صبحي مندلاوي
كاتب كوردي
مالنا لنا ومالكم لكم.. نفطنا لنا ونفطكم لكم
هكذا لخصت النائبة حنان الفتلاوي رؤيتها العبقرية لحل الخلافات بين بغداد وإقليم كوردستان! جملة لو سمعها طالب في الصف الابتدائي لابتسم وقال: “يعني كل واحد يروح بحاله”. لكنها لم تأتِ من طفل بريء بل من نائبة ورئيسة حزب سياسي يفترض أنها تقرأ الدستور وتفهمه لا أن تحوله إلى نكتة على الهواء.
قد يبدو الكلام دعوة لتوزيع الحقوق لكنه في الجوهر تكريس لفكرة الانفصال النفسي والسياسي وإسقاط لمبدأ الشراكة الذي قام عليه الدستور العراقي.
حنان ليست جديدة على هذا الخطاب فهي ذاتها التي افتخرت أمام الشاشات بأنها عطلت تنفيذ المادة 140 من الدستور لأربع سنوات متواصلة وهي في اللجنة المسؤولة عن تطبيقها ضاربة عرض الحائط بقسمها الدستوري. وبعدها تخرج لتحدثنا عن الوطنية والشراكة وكأن شيئاً لم يكن.
وشخصياً وفي إحدى لقاءاتي التلفزيونية ذكرت ذلك وردت هي علي بأنها تفتخر بهذا الموقف! ولا يمكن أن ينسى العراقيون تصريحها الشهير ضد المكون السني (7×7) حين طالبت بقتل سبعة من السنة مقابل سبعة من الشيعة.
في تصريحها الأخير أرادت الفتلاوي أن تقول: “نحن نأخذ مالنا ونفطنا وأنتم خذوا مالكم ونفطكم”، وكأن العراق ليس دولة اتحادية بل شركتان مفلسَتان تتقاسمان ما تبقى في الخزينة. المشكلة أنها تعرف جيداً أن الإقليم لا يحصل على استحقاقاته كاملة منذ سنوات لكنها تفضل ترديد الشعارات التي تشعل الشارع وتزيد الكراهية بدل البحث عن حلول حقيقية.
لا شك ان هذه النائبة المتلونة يوميا مع الطرف الذي سيضمن بقاءها في البرلمان فقد كانت مرشحة المالكي حينما كان رئيسا للوزراء وكررت هذه المواقف تباعا وهي اليوم مرشحة مع السوداني !! ليست بعيدة عن أجواء ما بعد استفتاء 2017 حين قررت بغداد ومعها بعض الدول الإقليمية معاقبة شعب كوردستان وكأنه ارتكب جريمة لمجرد أنه عبّر عن رأيه. حصار اقتصادي وإغلاق حدود وتحركات عسكرية وقرارات سياسية وقضائية، والهدف واحد: إضعاف الإقليم وكسر إرادته.
لكن إن كانت الفتلاوي جادة في مبدأ “مالنا لنا ومالكم لكم، نفطنا لنا ونفطكم لكم” فأنا أقول لها: على بركة الله. لكن قبل ذلك نفذوا المادة 140 من الدستور بحذافيرها، وبعدها لنتحاسب على المال والنفط، وحينها سنرى من الذي سيغضب أولاً ومن الذي سيفهم أن اللعب بالشعارات أسهل من مواجهة الحقائق.
السياسة ليست سوق هرج حتى نوزعها بشعارات فارغة مثل مطلقيها، بل ميدان التزامات دستورية، ومن لا يحترم الدستور فليبحث له عن ميدان آخر غير العراق.