرأي على الصحفي الإعلان عن الجهة التي كلفت بالاستطلاع وعدد الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع ومكان وكيفية الاستطلاع، مع هامش الخطأ مع نص الأسئلة التي طرحت على الأشخاص.
يجب على الصحفي أن يعتبر هذه التصرفات انتهاكات مهنية خطيرة:
1- الانتحال
2- سوء التفسير المغرض
3- الافتراء والقذف والتشهير والاتهامات بدون أساس.
4- قبول رشوة في أي صورة فيما يتعلق بنشر أو حجب معلومات.
التزامات المؤسسات الاعلامية
1- على وسائل الإعلام أن تفصل بين الحقيقة والتعليق
2- تغطية الأخبار الحقيقة بأمانة، ويمكن للتعليقات أن تعكس السياسة التحريرية للمؤسسة.
3- على الوسائل الإعلامية العامة تغطية ما يتعلق بالانتخابات بحيادية.
4- تشجيع الناخبين وتوفير إمكانية التعبير عن آرائهم
5- على وسائل الإعلام أن تروج للقيم الديمقراطية مثل سيادة القانون والمساءلة والحكم الصالح.
6- نشر معلومات تثقيفية عن الانتخابات.
7- يجب أن تضمن البرامج التثقيفية جميع اللغات المستخدمة والناطقة.
المبادئ التي تحكم عمل الصحفيين
1- احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفة هذه الحقيقة هي المسؤولية الأولى للصحفي.
2- خلال تأدية واجبه على الصحفي الدفاع عن مبادئ الحرية في كل الأوقات، وان يحافظ على النزاهة في جمع الأخبار ونشرها، وكذلك أن يدافع عن حق إبداء الرأي والنقد العادلين.
3- إعداد التقارير بما يوافق مع الحقيقة التي يعرف/ تعرف مصدرها الأصلي، على الصحفي أن لا يخفي معلومات هامة، أو أن يقوم بتزوير الوثائق.
4- استخدام وسائل عادلة ونزيهة للحصول على الأخبار الصور أو الوثائق أو المعلومات.
5- العمل على تعديل وتصحيح اية معلومات خاطئة نشرت، والتي تبنيت بأنها غير صحيحة.
6- التمسك بالسرية المهنية في كل ما يتعلق بمصدر المعلومات التي يحصل عليه ضمن شروط عدم كشف المصدر.
7- تجنب تقديم التسهيلات التي يسبب في التفرقة بسبب القومية واللغة والدين والجنس، التوجه الجنسي، الرأي السياسي، وعلية ادراك المخاطر الناجمة عن التمييز.
8- على الصحفي ان يعتبر ما يلي جنحة واساءة مهنية:
أ- الغش، ب- التشويه المقصود للحقيقة، ج- القذف والتشويه، تلطيخ السمعة، الاتهامات التي لا اساس لها من الصحة والمصداقية.
9- على كل من يطلق عليه صحفي الالتزام بالبنود اعلاه مع الاطار العام للقانون الوطني لكل بلد.
من كتاب اخلاقيات العمل الصحفي
المصدر:
الفدرالية الدولية للصحفيين